غيّر أفكارك…قبل أن تغيّرك!


أفعالنا
..أقوالنا..معتقداتنا..تفكيرنا..من المسئول عنها؟ ثمة أسئلة تطرح في الفضاء الكبير للغرفة الصغيرة…غرفة العقل هي ما أقصده!
وقبل أن أسكب (ادلق) ما يدور داخل عقلي, أود الإعذار من القراء الأحبة.. لأن المقال طويل
..حاولت ان أختصره فرفض..قبلت يديه وقدميه لكي يكون قصيرا إلا أنه أبى..فما العمل,. لذلك على القراء شديد الملل أن يقرأوا آخر نصيحتين فقط والعوض على الله..
كثيرا ما نواجه مشكلات في حياتنا نقف أمامها عاجزين, وكثيرا ما نصادف مواقفا تخوننا الأقوال والأفعال حيالها فنقف أيضا عاجزين.. وشعارات هذه المشكلات تتضمن أقوال مثل…”حاولت أن أغيّر من نفسي فلم أفلح
..جربت هذه الوصفة..شربت ماء الورد, أكلت خمس ورقات بلوط فلم يفلح..لم يعد ينقصني سواء تناول أقراص عصير (جوارب) أو أدهن جسدي بدم (الحردون) كما نصحنا بذلك بعض عتاة (*) المدارس ونحن صغار لكي نتحمل ألم (ضربات) المعلمين…. ”
إذا لم تفلح كل الطرق في تغيير حياتك والتغلب على الصعوبات فسوف تعرف لاحقا أنه إما أن تكون الطرق تلك لا تلائمك أو أنك لم تبذل جهدا كافيا لإنجاح تلك الطرق في إحداث التغيير المنشود
..هذا يعني بشكل ما أن دم الحردون (جدلا) قد ينفع!
ذات يوم وبينما كنت أجلس في الطائرة قرأت كتاب (أسرار عقل المليونير) لكاتبه تي هارف إيكير
T Harv Eker. وهذا الكتاب رائع بحق, ليس لأنه يشرح كيف يصبح المرء مليونيرا بل لأنه يشرح لماذا لم يصبح الكثير منا مليونيرات! وقد تطرق في شرح أسبابه هذه إلى موضوع هام يكمن وراء الفشل في تحقيق أحلام الثراء..والسبب هو ..المعتقد..أو نمط التفكير لكي لا ندخل في حرب مصطلحات .. ومن هنا كان المنطلق..وبدأت الحكاية..
كيف تتكون أنماط التفكير؟
ثمة طرقٌ عدة يتكون فيها نمط التفكير. فمثلا قد يتكون نمط التفكير بأن نُعجَب بفعل واحد من الأصدقاء أو الأهل فنقلده, ثم نكرر فعل ذلك الشيء حتى يصبح عادة, ثم تتحول العادة إلى ممارسة ثم تتحول الممارسة إلى معتقد في نهاية المطاف. إنه أشبه بسلسلة من المراحل التي يُتوج في نهايتها نمط التفكير.
مثال إيجابي على التفكير هو الطفل الذي يرى والده يقرأ الجرائد اليومية, فيحاول تقليده, ثم يجد أن الأمر مسليا فيبدأ القراءة بشكل يومي, ثم يحب القراءة أكثر فأكثر فينطلق إلى الكتب ويقرأها بنهم حتى يصل إلى مرحلة عدم القدرة على العيش بدون قراءة ويبدأ يعتقد أن القراءة لازمة في الحياة لزوم الماء والهواء وينعكس ذلك على تصرفاته, فتجده يُسرّ مثلا قبل التهام شوكولاتة كادبوري أن يقرأ أي شيء مكتوب على مغلف الشوكولاتة مثل المحتويات أو السعرات الحراية. وهذا الإنعكاس على تصرفاته يجعله يحث غيره على القراءة ويبادر إلى أنشطة تحث على القراءة وغيرها من التصرفات المشابهة.
أنماط التفكير
سأقوم بسرد بعض الأنماط التي تكررت أمامي في الحياة. وهي تنقسم إلى خمسة أنماط كما يلي:
1. نمط “الحياة مستحيلة“
هذا النمط دائما يرى أن أشراط الحياة مستحيلة المنال. ويرى أن الآخرين نجحوا لأنهم محظوظون ليس إلا, وأنهم لو فقدوا الحظ الذي منحهم الله إياه لماتوا جوعا! لا يحاول أن يغير من نفسه لأنه استسلم لنمط تفكيره السلبي. يعتبر كل نجاح مصدره الحظ والمحسوبية, وكل محاولة دون الشرطين السابقين مآلها الفشل والألم.
الحل:
أقول لصاحب هذا النمط, أن الحياة ليست مستحيلة بل صعبة! (ما شاء الله!). أي إنها حقا صعبة لكنها ليست مستحيلة. فلو راجعت كل مراحل الحياة لوجدت مشقة في كل مرحلة. مثلا, مولدك وصراخك حين ولوجك إلى الدنيا وحاجتك إلى اعتناء الأطباء بك. أول يوم في المدرسة وصراخك رغبةً في التحرر من قيود الزي المدرسي والعودة إلى (السرمحة) في الشوارع. الامتحانات السنوية التي لا تزيد الحياة إلا مزيدا من التعقيد ومزيدا من الخرّيجين!.
المشكلة تمكن في تعاملك مع تلك الأحداث أو المشقات واعتبارك لها أنها مجموعة مشاكل. فكّر في الأحداث والمشقات على أنها مراحل وليست مشاكل فستجد أن هذا هو الحل. إنك لو فكرت برهة, لوجدت أنه قبيل الامتحانات تعيش في ضغط كبير .. فتتساءل .. متى سيأتي اليوم الذي ينتهي فيه كابوس الامتحانات؟ سوف يجيبك عقلك (بعد عشرة أيام). إذن هي ستنتهي سواء شئت أم أبيت لكن المهم كيفية إدارتك لتلك الأيام العشرة. تعامل معها على أنها مراحل وليس مشاكل وسوف تنجح وتتخلص من القلق المصاحب لتلك المراحل. وهذه ليست دعوة للتبسيط المفرط بل هي مرحلة تفكير عقلاني في تلك المراحل وكيفية تحقيق النجاح في كل مرحلة.
إذا اعتدت أن تجيب لدى سؤالك عن حالك أنك بخير والحمد لله وأن الامتحانات تسير بشكل جيد لكنها تحتاج إلى مذاكرة كثيرة وأنا أذاكر الحمد لله وتوكلت على الله لهذا سوف أنجح, فإن النجاح سيكون حليفك. جرّب…!
2. نمط “سوف أفعل“
هذا نمط رائع
..كل يوم يقول أنه سيفعل..لديه قائمة “سيفعل” كبيرة مليئة بالأحلام…لكنه لن يفعل لأنه … (سيفعل)! أما متى يأتي موعد (سوف), فهذا في علم الغيب.. إنه نوع من الهروب إلى الأمام..أو نوع من عادات قميئة مثل إلقاء القمامة من شرفة المنزل بدلا من عناء تركها أمام باب المنزل! يا للكارثة!
وللأسف أصحاب هذا النمط عادة ما يكونوا ذوي أفكار مثمرة, وجعبتهم لا تنضب من الأفكار. والحق يقال, حينما أصبح رئيس دولة (لا سمح الله), فسوف أعين صاحب هذا التفكير وزيرا في وزارة الأفكار القومية!
الحل:
ينبغي لصاحب هذا التفكير التركيز على أفكاره. يمكن له أن يكتب كل فكرة تخطر بباله ويود تنفيذها, ويقوم بفلترة الأفكار القابلة للتحقيق من سواها ويبدأ بتطبيق تلك القابلة للتحقيق. وأنصحه بإعارة الأفكار الرائعة والتي يعجز عن تنفيذها لسبب ما, إلى شخص آخر قادر على تنفيذها.
إن التسويف أمر قاتل ويجعل صاحبه يدور في ساقية ماء بلا نهاية
3. نمط “لا داعي للقلق“
هذا النمط من التفكير يدعو صاحبه إلى عدم القلق من أي شيء على الإطلاق. هذا التفكير وإن كان مريحا إلى حد ما إلا أنه يودي بصاحبه إلى متلازمة التبسيط المفرط (أي تبسيط الأمور إلى حد يستحيل التعامل السليم والمناسب معها). وهؤلاء كثر للأسف. ونظريتهم الشهيرة (لا تقلق)ـ أي لا تفكر على الإطلاق في تطوير نفسك لأن الأمور أبسط مما تصور أيها المسكين! لا تفكر على الإطلاق في أي مشكلة أو صعوبة أو تحد, لا تقلق!..
الحل:
لهؤلاء أقول, كلا. التبسيط المفرط خطأ جسيم, والأجدر به وكما قلنا أن يتعامل الإنسان مع المشكلات على أنها مراحل تحتاج إلى خطوات لتحقيقها. وهذا يحتاج من ذلك الإنسان إلى تمرين نفسه على الجدية, لأن من يصاب بمتلازمة التبسيط المفرط عادة ما يكون غير جدّي على الإطلاق ويغلب عليه طابع الهزل السلبي الذي يدفعه دائما للضحك غير المبرر والاستهزاء بالناجحين.
هذه ليست دعوة إلى النقيض من “لا تقلق”, بل دعوة إلى التفكير السليم والمتزن في المعيقات ووضع حلول مناسبة لها…
4. نمط “لماذا أفعل“
هذا النمط هو الذي يتوهم صاحبه أنه وصل إلى حافة العلم أو الخبرة أو أنه يظن أنه لا يعلم أنه لا يعلم. يبدأ بعدها ذلك الشخص في التفكير “لماذا ينبغي أن أعمل على تطوير نفسي أو زيادة دخلي أو ممارسة رياضة. أنا بخير والحمد لله”. وهذا النمط من التفكير صعب التغيير, لأنه مقتنع أنه على صواب وأننا مجرد قراصنة بحار مهرطقين. ويكون صاحب هذا النمط من التفكير في وضع أكثر صعوبة لو كان إنسان جدليا, أي أنه لو تجرأ أحد أصدقائه ونصحه, فسوف يدخل في جدال بيزنطي عقيم يسبب الإسهال أحيانا أو الإمساك في أحيان أخرى!
الحل:
هذا النمط لا علاج له إلا لو عرف أنه فعلا لا يعرف! وبما أنه يؤمن أنه يعرف, فكيف سيعرف أنه لا يعرف! جدلية مثيرة للاهتمام حقا. سيكون من المفيد لهؤلاء تدخل الآخرين لحمايته من نفسه. يجب على أصدقائه وزملائه تنبيهه إلى نقاط ضعفه باحترام لكي يبدأ أولا في رؤية عيوبه ثم يبدأ في تشمير ساعد الجد لتغيير نفسه. وأنا دائما انصح نفسي والجميع بان ندعو الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. فإن تلك الرؤية نعمة من الله حقا!
5. نمط “لقد جربت“
وهذا النمط أيضا مشكلة بحد ذاته. يبدو لي أنه كل الأنماط متشابهة في حجم الكارثة! على العموم, هذا النمط كانت له تجربة سابقة في أي مجال من مجالات الحياة. مثلا جرب أن يدرس الفيزياء ففشل, فيصاب بعقدة, ويبدأ يتحدث عن خبرته المريعة مع الفيزياء ويكرهها ويجعل من حوله يكرهونها لأن التفكير السلبي معدٍ يا شباب
..لماذا لم تذكروني أن أذكر هذا أنفا في بداية المقال؟ مثلا, جرب أن تتثاءب أمام صديقك, سوف يصاب بموجة تثاؤب عاتية قد تعقبها موجات ارتدادية من التثاؤب!
إذن هذا النمط يخشى صاحبه من تكرار التجربة فيفشل مرة اخرى ومن ثم يبدأ في تعميم تجربته الفاشلة على مجالات أخرى فيصاب بانتكاسة شديدة ويظل متوقفا في محلِّه لا يتقدم خطوة واحدة طوال حياته.
الحل:
نقول لهؤلاء لقد واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهوال في طريق الدعوة ولم يثنه ذلك عن الطريق. ومَن مِن العظماء لم يفشل؟ لقد أصبح مملا أن أكرر أن توماس ألفا أديسون فشل مئات المرات قبل أن يتمكن من اختراع المصباح الكهربي الذي نكتب تحت ضوئه! ولو استسلم الأستاذ (أديسون) من أول او ثاني مرة لربما كنا نكتب تحت ضوء الشموع!
بيت القصيد أن الفشل ليس أخر الطريق بل قد يكون أوله, وهناك حالات لا يمكن حصرها لكثرتها عن أفراد فشلوا في البداية فغيّروا طريقهم فنجحوا نجاحا باهرا.

وحتى نلتقي,,,
(*) عتاة المدارس هم مجموعة طلبة يفضلون المكوث سنين طويلة في كل مرحلة دراسية
نصيحة لشديدي الملل…

النصيحة الأولى: إذا لم تغيّر أفكارك فسوف تقوم هي بتغييرك!
النصيحة الثانية: اقرأ المقال كاملا …أحسن لك!