التابعى ( عطاء بن أبى رباح )


عبدا صغيرا أسود البشرة ، مفلفل الشعر ، أفطس الأنف عند أحد سيدات مكة أكرمه الله عز و جل بأن وضع قدمه منذ صغره فى طريق العلم و لما رأت السيدة اهتمام غلامها بالعلم و العبادة تخلت عن حقها فيه و اعتقته تقربا لله عز و جل لعل الله ينفع به الاسلام و المسلمين و منذ ذلك اليوم و قد أخذ عطاء بن أبى رباح المسجد الحرام دار و مدرسة و مصلى و مكان تقرب لله تعالى بالتقوى و الطاعة .


يقول عبد الله بن عمر رضى الله عنهما : أنه كان يؤدى العمرة و أقبل عليه أهل مكة بالأسألة و الفتاوى فقال لهم : " إنى لأعجب لكم يا أهل مكة أتجمعون لى المسائل لتسألونى عنها و فيكم عطاء بن أبى رباح ؟ "


أنتفع الكثيرين من علم عطاء بن أبى رباح منهم المتخصص و منهم أصحاب الحرف :


يقول ابو حنيفة : أخطأت فى خمسة أبواب من المناسك بمكة فعلمنيها حجام و ذلك أنى اردت أن أحلق لأخرج من الاحرام ، فأتيت حلاق و قلت : بكم تحلق لى رأسى ؟ فقال : هداك الله .... النسك لا يشارط فيه ، اجلس و اعط ما يتيسر لك . فخجلت و جلست ،
غير أنى جلست منحرفا عن القبلة فأومأ بأن أستقبل القبلة ، ففعلت و ازددت خجلا على خجلى .

ثم اعطيته رأسى من الجانب الايسر ليحلقه فقال : أدر شقك الايمن فأدرته ، و جعل يحلق رأسى و أنا ساكت أنظر إليه و أعجب منه ، فقال لى ما لى أراك ساكتا ؟ .... كبر ،
فجعلت أكبر حتى قمت لأذهب فقال : أين تريد ... فقلت أريد أن أمضى إلى رحلى ، فقال : صل ركعتين ثم امضى حيث تشاء .

فصليت ركعتين و قلت فى نفسى ما ينبغى أن يقع مثل هذا من حجام إلا إذا كان ذا علم ،فقلت له : من أين لك ما أمرتنى به من المناسك ؟ فقال : لله أنت .. لقد رأيت عطاء بن أبى رباح يفعله فأخذته عنه ، و وجهت إليه الناس .



و فى الختام :


كيف وصل عطاء بن أبى رباح إلى ما وصل إليه من درجة فى الدين و العلم ؟؟؟؟


لقد توصل إلى ذلك بخصلتين :


- أنه استطاع التحكم فى نفسه فلم يدع لها أى سبيل للتمتع بما لا ينفع .


-إستطاع إدارة وقته و التحكم فيه فلم يهدره فيما لا ينفع ، فعندما كان فى صغره كان يقسم وقته إلى ثلاث أقسام : قسم لسيدته يخدمها فيه أحسن ما تكون الخدمة ،و هذه تسمى الواجبات أو الوظائف و هكذا انت أيضا خصص و قت معين لواجباتك المطلوبة منك و لا تقوم بأي شيء غيرها في هذه الاوقات فهذا سبيل الراشدين سبيل الناجحين ، و قسم جعله لربه يفرغ فيه لعبادته أصفى ما تكون العبادة و أخلصها لله و قسم جعله لطلب العلم فبحث على من بقى من الصحابة و أخذ يتعلم منهم مثل ( أبو هريرة و عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير و غيرهم من الصحابة ) رضى الله عنهم أجمعين و أضف على ذلك ان تجعل وقتا للترفيه لقوله صلى الله عليه وسلم فيما معناه : روحوا عن القلوب ساعة فساعة فإن القلوب اذا كلت ملت .