!i!i!i!( كيف اتغير )!i!i!i!i!i!




خطوات في إصلاح الذات
كيف أتغير؟
كيف أتحول؟
من أين أبدأ؟..

إنها أسئلة كثيرًا ما تتردد داخلنا، وتطرق أسماعنا، وتلح على قلوبنا





ولعلك تفهمين أن مجرد المعرفة والعلم بخطر المعصية لا يكفي للابتعاد عنها وتركها؛ فكم من علماء اجترءوا على ما لا يجترئ عليه جاهل!
ولعلك تقولين متحيره: كم من مرة حاولت وقررت العودة، بل وحددت لنفسي يومًا أو موسمًا أبدأ منه، ويمر اليوم وينقضي الموسم وأنا على حالي!!
وكم من مرة بدأت فعلا، ولكن ما أكاد أسير في الطريق يومًا أو يومين إلا وأنتكس مرة أخرى لعوامل من داخلي، أو لطوارئ ودواعٍ من خارجي.
إذن: ما العمل؟ وأين الطريق؟


لا بد لكل منا من نقطة تحوُّل، يُحَوِّل فيها مساره إلى طريق الله، ويهجر طريق الشيطان، ويحذر قُطاع الطرق.
في السطور التالية أرجو أن تعيريني قلبك لا سمعك، وإحساسك لا عينك، ونحاول سويًّا بإذن الله أن نتلمس سبيل الوصول إلى الله عز وجل في خطوات متدرجة، استقيتها من تجارب العلماء في بدء تعاملهم وإنابتهم إلى رب العزة سبحانه وتعالى.
ومن البداية أقول لك: لا تظني أن الطريق سهل.


فما تسعين إليه قد حُفَّ بالمكاره والعقبات والأشواك، ولكنك عندما تصلين ويفتح لك مولاك الباب ستنسين كل ألم، وستودعين كل تعب، وستحسين بلذة لا تضارعها لذة دنيوية.
الحجر الصحي!


أول ما يجب أن تقوم به هو عزل نفسك عن مَواطن المعصية ورفقائها؛ حتى لا تجدي فرصة للمعاصي، فتنقطعي تمامًا عن المعصية.
ثم الزمي الإلحاح على معاتبة نفسك وتذكيرها ربها، ورددي على سمعك دائمًا أنك لا بد ستموتين عاجلا أو آجلا، وستلقى الله عز وجل فيحاسبك.

اصمتي تسلمي


درِّبي نفسك على أن تصمتي أكثر مما تتكلمي؛ فإن النفس إذا صمتت سكتت، فإذا طال سكوتها تبين لها الكثير مما كانت تخوض فيه من الباطل، وعندها تنكسر؛ إذ تعلم أنها متعرضة لسخط مولاها.
ثم عاوِدي العتاب مرة أخرى، وذكِّريها بذنوبها ومعاصيها ذنبًا ذنبًا، وعرِّفيها عقوبة كل ذنب من تلك الذنوب؛ حتى تعترف وتُقِر.

انسَي طاعاتك


إذا اعترفت نفسك بالتقصير والذنوب؛ فداومي على تذكيرها بعظيم جرائمها وذنوبها، وأوهميها أنها لم تعمل في حياتها إلا المعصية، وأنسِها في هذه المرحلة حسناتها وطاعاتها؛ حتى توقن بالهلاك إن لم تتب، ويستيقظ ضميرها، وتسيل دمعتها.
فإذا ما استيقظ ضمير نفسك، وسالت دمعتها، وأيقنت بالهلاك فأخبريها بضرورة الإقلاع عن المعاصي والاستدراك، وأن هذا لا يتأتى إلا بهجران كل أسباب المعصية؛ من أصحاب وأهل وقرابة وأدوات، وأخبريها أنها لا تصح توبتها إلا بترك ذلك كله.

أذليها بالجوع


إذا نفرت نفسك من ذلك وأبَت؛ فاكسريها بكثرة الصيام، وأذليها بالجوع؛ فإن النفس إذا آلمها الجوع تخشع وتستمع وتستسلم للمعاتبة فتقبل، فإذا لم تقبل فذكِّريها بعذاب الله وسوء المصير؛ حتى تلين لك، وعندها ستجديها تعطيك وعدًا بترك المعاصي بعد قليل، وتسوف لك متعللة بقضاء بعض حوائجها.


قاومي التسويف


إذا وجدتيها تسوف لك وتعد لأمد طويل أو قصير، فاحملي عليها حملة شديدة بالزجر والتذكير بعدم ضمان الأجل، وأنه لربما تستوفي أجلها قبل أن يحين الموعد، وأعيدي عليها ذكر العقوبات والنقم.

تحلية بعد تخلية


فإذا أذعنت لك وطاوعتك في قطع أسباب المعصية، فاعملي على إكسابها أضداد ما قطعته وفارقته؛ فابحثي لها عن صاحب مرشد بدلا من الصاحب المغوي، وعلِّميها الذكر بدلا من السهو والغفلة، وألزميها التثبت والتفكر بدلا من الطيش والعجلة، وأذقيها مناجاة الرب سبحانه وتعالى وحلاوة تلاوة كتابه، ومطالعة العلم، والتعرف على سير الصالحين وأخلاقهم، بدلا من الخوض في الباطل ومجالسة الفاسدين المفسدين، وعندها تجتمع أنوار هذه البدائل في قلبك، ويستنير عقلك بموروثات الطاعة، ويؤيدك الله بمعونته، وتقهر أنوار الطاعة أهواء نفسك؛ فتتحول الطاعة إلى طبع وعادة. مثلما كانت المعصية لها طبع وعادة.


إياك والعُجب


إذا وصلت نفسك لهذه المرحلة من الاستقامة على طاعة ربها؛ فربما نما فيها العُجب بطاعتها وتركها للمعصية، فازجريها عن ذلك، وذكريها بنظر الله عز وجل إلى ضميرها، وخوفها بحبوط هذا العمل، وشككها في قبوله.

تذكري ماضيك


وإذا نجت النفس من العجب بأعمالها فربما وقعت في الكبر والاستطالة على الناس لما ترى من معاصيهم واستقامتها، فتزدري العاصين وتترفع عليهم، عندها ذكريها بماضيها وما كانت عليه، وأقرِعي سمعها بقوله عز وجل: {كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}، وقول القائل: "رب معصية أورثت ذلا وانكسارًا خير من طاعة أورثت عزًّا واستكبارًا"، وخوفها من خاتمة السوء، حتى تعرف قدرها وتنفي الكبر عن ضميرها.
ولكن لا تعتقدي أن هذه هي النهاية؛ فكما يقولون: "إن الوصول إلى القمة سهل، ولكن الحفاظ عليها هو الصعب"، فيجب أن تكوني على حذر دائمًا، وأن ترعى نفسك وتهذبيها دومًا مما يعكر عليها صفو الطاعة؛ حتى تظلي على هذه الحالة من الاستسلام والانقياد لله عز وجل، والنفور من معصيته.

وأخيرًا عليك الدوام على الدعاء بالثبات، واحذري الانتكاسة، واعلمي أن الهداية من الله عز وجل.