الأباطرة الحمصيون في روما
بدأت قصة تولي الحمصيون مقاليد الحكم في روما مع الأمبراطورة الحمصية جوليا دومنا عندما تزوجها القائد العسكري الروماني الليبي الأصل سيبتموس سيفيروس .. فعندما شاءت الأقدار عام 193 م أن يصبح سيبتيموس أمبراطوراً ساعدته هذه السيدة المبجلة ( وهذا هو معنى جوليا دومنا ) في إدارة شؤون البلاد

دينار ذهبي يظهر فيه الأمبراطور الليبي سيبتيموس سيفيروس وزوجته الحمصية جوليا دومنا



وبشهادة الكثير من المؤرخين كان لجوليا دومنا دوراً هاماً في الحياة الثقافية في روما والمقاطعات .. إذ شكلت ما يشبه ندوة ثقافية ضمت نخبة من الفلاسفة والعلماء الكبار في تلك الفترة .. ثم توفي زوجها عام 211 م فتسلم ولديها كاراكالا وغيتا مقاليد الحكم وقيل إنها كانت وراء تعديل قانون الجنسية وإصدار القانون التاريخي الذي يعتبرمفصل في تاريخ الأمبراطورية والذي قضى باعتبار كل رعايا الأمبراطورية مواطنين رومان كاملي الحقوق إلا أن قيام كاراكالا بقتل أخية غيتا في حضرتها وتفرده بالحكم كان سبباً في اعتكافها وزوال دورها في الحياة العامة

دينار ذهبي يظر فيه على الوجه الامبراطور الليبي الأصل سيبتيموس سيفيروس
وعلى الخلف جوليا دومنا وولديها كاراكالا وغيتا
ويمكننا القول أن الدور الحمصي في البلاط الروماني لم يكن هاماً وفعالاً قبل تولي هذه المرأة الجميلة والقادرة زمام الشؤون الثقافية والاجتماعية والحقوقية في روما إذ يجب ألا ننسى أن سيبتيموس ليبي الأصل وليس سورياً لكنه مع أولاده وبتوجيه من جوليا دومنا لم يقصروا عن دعم حمص مادياً ومعنوياً فقد أعطوها حق صك العملات وأعطوا معبدها حق الحماية والاستقلال المالي هذا المعبد الذي كان والد جوليا دومنا كاهنا رئيساً.له
فلس نحاسي سك في حمص في عهد الأمبراطور كاراكالا ويظهر فيه على الخلف النسر يحمل حجر حمص المقدس وكتب حوله EMISON, ( الحمصيون )
درهم فضي ضرب في حمص يظهر فيه كاراكالا ابن الحمصية جوليا دومنا وسبتيموس سيفيروس


أما الدور الحمصي الحقيقي في حياة الأمبراطورية الرومانية فقد بدأ مع جوليا ميسا أخت جوليا دومنا التي رافقتها إلى روما وعاشت حياة الأباطرة وتعلمت أساليب الإدارة وفنون السياسة من خلال توجيهات أختها الحكيمة ففي عام 217 م وعند مقتل كاراكالا تصدى لمهمة الحكم هناك قائد عسكري آخر اسمه مكرينوس الذي ما أن جلس على العرش حتى بدأ بتقليص النفوذ السياسي للحمصيين وطلب من جوليا ميسا وعائلتها العودة إلى ديارهم ..
نفذت ميسا الأمر وعادت إلى سوريا لكن عينها كانت على روما ,, فلما وصلت إلى حمص حيث كان يتمركز جيش شرق الروماني حتى قررت لقاء الضباط وتحريضهم على احتلال روما وخلع مغتصب العرش مكرينوس ,, موّلت ميسا حملتها من كنوز معبد حمص حيث كان يُحتفظ بالحجر الأسود النيزكي الشهير وتوجهت إلى معسكر الفرقة وخطبت فيهم خطاباً حماسياً طالبت فيه بتنصيب حفيدها كاهن معبد حمص الصغير ( إلاكابالوس ) ( إله الجبل أو الإله الجابل ) أمبراطوراً فأيدها القادة وقرروا خوض الحرب معها ( ركبت ميسا جوادها وحمَّلت عرباتها بذهب الهيكل وقادت الفرقة السورية باتجاه الشمال لتقابل جيش مكرينوس الذي قدم من روما للقضاء على ما سماه فتنة فالتقى الجيشان في سهل قرب أنطاكيا حيث كانت الغلبة لإبنة حمص البطلة وفر مكرينوس منفرداً متنكراً بزي آخر لكن تنكره لم يخفيه عن أعين الذين أمرتهم بملاحقته .. فوصلوا إليه وقطعوا رأسه وأرسلوه لسيدتهم ليرتاح بالها .
دينار ذهبي تظهر فيه جوليا ميسا وقد سك في عهد تولي أحفادها الحكم
نصبت جوليا ميسا حفيدها إيلاكابال إمبراطوراً على روما وهو في الرابعة عشرة من عمره وبدأ بذلك حكم الحمصيين الحقيقي الذي دام سبعة عشر عاماً من 218 حتى 222 فترة حكم إلاكابال ومن 222 حتى 235 وهي فترة حكم الكسندر سيفيروس وهو حفيدها الآخر من ابنتها الثانية .
عمل إلاكابال بنصيحة جدته وأرسل بعد الانتصار الحاسم على مكرينوس رسالة تاريخية إلى مجلس الشيوخ الروماني يعلن فيه نفسه أمبراطوراً ويبشرهم بنقل الحجر الأسود الحمصي إلى روما حيث ستتم عبادته في العاصمة معتبراً ديانته ديانة من الدرجة الأولى
دينار ذهبي يظهر فيه الأمبراطور الحمصي إلاكابال على الوجه
والحجر الأسود محمول على العربةأثناء نقله إلى روما على الخلف

لم يكن اختيار جوليا ميسا لهذا الحفيد موافقاً فقد كان صغير السن غريب الأهواء فغلبته مغريات حياة الأباطرة فأساء استخدام السلطة وقام بأعمال جعلت من أغلب الشيوخ أعداء له .
شعرت ميسا باقتراب نهاية حفيدها إيلاكابال فطلبت منه اختيار حفيدها الآخر أليكسندر سيفيروس ولياً للعهد الذي كانت قد بدأت بإعداده للحكم من خلال تثقيفه وتدريبه إذ اختارت له أهم الفلاسفة والمربين في تلك الفترة ليكونوا عوناً له في مهمته القادمة وفعلاً صدق حدسها فعندما اغتيل إلاكابال كان حفيدها الثاني جاهز لاستلام الحكم فتمكن من قيادة الرومان ثلاثة عشرة عام كانت بشهادة المؤرخين من أفضل السنين في حياة الرومان . ..
قطعة نقود ذهبية يظهر فيها حفيد جوليا ميسا الثاني الأمبراطور أليكساندر سيفيروس
تناوب بعد أليكساندر سيفيروس على عرش روما عدة أباطرة منهم فيليب العربي وجورديان وغيرهم إلى أن قام حمصي آخر كان أحد القادة العسكريين في الشرق اسمه ( أوروانوس أنطونينوس ) بتنصيب نفسه أمبراطوراً على روما عام 253 لكن الأمبراطور فاليريان قضى عليه عام 254 ومات بطريقة غامضة والمرجح أنه غرق في مياه الفرات لدى محاولة العبور
الأمبراطور الحمصي الغامض أورانيوس
أما المحاولة الأخيرة للحمصيين لاعتلاء عرش روما فكانت بطلتها زنوبيا الشهيرة التي كانت تعتبر جوليا ميسا قدوة لها فحاولت أن تجعل من ابنها وهب اللات أمبراطوراً لكنها فشلت وبفشلها بدأ دور حمص بالحياة الرومانية بالانحسار
نقد تظهر فيه زنوبيا صاحبة آخر محاولات تسلم عرش روما