أيهما تختار الباطن .......أم الظاهر؟

إعداد : اسماء طاهر العيوطى
من الناس من يهتم بتزيين مظهره بل ويبالغ فى شراء الملابس الفاخرة وينفق أموالا طائلة ليبدو فى أحسن شكل وأفضل صورة ، كما أن هناك الكثير من يتعب نفسه حتى يكون الأفضل مكانة بين الناس ، ولكن كم شخص نظر داخله وحاول اصلاحها وفتش عن عيوبه وحاول علاج قلبه مما ألمّ به من أمراض النفس التى عادة تكون أصعب علاجا من أمراض الجسد .
من منا فكّر فى تجميل نفسه كما يتجمّل فى مرآته ومن منا اشتغل بعيب نفسه ولم يشغل باله بظاهره.
فى الحقيقة أن إصلاح الباطن أهم بكثير من اصلاح الظاهر فالله لا يحاسب على الصور ولكن على القلوب حيث أن أمراض الجسد تنتهى بانتهاء الجسد أما أمراض القلب تبدأ معاناتها بعد فناء الجسد.
عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ فالأولى بنا أن نجتهد في صلاح الباطن لأن به صلاح الظاهر، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، إلا أن هذا لا ينفي أيضًا أن صلاح الظاهر مطلوب؛ لأن به يظهر الإسلام في الناس فالإلتزام بالصلاة فى المسجد مطلوبة فلا نقول مثلا أصلى فى بيتى طالما أننى أصلى ، فالصلاة فى المسجد تشعرنا بتأدية شعائر ديننا فيحفز الآخرين على الصلاة أما لو التزمنا داخليا فقط فهذا يثبط الهمم ويضعف العزيمة لأنك لوعشت مع مجموعة لا يبدو عليها الإلتزام فتقول: لعلي من أفضلهم ، وبذلك تخور قواك ولا تتمكن من مواصلة المسيرة، فعليك بالالتزام الظاهر والاجتهاد في إصلاح الباطن، ولا يتخلف واحد عن الآخر، فإن كلاهما يصب في صاحبه، فإن التزام الباطن يترتب عليه صلاح الظاهر، والالتزام الظاهري إذا أُحسن استغلاله كان أيضًا عونًا على صلاح الباطن، ما دام الإنسان لم يُرد بذلك وجه الناس أو الرياء والسمعة، فهو مستفيد ومأجور، وتؤدي إلى صلاح الباطن، ما دام العبد قد أراد بها وجه الله.

ونحن مطالبون بإظهار الإسلام بين الناس حتى لا يضعف الإسلام ويموت بين عباد الله تعالى، والنبي عليه الصلاة والسلام كما ورد في الحديث يقول: (من أحيا سنة أماتها الناس أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب)، فنحن مطالبون أن نهتم بالأمرين معًا، وأن نجتهد في طاعة الله تعالى، وأن نلزم أنفسنا الخشية من الله تبارك وتعالى في الخلوات، وأن نجعل هذا الوقت الذي نخلو فيه وقت عبادة وقربة وأنس بالله تعالى، وليس وقت معصية وغفلة.
والسؤال هنا أيهما تختار جمال الظاهر أم صلاح الباطن ؟

محبـــــكم
علي سعيد المري