لدى كل منّا ثروة عظيمة لو استطعنا أن نستغلها خير استغلال لحيينا حياة سعيدة ولحققنا إنجازات عديدة ومميزة، إنها ثروة الوقت. هذه الثروة التي بات يستعصى علينا إدارتها والاستفادة منها؛ ففي وقتنا المعاصر تتزاحم المهام الفردية مع متطلبات الحياة الروتينية، وأحيانًا مع بعض العادات والتقاليد الاجتماعية، الأمر الذي يحتم على المرء اتباع إستراتيجية خاصة تجعله قادرًا على الإنجاز والعطاء واكتساب الكثير من المعارف الجديدة والمهارات المميزة بطريقة متوازنة وفي وقت محدد.
إن عملية التخطيط لإدارة الوقت عملية ليست يسيرة وفي ذات الوقت ليست عملية صعبة، إنها تختلف من فرد إلى آخر، بحسب الظروف الخاصة، وبحسب كمية الأعمال والأهداف المطلوب تحقيقها، وبحسب القدرة على الالتزام بهذه الآلية. وبذا نلحظ بأنه لا يمكن اعتماد آلية موحدة يسير عليها الجميع. إنها آليات متنوعة كتنوع الظروف والشخصيات والمهام. المعتقدات أيضًا تلعب دورًا مؤثرًا في وضع آليات لتخطيط الوقت؛ فالبعض يؤمن بمقولة ضرورة النوم لمدة ثمان ساعات يوميًا، بينما يرى آخرون أنهم يكتفون بالنوم لمدة أقل من ذلك قد تصل إلى أربع ساعات في اليوم. إن اتباع آلية ناجحة لإدارة أوقاتنا فن يخططه المرء لنفسه، كما أنه فن لا يتقنه إلا من استشعر أهمية ثروة الوقت أولًا، ثم أهمية قيمة ما سينجزه ثانيًا، كثيرون في مجتمعنا أهدروا فرص ثمينة في حياتهم لأنهم لم يستغلوا الوقت ذاته، وليست الفرصة التي كانت أمام أعينهم هي المهدرة؛ لأن الفرص متاحة على الدوام ولكن الوقت إن ذهب لا يعود فمرحلة الطفولة وقت، ومرحلة الشباب وقت، ومرحلة المراهقة وقت، ومرحلة الدراسة وقت ومرحلة العمل وقت وهكذا .. وكثيرون احتجوا- وهْمًا – بأنه لا يوجد لديهم وقت لعمل شيء آخر غير الأعمال الروتينية التي اعتادوا عليها. إذا أيقن كل فرد بأن في داخله طاقة كامنة للإبداع والعطاء وقابل هذا اليقين بوعيٍ كبير بأهمية الوقت وذكاءٍ في إدارته فسيرى إنجازاته ويفخر بها، وسيشعر بقيمة وجوده في مجتمعه.
وتبقى مسألة الالتزام الدقيق بجدول المهام إشكالية لدى البعض، إذ يتم الانتهاء من المهام المخطط لإنجازها في أسبوع في مدة أطول ربما أسبوعين أو أكثر، هنا ينبغي وضع أوليات للمهام لتفادي أضرار التأخر في الإنجاز، كما ينبغي أن ندرك بأن هذا التجاوز للوقت المحدد لا يعني فشلنا في استغلال أوقاتنا أو عدم قدرتنا على التخطيط، فما دمنا ننجز فنحن ناجحون في حياتنا وقادرون على إدارتها بشكل أفضل.