أسئلة خطيرة
لا تسأل سؤالاً لن تقدر على تحمل إجابته
منذ بضع سنوات روي أحد الموظفين في شركة استهلاكية كبرى للأجهزة الإلكترونية عن موقف تعرض له في بداية حياته المهنية يظن أنه لم يتصرف فيه بشكل جيد. في ذلك الوقت، كان هذا الشخص (لنطق عليه"بيت") يعمل مديرًا لمركز مبيعات بعيد يتم تشغيله جزئيًّا من خلال الكمبيوتر، وكان موظفو المبيعات يقومون بالاتصال بمركز المبيعات للاستعلام عن الأسعار والكميات وتوافر الأجهزة ومواعيد الشحن وما شبة ذلك ( وكان هذا قبل أن يتم القيام بهذه العمليات بشكل آلي تمامًا). وكان الموظفون المسئولون عن التليفونات قادرين على البحث عن هذه المعلومات على الكمبيوتر ثم إبلاغها لموظفي المبيعات.
كانت الحالة المعنوية لموظفي التليفونات منخفضة بشكل غير مسبوق. وكان معدل دوران العمالة مرتفعًا، وكان الغياب أمرًا شائعًا بين الموظفين، بالإضافة إلى تأخر نصفهم من مواعيد العمل في كل يوم تقريبًا. والأسوأ من ذلك أن الأخطاء التي يرتكبها الموظفون جعلت الشركة تبدو مفتقرة للكفاءة في أعين المشترين.
وعندما سال "بيت" الموظفين عما يجرى معهم، تلقى إجابات من هذه النوعية: "هذه الوظيفة مملة للغاية"، و"ليس هناك مجال للحصول على ترقية في هذه الوظيفة". أما أعذار الغياب والتأخير عن العمل فكانت في الغالب"لديَّ التزامات أخرى، فكما تعلم لدىّ أسرة وأطفال"، أو"لقد وصلت متأخرًا لأن حافلة المدرسة جاءت متأخرة على وقت الذهاب للمدرسة، ولم أستطع ترك الأولاد بمفردهم في المنزل"، أو"كان لدىَّ موعد مع الطبيب في يوم الجمعة، ولهذا السبب لم أتمكن المجيء".
جرب "بيت"كل الأمير التي توصل إليهالرفع الروح المعنوية للموظفين والتقليل من مشاكل الحضور، لكن لم يُجد أي منها نفعًا. فاقترح أحد الموظفين وضع برنامج "ساعات عمل مرنة"؛ حيث إن هذا البرنامج سيسمح للموظفين باختيار برامج مواعيد العمل المناسبة لاحتياجاتهم الشخصية والانضمام إليها، وسيظل الجميع يعملون خلال ساعات الذروة من 10 صباحًا إلى ٣ عصرًا، أما الساعات المتبقية الأقل أهمية فسوف يقوم بالعمل فيها مجموعة جزئية من الموظفين وفقًا لاختياراتهم الفردية (وأيضًا اختيارات المجموعة التي ينتمون إليها) ٠
وجد "بيت" أن الفكرة معقولة، لكنه شعر أنه لا يمتلك السلطة الرسمية لتنفيذها، ففعل الأمر الذي سيفعله أي شخص في هذا الموقف، فطلب من رئيسه في المقر الرئيسي السماح له بتجربة برنامج ساعات عمل مرنة. فطلب رئيسه مشورة الموارد البشرية فجاءوا له بهذا الجواب؛ "إذا سمحنا لــــ "بيت"بتطبيق برنامج ساعات عمل مرنة في مكتبه، فسوف نضطر إلى تطبيق هذا النظام في كل مكان. ماذا لوعلم الموظفين الآخرون بهذا الأمر؟ ربما سيطلبون تطبيقه. نحن نحتاج إلى دراسة هذا الأمرقبل أن تسمح بتغيير برنامج ساعات العمل الرسمية". باختصار، كان الجواب"لا، لا تسمح بذلك لقد رفض رئيس "بيت" الأمر، وأخبر "بيت" الموظفين بأنه حاول تطبيق برنامج ساعات عمل مرنة لكن الإدارة قالت: "ليس الآن"لأنهم يرغبون في دراسة الموضوع قبل تطبيقه على أية إدارة.
وسارت الأمور من سيئ إلى أسوأ، وزاد معدل تسريح العمالة، حيث ترك العمل سبعة أشخاص خلال الأسبوعين التاليين. كما ظلت معدلات الغياب والتأخير مرتفعة، ولم تتحسن الجودة. وفى النهاية تم نقل "بيت" إلى وحدة أخرى في المقر الرئيسيلتتمكن الإدارة من "مراقبة تطوربعض من مهاراته الإدارية" .
ترى ما الخطأ الذي حدث؟ عندما طلب "بيت" الإذن وضع نفسه أمام إجابة بــــــ"لا"- لا يقدر على تحملها. فبمجرد أن تلقى "بيت" الجواب-في هذه الحالة "لا، لاتجرب برنامج ساعات عمل مرنة"- وجد "بيت" نفسه واقعًا في شرك. فإذا جرب أي برنامج مهما بدا ناجحًا في البداية، فسوف تعتبره الإدارة غيرمطيع للأوامر، وسوفتبطل العمل بالبرنامج، وبالتالي تصبح الأمور أكثرسوءًا. ومن خلال إتباع طريق الإدارة، أصبح "بيت"في موقف حرج ودون مساعدة ودون أن يحقق أن نجاح، ولم يصدقه الموظفون عندما قال لهم إن الإدارة هي التي يقع عليها اللوم، وضاعت الفرصة القليلة التي كانت لديه ليغيربها سلوكياتهم نتيجة لقواعد النظام البيروقراطي.
ترك "بيت"منصبه محبطًا وغاضبًا، لكنه تعلم درسًا مهمًا تمثل في ألا يسأل سؤالاً لن يستطيع تحمل إجابته. وبالطبع هناك عواقب سلبية محتملة ترتبط بعدم طلب الإذن عندما يكون أخذ الإذن مطلوبًا قبل التصرف؛ فيجب الفاضلة بين تكلفة الجواب بالرفض في مقابل العواقب السلبية المرتبطة بعدم طلب الإذن.

*ألا تسأل سؤالا إذا كنت لن تقدر على تحمل إجابته"حكمة تتجلى مناسبتها عندما تكون في موقع بعيد (أوفي منتصف الليل قبل طق موعد مناوبة الثامنة صباحًا)، حيث يكون متوقعًا منك حرية التصرف في اتخاذ القرارات المتعلقة بأفعالك. وتنطبق هذه القاعدة أيضًا إذا كانت المؤسسة أومجموعة العمل تدعم التمكين أواللامركزية في اتخاذ القرار، أوالتنمية المهنية القائمة على التجربة.


طلب الصفح (والحصول عليه) أسهل من طلب الإذن.



  1. إن عدم طلب الإذن يزيد من تعرضك للخطر. حدد موقفين يمكنك طلب الإذن فيهما أو الموافقة قبل الشروع في التنفيذ. ما حجم الخطورة إذا قمت بالتصرف دون طلب الموافقة؟ (ها العواقب التي يمكن حدوثها فوق خط الماء أم أسفل خط الماء؟).
  2. كيف سيكون شعورك إذا لم يتم إعطاؤك الإذن؟ وما تأثير"عدم" اتخاذ القرار على المرءوسين؟
  3. من السهل اتخاذ الإجراءات وارتكاب الأخطاء إذا كنت تمتلك أساسًا معقولًا من القوة. هل تتمتع بأساس من القوة يجعل مسامحة الآخرين لك محتملة؟ كيف ستعرف ذلك؟ من الذي يمكنك الاستعانة به لإرشادك وليس لإعطائك الأذان؟
  4. الاعتذار عن الخطأ مهارة من مهارات التواصل. متى كانت آخر مرة مارست فيها هذه المهارة؟