من منا لم يسمع بشفرة الحلاقة جيليت التي غيرت طريقة الحلاقة، وسهلت عمليت حلاقة الذقن ونزع الشعر بشكل سريع وغير مؤلم؟ مؤسس هذه الشركة هو "كينغ كامب جيليت" الذي بدأ تنفيذ فكرته متأخراً، نبعت من رغبة ذات جذور لتقديم ابتكار مميز ونافع. فما هي حكاية نجاح هذا المبتكر الذي كان شعاره الرئيسي "أن معظم الأفكار العظيمة وأفضلها هي أفكار بسيطة وغير معقدة".كان كينغ كامب جيليت يبحث طيلة حياته عن أساليب وطرق جديدة لتحسين الأشياء وتطويرها وجعلها أفضل. كان رجلاً صبوراً جداً. وكان لديه اعتقاد راسخ أنه سيبتكر يوماً ما فكرة عظيمة يحتاج إليها اغلب البشر وتجعل منه رجلاً غنياً ومشهوراً.

تمت تسميته "كينغ" عن طريق صديق للعائلة. وقد ولد عام 1855، ونشأ في شيكاغو حيث كان والده يعمل وكيلاً في شركة تحفظ الامتيازات وبراءات الاختراع. وشجعه والده مع أخويه ليعملوا بأيديهم، كي يتعرفوا عن قرب إلى طبيعة الأشياء وتركيبتها حتى يتسنى لهم اكتشاف طرق تطويرها

عندما أصبح عمر كينغ جيليت 21 عاماً كان قد اصبح بائعاً جيداً ومتمرساً، لكنه لم يكن مجرد بائع، ولنه محب للابتكار كان يقم بتلحيم المواد المعدنية ويطورها، حصل على براءات اختراع كثيرة لابتكارات بسيطة جداً في توصيل الأسلاك الكهربائية، ولكنها لم تؤمن أموالاً تذكر.

يقول جيليت: "لقد جلبت هذه الاختراعات البسيطة أموالاً لغيري، واستفاد منها غيري، ونادراً ما كنت أستفيد منها. وكان السبب الرئيسي لتسويق هذه الأفكار، وبالكاد كان وقتي يكفيني لأسافر من مدينة إلى مدينة لبيع الخردة".

في عام 1891 كان قد بلغ عمر كينغ جيليت 26 سنة، وكان قد تزوج ورزق بطفل. وقد تقدم بطلب لوظيفة بائع Baltimore Seal Company، وتم قبوله كمندوب مبيعات، ومنطقة عمله نيويورك وانكلترا.

ساعدت هذه الوظيفة كثيراً جيليت، حيث أن رئيس الشركة واسمه وليام بنتر مبتكر ممتاز، وكان هو الذي اخترع وطور سدادات الزجاجات المكونة من الفلين المغطى بالقصدير، والتي كانت تغلق أية زجاجة بسهولة وإحكام، واستفاد منها مصنعو المرطبات بخاصة. وقد نجح هذا الاختراع كثيراً، حتى أن الشركة اسمها من "بالتيمور سيل كومباني" إلى "كراون كورك وسيل كومباني" وأصبح اختراع بنتر بعد فترة بسيطة الغطاء أو السدادة المعتمدة لجميع مصنعي الزجاجات في هذه الصناعة وجعلت منه رجلاً ثرياً. وفي سنة واحدة جلب هذا الاختراع أكثر من 350 ألف دولار كعائدات على حقوق الامتياز.

ولأن المثل يقول "الطيور على أشكالها تقع"، وحيث أن لدى هذين المبدعين رغبة جامحة ودائمة للابتكار والاختراع، توطدت العلاقة ما بين كينغ جيليت ووليام بنتر، وأصبحا صديقين حميمين، وكانت أغلب محادثاتهما وحواراتهما تتركز على كيفية تطوير أشياء مفيدة وأشياء جديدة.

وفي إحدى المرات، وخلال حوار قديم وليام بنتر نصيحة إلى كينغ جيليت لا تقدر بثمن وغيرت حياته، عندما قال له: "كينغ انت دائم التفكير والابتكار، ولكن لماذا لا تفكر باختراع شيء شبيه لسدة الفلين. عندما يستعملها المرء مرة واحدة لا يستطيع استعمال المنتج نفسه مرة ثانية، لأنها ترمى بعد استعمالها لمرة واحدة، وفي كل مرة يعود إليك الزبائن ثانية طالبين المزيد، وتكون قد رفعت من نسبة أرباحك وبنيت أساساً صلباً لمستقبل مشرق".

أجابه كينغ مستفسراً: "لكن ما هو عدد الأشياء التي تتشابه مع الفلين، الدبابيس والإبر"؟ رد عليه بنتر: "لا أدري، ولا أعتقد بأنك ستخترع شيئاً كسدة الفلين، لكنك لن تخسر شيئاً إذا فكرت في هذا الاتجاه كثيراً. ويعترف بأن كلام بنتر أصبح هاجسه الأساسي، وكان يقضي الساعات الطويلة يبحث عن الأفكار ثم يرفضها بعد دقائق من التفكير بها.

كان يكتب كل يوم لائحة بأشياء يمكن تطويرها ورميها بعد أول استعمال، لكن الفكرة التي كان يبحث عنها لم تأت بسهولة وعندما أتت كانت كوميض البرق.









المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 17-20
كلمات مفتاحية: الإصرار – التحدي – التغيير – إبداع – إبتكار – اختراع – العصف الذهني – توجيه التفكير
أرسل بواسطة: محمد طه
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=429