المخرج جيمس كاميرون : رحلة الصعود للقمة السينمائية




محمود الزواوي - ينطوي المشوار السينمائي للمخرج والكاتب والمنتج ومدير المونتاج والمخترع السينمائي جيمس كاميرون على عناصر التشويق التي تذكرنا بأفلام الخيال العلمي التي تخصص في تأليف قصصها وإخراجها. فقد صعد هذا المخرج خلال سنوات قليلة من سائق شاحنة إلى مخرج ومؤلف سيناريو أكثر فيلم نجاحا في تاريخ السينما، وهو فيلم تايتانيك (1997) الذي بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 845ر1 مليار دولار.
ويسير فيلمه الجديد أفاتار على خطى فيلم تايتانيك ، حيث بلغت إيراداته العالمية الإجمالية خلال الأسبوعين الأولين لعرضه 760 مليون دولار، ومن المتوقع أن يتخطى المليار دولار خلال أيام قليلة. وهناك احتمال كبير لأن ينافس هذا الفيلم فيلم تايتانيك على مركز الصدارة في الإيرادات العالمية خلال الأسابيع القادمة.


يمثل جيمس كاميرون نموذجا للفنان العصامي المثابر الذي شق طريقه من نقطة الصفر إلى القمة السينمائية، متغلبا خلال مشواره السينمائي على الكثير من العقبات قبل أن يصبح واحدا من أكثر مخرجي هوليوود نجاحا. وقد فاز خلال ذلك بما مجموعه 38 جائزة سينمائية، بينها ثلاث من جوائز الأوسكار عن إخراج وإنتاج ومونتاج فيلم تايتانيك ، بالإضافة إلى جائزة الكرات الذهبية عن إخراج ذلك الفيلم.
اقترن اسم المخرج جيمس كاميرون بأفلام الخيال العلمي ذات الميزانيات الضخمة والتي عادت بإيرادات ضخمة تفوق التوقعات. ولهذا المخرج فيلمان بين الأفلام العشرة الأولى الأكثر تكلفة في تاريخ السينما.
وجمع المخرج جيمس كاميرون عبر مشواره السينمائي الذي امتد أكثر من 30 عاما بين الأفلام الروائية والوثائقية، إضافة إلى بعض الأعمال التلفزيونية، التي تركزت على قصص الخيال العلمي. إلا أن هذه الأعمال جاءت مختلفة عن اللون الترفيهي السائد لأفلام الخيال العلمي التي تقدمها هوليوود بموضوعاتها الهادفة ومضمونها العميق الجاد.
ولم يتوقف المخرج جيمس كاميرون عن تقديم الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية التي تتركز على قصص الخيال العلمي في ذروة نجاحه وشهرته في هوليوود. فقد قدم خمسة من هذه الأفلام والبرامج خلال فترة الاثنتي عشرة سنة التي فصلت بين معلميه السينمائيين الروائيين تايتانيك (1997) و أفاتار (2009). وأسهم جيمس كاميرون خلال تلك الفترة بتطوير نظام الكاميرات الإندماجي الرقمي، وهو أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا التصوير السينمائي.
ولد جيمس كاميرون في كندا وترعرع ونشأ فيها قبل أن ينتقل مع أسرته إلى ولاية كاليفورنيا الأميركية حين كان في سن السابعة عشرة. ومع أنه تخصص في دراسة الفيزياء واللغة الإنجليزية حين التحق بجامعة ولاية كاليفورنيا في فولرتون، إلا أنه استغل كل فرصة لزيارة الأرشيف السينمائي بجامعة جنوب كاليفورنيا، إحدى أشهر الجامعات الأميركية في دراسة السينما، وقرأ كل ما وقعت عليه عيناه عن التكنولوجيا السينمائية، وخاصة ما يتعلق بالمؤثرات الخاصة التي أصبح خبيرا فيها.
وتوقف جيمس كاميرون عن الدراسة الجامعية قبل التخرج وعمل كسائق شاحنة فيما واصل الكتابة السينمائية. وكان لفيلم الخيال العلمي الشهير حرب النجوم (1977) للمخرج جورج لوكاس أكبر الأثر على جيمس كاميرون، الذي قرر بعد مشاهدة ذلك الفيلم أن يترك عمله كسائق شاحنة وأن يتفرغ للعمل السينمائي. وفي العام التالي قدم فيلم الخيال العلمي الوثائقي القصير الخلق المفترض (1978) الذي لفت فيه انتباه النقاد.
أمضى جيمس كاميرون بعد ذلك فترة في ممارسة المونتاج وفن المؤثرات الخاصة قبل أن يخرج أول أفلامه الروائية، وهو فيلم الخيال العلمي سمكة الضاري الجزء الثاني: التكاثر (1981). إلا أن الفيلم الذي ثبت مكانته السينمائية هو فيلم الخيال العلمي المدمر (1984)، علما بأن جميع استوديوهات هوليوود رفضت المجازفة بالتعامل مع مخرج مبتدىء مثله لإخراج الفيلم. وفي النهاية وافقت شركة سينمائية صغيرة على شراء سيناريو الفيلم منه مقابل دولار واحد فقط شريطة أن يخرج الفيلم بنفسه. وحقق هذا الفيلم نجاحا غير متوقع على شباك التذاكر، حيث بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 78 مليون دولار، مع أن تكاليف إنتاجه اقتصرت على 5ر6 مليون دولار فقط. وشكل هذه الفيلم قفزة نوعية في المشوار السينمائي للمخرج جيمس كاميرون، كما أنه عزز نجومية بطل الفيلم الممثل النمساوي المولد وحاكم ولاية كاليفورنيا الحالي أرنولد شوارزينيجير.
وأتبع المخرج جيمس كاميرون هذا الفيلم بمزيد من أفلام الخيال العلمي المتميزة التي حصدت مئات الملايين من الدولارات، وهي مخلوقات من الفضاء الخارجي (1986) و الهاوية (1989) و المدمر الجزء الثاني: يوم الحساب (1991) و أكاذيب حقيقية (1994).
أتاح النجاح الفني والتجاري الكبير الذي حققته هذه الأفلام الفرصة للمخرج جيمس كاميرون لإخراج فيلم تايتانيك (1997) بتكاليف قدرها 200 مليون دولار، وهو أعلى مبلغ ينفق على أي فيلم حتى ذلك الوقت. وكانت الميزانية الأصلية للفيلم محددة بمبلغ 135 مليون دولار. وعندما تم تجاوز تلك الميزانية قام المخرج جيمس كاميرون بالتنازل عن أجره عن إخراج الفيلم، وقدره ثمانية ملايين دولار، مقابل الحصول على نسبة مئوية من إيرادات الفيلم. وبلغت حصته من تلك الإيرادات 115 مليون دولار، وهو أعلى أجر سينمائي يحققه أي فنان في تاريخ السينما.
وبعد 12 عاما قدم جيمس كاميرون فيلم الخيال العلمي الجديد أفاتار الذي يواصل حاليا تسجيل الأرقام القياسية في الإيرادات، والذي أسهم في ارتفاع الإيرادات الإجمالية لأفلام جيمس كاميرون إلى نحو أربعة مليارات دولار.

الرأي الأردنية