قصة طموح, قصة نجاح, تلك القصة كانت شرارة انفجار لثورة من التقدم و الرّقي و الحضارة في اليابان تلك القصة هي قصة شاب اسمه تاكيو اوساهيرا ذلك الشاب خرج من اليابان مسافراً مع بعثةٍ تحوي مجموعة من أصحابه و أقرانه متجهين إلى ألمانيا, وصل إلى ألمانيا و وصل معه الحلم الذي كان يصبو إليه, و يراه بعينيه ذلك الحلم هو أن ينجح في صناعة محرك يكون أول محرك كامل الصّنع يحمل شعار صُنع في اليابان, ذلك حلمه, بدأ يدرس و يدرس بجد أكثر و عزيمة أكثر مضت السنوات سراعاً كان أساتذته الألمان يوحون إليه بأن نجاحك الحقيقي هو من خلال حصولك على شهادة الدكتوراه في هندسة الميكانيكا, كان يقاوم تلك الفكرة و يعرف أن نجاحه الحقيقي هو أن يتمكن من صناعة محرك, بعد أن أنهى دراسته وجد نفسه عاجزاً عن معرفة ذلك اللغز ينظر إلى المحرك و لازال يراه أمراً مذهلاً في صنعه غامضاً في تركيبه لا يستطيع أن يفكِّك رموزه. جاءت الفكرة مرة أخرى ليحلق من خلالها في خياله و ليمضي من خلال خياله نحو عزيمة تملكته و شعور أسره, تلك الفكرة: (لابد الآن أن أتَّخذ خطوة جادة من خلالها أكتشف كيف يمكن أن أصنع المحرك).
النجاح الذي نحصل عليه ينطلق من خلال فكرة نصنعها نحن و نمضي نحن في تحقيقها, تلك الفكرة مضى ذلك الشاب ليحققها, فحضر معرض لبيع المحركات الايطالية, اشترى محرك بكل ما يملك من نقوده, أخذ المحرك إلى غرفته, بدأ يفكك قطع المحرك قطعةً قطعة, بدأ يرسم كل قطعة يفكِّكها و يحاول أن يفهم لماذا وُضعت في هذا المكان وليس في غيره, بعد ما انتهى من تفكيك المحرك قطعة قطعة, بدأ بتجميعه مرة أخرى, استغرقت العملية ثلاثة أيام, ثلاثة أيام من العمل المتواصل لم يكن ينام خلالها أكثر من ثلاث ساعات يومياً كان يعمل بجدٍّ و دأب, في اليوم الثالث استطاع أن يعيد تركيب المحرك و أن يعيد تشغيله مرة أخرى, فرح كثيراً, أخذ المحرك, ذهب يقفز فرحاً نحو أستاذه، نحو مسئول البعثة و رئيسها: استطعت أن أعيد تشغيل المحرك, بعدما أعدت تجميع القطع قطعة قطعة, تنفس الصعداء, شعر بالراحة: الآن نجحتُ, لكن الأستاذ أشار إليه: لالا لم تنجح بعد!!!
النجاح الحقيقي هو أن تأخذ هذا المحرك, و أعطاه محرك آخر: هذا المحرك لا يعمل, إذا استطعت أن تعيد إصلاح هذا المحرك فقد استطعت أن تفهم اللغز, تجربة جديدة, أخذ المحرك الجديد, حمله و كأنه يحتضن أعزّ شيء إليه, إنه يحتضن الحلم, إنه يحتضن الهدف, وراح يمضي بعزيمة, دخل إلى غرفته, بدأ يفكك المحرك من جديد, و بنفس الطريقة, قطعة قطعة, بدأ يعمل على إعادة تجميع ذلك المحرك, اكتشف الخلل, قطعة من قطع المحرك تحتاج إلى إعادة صهر و تكوين من جديد, فكر أنه إذا أراد أن يتعلم صناعة المحركات فلا بد أن يدرس كعاملٍ بسيط, كيف يمكن لنا أن نقوم بعملية صهر و تكوين و تصنيع القطع الصغيرة حتى نستطيع من خلالها أن نصنع المحرك الكبير.
عمل سريعاً على تجميع باقي القطع بعد أن اكتشف الخلل و استطاع أن يصلح القطعة, ركب المحرك من جديد, بعد عشرة أيام من العمل المتواصل, عشرة أيام من الجد و العزيمة, لم ينم خلالها إلا القليل القليل من الساعات, في اليوم العاشر, طربت أذنه بسماع صوت المحرك و هو يعمل من جديد, حمل المحرك سريعاً و ذهب إلى رئيس البعثة: الآن نجحت, الآن سألبس بدلة العامل البسيط و أتّجه لكي أتعلم في مصانع صهر المعادن, كيف يمكن لنا أن نصنع القطع الصغيرة, هذا هو الحلم, وتلك هي العزيمة, بعدما نجح رجع ذلك الشاب إلى اليابان, تلقّى مباشرة رسالة من إمبراطور اليابان, وكانوا ينظرون إليه بتقديس و تقدير, رسالة من إمبراطور اليابان! ماذا يريد فيها؟: أريد لقاءك و مقابلتك شخصياً على جهدك الرائع و شكرك على ما قمت به.
رد على الرسالة: لا زلت حتى الآن لا أستحق أن أحظى بكل ذلك التقدير و أن أحظى بكل ذلك الشرف, حتى الآن أنا لم أنجح, بعد تلك الرسالة, بدأ يعمل من جديد, يعمل في اليابان, عمل تسع سنوات أخرى بالإضافة إلى تسع سنوات ماضية قضاها في ألمانيا, كم المجموع؟ أمضى تسع سنوات جديدة من العمل المتواصل استطاع بعدها أن يحمل عشرة محركات صُنعت في اليابان, حملها إلى قصر الإمبراطور الياباني, وقال: الآن نجحت, عندما استمع إليها الإمبراطور الياباني و هي تعمل تَهلّل وجهه فرحاً, هذه أجمل معزوفة سمعتها في حياتي, صوت محركات يابانية الصّنع مئة بالمئة.
الآن نجح تاكيو اوساهيرا, الآن استطاع أن يصنع ذاته عندما حَوّل الفكرة التي حلّقت في خياله من خلال عزيمته إلى هدف يراه بعينيه و يخطو إليه يوماً بعد يوم, عندما وصل إلى ذلك الهدف استطاع أن ينجح, في ذلك اليوم صنع ذاته, صناعة الذات انطلقت من ذلك الشاب ليتبنّاها كلّ عامل ياباني يرفع شعار: إذا كان الناس يعملون ثمان ساعات في اليوم سأعمل تسع ساعات: ثمان ساعات لنفسي ولأولادي و الساعة التاسعة من أجل اليابان, تلك المعنويات جعلتنا نقول العالم يلهو و اليابان يعمل, جعلتنا نفتخر بملبوساتنا و بمقتنياتنا لأنها صُنعت في اليابان.
والسؤال الان لماذا لا نكون انت و انا بداية ثورة علمية وصناعية لأمتنا و نعمل ثماني ساعات لأنفسنا و ساعة لأمتنا, ونكتب على منتوجاتنا صنع في بلاد العرب.
من كتاب صناعة الذات للاستاذ مريد الكلاب
الكلمات المفتاحية: إصرار، تحديد الأهداف، التحدي، مواجهة العوائق، التفكير بالنجاح، الصبر، تحقيق الحلم، العزيمة.
أرسل بواسطة: ضحى فتاحي
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=748
المفضلات