عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
وقود الحياة
بسم الله الرحمن الرحيم
حلم كل صغير أن تمر الأيام سريعا لكي يكبر و يستطيع أن يفعل كل شيء من اللعب و اللهو و السهر لأوقات متاخره و يظهر ذاته و لكنها سرعان ما تتغير مع مرور الزمن فلا يستطيع ان يجد الوقت المناسب للعب أو لاى شيء كان يحلم به و السبب اتساع مداركه و تغير رؤيته للأمور فتبرز له أحلام أخرى مثل العيش في رفاهية كبيرة و التي تتمثل في فيلا أو شقه فاخره و سيارة فارهه و زوجه جميله غنية ووظيفة مرموقة و لكن سرعان ما تتغير هى الأخرى و تصبح تلك الأحلام أوهام في الخيال فقط فالشقة صغيره تكاد تلمس جدرانها أطراف الأصابع بعد فرد الذراعين ناهيك عن الأثاث المتواضع الذي يفي بأقل القليل للعيش و الزوجة يحل عليها الاكتئاب و اليأس أما الوظيفة فلا يتعدى راتبها عن ثمن وجبة فىا اليوم إلى أن يفرجها الله. تمر الأيام و يحلم بأولاد أصحاء ترف عليهم السعادة من كل اتجاه يعمل بجد ليحقق لهم مكان يشعرون فيه بأنهم أحياء. تمر الأيام و السنون و تاتى الأولاد تهاجمهم الاوبئه التى ليس لهم يد في وجودها و يحيا الفرد ليشحذ كل الهمم و يتسلح بكل ما لديه من قدرات و إمكانيات للمحافظة على وجود أنفاس و لكن الحقيقة أن موتهم أفضل من العناء لهم وله. تمر السنون و يحلم الفرد بمكان يوارى الثرى جسده فيه و يكون روضه من رياض الجنة و يأنس بوجوده مع آباءه و أجداده الذين سبقوه و تنزل عليهم الرحمات لكن ذلك الحلم أيضا لم يتحقق لعدم توفير مال لكى يقيم سكنا له ليعيش فيه على سطح الأرض و بالتالي لم يقدر على تحقيق حلم لمدفن و ينتهي الحال في مقابر يطلق عليه مقابر الصدقة ليعيش و يموت تجوز عليه الصدقة و كأن الإنسان حمل ثقيل على الدنيا و يساوى جنيهات قليلة تدفع لغير ه ليقذفوه في تلك الحفرة و ربما تاجروا في جسده ماذا بقى لنحلم به ربما نحلم بان يمن الله علينا بالجنة و يباعد عنا النار نسر على ترابها الذكي و نشرب من أنهارها العذبة و ننعم بالحور العين نحلم بان نرى ما لم تراه الأعين و لم يخطر على القلوب فى حين ان الأعين لم ترى أشياء كثيره و ضاقت بنا الأفاق و بالتالى لم يخطر على قلوبنا الا ان نلمس الحياه حتى ذلك الحلم بعد عنا فما نحن فيه إلا من جنس أعمالنا و هذا الضنك و العذاب من الإعراض عن ذكر الله . لكن لا داعي لليأس و لفقدان الامل في غد أفضل لان ذلك معناه نفاذ وقود الحياة و بالتالي ستقف عن الحركة و يصبح كل ما عليها جماد ساكن لا يتحرك فمن يخرج من بيته ليعمل سيقف لعلمه انه لا يوجد عمل و سيحل عليه الإحباط و الاكتئاب عندما لا يستطيع أن يوفر لنفسه سبل الحياة و سيظل مكانه و ستقف وسائل الموصلات لعدم وجود رواد لها و ستذبل جميع المزروعات لعدم وجود من يرعاها و ستحتضر جميع الطيور لعدم وجود ما تأكله ثم تجف جميع الانهار و لن تسطع الشمس في الأفق و سيختل النظام. فهذا الإنسان الذي خلق ليعمر الارض فسد و هلك الحرث و النسل و ما ظلمنا و لكن كنا نحن الظالمين.
على كل فرد السعى في ان يوجد له أمل لأنه وقد الحياة و لأنه هو الذي يجعل لنا الرغبه في ان نحياها و الامل هو الذى يجعلنا نجد و نتعب لكي نوفر سبل الحياة و هو الذي يجعلنا بعد ذلك ان نبتكر و نتطور و هو الذي يجعلنا نرتقي جميعا و نترك الحياة لمن ياتى بعدنا ليكمل منظومة اعمار الارض و ما احلى الامل لو علمنا السبب الاساسى في وجودنا في تلك الحياة و هو عبادة الله و كل نشاطات الفرد تندرج تحت هذا السبب و ليتنا نتخلص من الصفات الذميمة من الحقد و الحسد و الانانيه و حب الذات و غيرها لانها عوامل تدمير و نار التدمير سوف تاتى على الجميع و ما اكثر ما يوجد في صفحات التاريخ عن امم سادت و حصلت على كل مبتغاها ثم نخر سوس الصفات الذميمة في كيانها فتكبرت و احتقرت غيرها من الامم و قتلت اناس لا ناقة لهم و لا جمل و شردت أطفال و خربت ديار فما كان عقابها إلا أن واراها التراب و اندثرت في غياهب النسيان و لم يعد يتذكرها احد.
المفضلات