وبعدها اصبحت يوميا : أنام طبيعيا 8 ساعات ، أقرأ 2-6 ساعات أتجول في الانترنت 2-4 ساعات امشي 1-2 ساعة حافي القدمين ، في بدايات المرض تجرعت سبع جرعات كيماوي و 33 جلسة أشعة وعمليتي استئصال في العنق وحافظت على الحنجرة رغم ان البطين الحنجري كان مصابا .
صممت دورة مجانية لثقافة الموت ، واثناء الجرعة الأخيرة انتهت في أول آذار 2008 وفي 18 آذار 2008 دعيت الى أوغندة في أفريقيا وحضرت بشخصي وبقيت في اوغندة خمسة أيام ، أمضيت في الطائرة 14 ساعة وكانت رحلة ممتعة ، شاركت في كثير من المنتديات الثقافية وحاضرت في تسع مؤتمرات عربية علمية في تونس ومصر والاردن والسعودية وابو ظبي ودمشق وأوغندة ، دخنت 29 سنة وتركته في 2/10/1992 لدي ارادة صلبة لا تقهر ... عمري الآن 56 سنة ومازلت في أول الشباب ، هل تعلمون ماذا يعني أول الشباب ؟ النضارة والحيوية والامل والحلم ..!!!
في 20/آب/2009 داهمني سرطان في الرئة اليسرى السفلى وكان قطره 15 سم فتصديت له بثلاث جرعات كيماوي كنت قد أرديته قتيلا تاركا له رسالة تحدي مفادها : إن كنت قادرا على إماتتي فافعل ..... واليوم هو 14/كانون الثاني 2001 ما أزال على قيد الحياة وأنعم بصحة وعافية وفكر وعقل وكمال محسود عليه ولي كامل علاقاتي الثقافية والمعملية والنشاطية وأمارس عملي النفعي على أكمل وجه وأعيش بين اسرتي وأولادي وأصدقائي وأمارس انتاج مؤلفاتي الفكرية والتراثية وقد انتجت في العام 2009 أربع مؤلفات مطبوعة وسبع مؤلفات قيد العمل وسافرت بعد بدء السرطان معي الى أوغندة أدرت في رحى تمثيلي لطائفتي ثم سافرت الى الهند وأقمت فيها عشرة ايام لنفس المهمة وأستعد الآن للسفر الى سويسرا وبعدها الى لندن ثم الدار البيضاء وسأسافر بعون الله في التواريخ التي أحددها .
يا أخوتي المسألة غاية في البساطة ... مرض السرطان يقف أمام الفريسة وقفة جبانة يدرك فعلا انه يقوم بهجوم جبان على جسد أنهكته التحاليل الطبية مستغلا منفذا من أي مكان للهجوم على الضحية التي لا حراك لها البتة ويقف في زاوية الجسد يرقب انشغال الضحية بالمرض الزاحف إليها وهو هو نفسه المتفرس والذي يستعد كافة لوجستياته للبدء بعمله العدواني والجسد مرتعد الأوصال يخشى الدخول في حفرة القبر وما ينسجه الواهمون منها ومن عذاباتها وما شابه ...هل تعلمون شيئا عن الظروف الطوبوغرافية للقبور ؟ أنا زرت القبور يوما ودخلت اليها وقمت بمونولوج للمشاهدة الحية للموت المصطنع وعدت بعدها أكتب سيرة الموت التي عشقتها جدا إذ وجدت فيها ما لم اجده في الدنيا ، وهذه دورة مجانية لثقافة الموت ، مسيرة الموت كتبتها بعد أن قررت الذهاب إلى القبر والسكن فيه وإليه مدة سبرت فيها غور القبور وتعلمت منها كل العلوم وتعرفت على خرافاتنا وخزعبلاتنا وما ضحكوا علينا حين كنا في الدنيا .
وجدت فيها السلام الآمن من أهوال الناس وإساءاتهم وجدت فيها غياب عن الوعي للهموم اليومية ، وجدت فيها كرامة محفوظة من حاجة الناس
وجدت فيها ذكريات للأعمال الجليلة التي قمت بها يوم كنت معكم
وجدت فيها نفسي ورأيت أعمالي وأدركت أن هناك الآفاق والأنفس وليس في هذه الدنيا
وجدت فيها راحة من أعباء الزوجة والأولاد ( جيب وخود ) ونفقات الدراسة في الجامعات وراحة من مشاكل حرية المشاعر
بحثت فيها عن ناكر ونكير ولم أعثر عليهما لأنهما فقط كانوا من خيال جدتي ، انتظرت لألتقيهما وأناقشهما في عملية دخولهما مسكني فلم أوفق ، سألت عنهما جيراني فتصوروا أني أهذي ومن أين أتيت بهاتين الشخصيتين الخرافيتين ، نبشت أعماقي لأجد أثرا لهما ففشلت ، وعندما أنهيت جلستي مع وحدتي في القبر الجميل خرجت منه على أمل العودة حين تسمح الظروف أو حين أقرر العودة ، ( أقرر العودة ؟ ) كيف وهل أنا صاحب هكذا قرا ر ؟ نعم وأنا احدد التاريخ وطريقة العودة وحيثياتها ، أنا مالك نفسي والمتصرف الوحيد فيها وليس كما يدعي البعض ان المرض ... هو من يقرر ..!!! الغبيّ .. السرطان حالة وهمية صغيرة يفترض ألا نشاهدها أبدا لأنها لا تستحق أن نرمقها بنظرة ، عش حياتك بثقة بالله وبالنفس وبالأصدقاء الكرام ، وأشغل نفسك بأي شيء غير الحالة المرضية ، عش حياتك بكل معطياتها ، وانتصر لذاتك فأنت أنت وكن أنت أنت
حوار مع خلية سرطانية : احببت في احد الايام ان اتحاور مع احدى خلايا السرطان في جسم الانسان...ففكرت ثم توجهت الى خلية سرطانية ، قابلتها وهي مستعجلة تريد الفتك بالانسان المسكين قفي ايتها الخلية المتهورة المتمردة قليلا لكي اكلمك قالت من انت وماذا تريد قلت : عبد من عبيد الله اريد التأمل في مخلوقات الله قالت اهلا وسهلا قلت: اذن تعرفين الادب وحسن الاستقبال قالت بلى ، قلت:اذن لم تفسدين في ارض مخلوق مسكين يحملك في احشائه قالت : اسمع ياقليل العلم والفهم....انا لا اتصرف من تلقاء نفسي ....انما انا من مخلوقات ربي الذي ابدع وصور ، وانا اعمل وفق قوانين رسمها الله لي ...ولكن فجأة يأتيني إذن وأمر ونداء خفي بالتمرد على الانسان المسكين لحكمة يريدها الخالق....فاترك عملي وواجبي وابدا بالتكاثر الغير مفيد والمستمر كي أخرب النسيج ومن ثم العضو الذي انتمي اليه.... فأنا أنتمي لعصابات إرهابية تقيم بنها اتفاقيات هجوم مشترك ونمد بعضنا لوجيستيا باللوازم ونتكاثر بسرعة من حنان حبيبات السكر وسودة الدجاج فهذا كفيل بتكاثرنا وغذاؤنا الكمالي ومن استمرار هذا التكاثر نخرب الخلايا المجاورة ونهدم الاعضاء ونحن نبقى نتكاثر بسرعة عالية وبطريقة عشوائية مضرة لابن ادم حتى نحدث الكوارث فيه ... ونهلكه ونعطيه لقمة سائغة للموت ، قلت ولكنكم ستهلكون بهلاك الانسان الذي يحملكم بداخله؟ قالت اعلم هذا ولكنها ارادة ربك ياعزيزي ولانملك اي ارادة تخالف امر الله ، وبذلك تشرف مهمتنا على الانتهاء ، قلت : ماذا نفعل اذا تمردتم علينا قالت : اتجهوا الى ربكم بكل طاقاتكم واطلبوا منه الرحمة والشفاء بالأدعية التالية :
(( إلهي ، أنا أقبل تماما مباركتك الإلهية وعلاجك الإلهي ، أنا أقبل طاقتك الشفائية الإلهية عقليا ، وعاطفيا وعضويا ، مع الشكر بإيمان صادق ))
(( إلهي ، أشكرك على معالجتي وأنامعافى عقليا وعاطفيا وأثيريا وعضويا مطهراً ومعافى وأن حنجرتي نظيفة مشحونة بالخير والصحة ومعافاة مع الشكر بإيمان صادق ))
ثم عالجوا أنفسكم عن طريق الاطباء بسرعة قبل أن ننتقل بتمردنا الى مناطق ثانية بعيدة عن مكان عملنا الاصلي ...لأننا كلما تقدمنا أكثر قلت فرصة نجاتكم . أما إذا آيستم وتم انتشارنا في الجسد وظننتم باستحالة الشفاء فلا تستسلموا بل قاومونا بالقران ففيه شفاء عظيم ، تحركوا باتجاه كهيعص وحم وألم ونون والقلم ومايسطرون وعمّ يتساءلون ؟ عن النبأ العظيم ... تحركوا بقل هو الله أحد وبآخر سورة الحشر وأول الحديد ، تحركوا بأسماء الله الحسنى وبالأسماء الأدريسية الواحد والاربعين ، لكن إيمانكم بقدرته على الشفاء ضعيف!....لقد وضع ربكم فيه سر عجيب لشفاء الامراض المستعصية لكن قلوبكم ران عليها ماكنتم تكسبون ، قلت اعوذ بالله منكم ، قالت: لاتكرهونا انما نحن احدى اسباب رحيلكم لعالم البرزخ الجميل ..وان لم تموتوا بسببنا ستموتوا بسبب اخر ، قلت لها : صدقت والله ، استودعك الله ياأيها الجندي المؤتمر بأمر ربه ، مسكين يا إنسان مسكين .. شكرا إلى الله ... شكرا لكل من أرسلوا صلواتهم إلى الله حبا في شفائي .. شكرا لإصغائكم

تجربة شخصية
الكاتب : هشام الحرك /باحث سوري