عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 23
قصة نجاح مارك سبنسر
قصة نجاح مارك سبنسر
(لا في الزمان أو المكان أو الظروف, وإنما في الإنسان يكمن النجاح)
تشارلز بي. روس
في حقبة الستينات من القرن الماضي, فضلت والدة مارك سبنسر (أستاذة اللغة الفرنسية) الرحيل عن مصر, مهاجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية, حيث تزوجت بأمريكي أستاذ لمادة التربية واستقرت هناك, ثم رُزقت بابنها مارك في 8 أبريل 1977, في رغبة قوية في الحفاظ على أواصر العلاقات الأسرية, أصر جد مارك على مجئ الأحفاد في أجازة الصيف إلى مصر لقضاء بعض الوقت هناك.
كان ماركو (كما أحب أن يناديه رفاقه) شديد الاختلاف, فقد كان خبير وعبقري في نظام التشغيل لينكس وهو في المرحلة الثانوية, وكان يرى أن شركة مايكروسوفت قاتلة الإبداع والتطوير, وضح اختلاف ماركو من كونه جادًا طوال الوقت, يأخذ كل كلمة على محمل الجد, وهو كان مستعدًا للأخذ بيد الجميع إلى عالم لينكس.
حصل ماركو على منحة جامعية شاملة في ذات الجامعة التي يعمل فيها والداه, وتعمق في دراسة لينكس وتطويره, في هذه الأثناء كان ماركو يعاني من كثرة أصدقائه الذين يستعملون مختلف برامج الدردشة (ام اس ان, ياهو, آي سي كيو,...) للبقاء على اتصال مع بعضهم البعض, كيف يحل ماركو هذه المشكلة؟ انكب ماركو على تصميم برنامج Gaim الذي يسمح للمستخدم من خلال نافذة واحدة بالدخول على جميع خدمات برامج الدردشة في وقت واحد, دون الحاجة لتنزيل كل برنامج على حدة (بناء على مضايقات قانونية من شركة AOL تغير اسم البرنامج في الوقت الحالي).
مبادئ لا تتغير:
مبادئ ماركو الثابتة تصر على مشاركة مصدر أي برنامج يصممه مع غيره من الناس, عملًا بذات الروح التي عليها قام نظام التشغيل لينكس, وهي سياسة أثبتت جدواها, إذ سرعان ما شاركه الكثيرون حول العالم في تطوير البرنامج, فنقلوه ليعمل على غالبية أنظمة التشغيل, واستمروا في تطويره ليواكب كل جديد في عالم برامج الدردشة في وقتنا الحالي, اليوم وصل عدد مستخدمي Gaim لقرابة اثنين مليون مستخدم.
أنشأ ماركو أثناء دراسته الجامعية شركته الجديدة لتقديم الدعم الفني لمستخدمي نظام لينكس, لكن واجهته مشكلة بسيطة, فهو بدأ شركته برأس مال قدره 4 آلاف دولار, وبالتالي فهو لا يستطيع شراء سنترال تليفونات داخلي لتلقي اتصالات العملاء الهاتفية وتولي أخذ الرسائل الصوتية (كان النظام الذي يريده ماركو يكلف 10 آلاف دولار).
التزام ومثابرة:
انكب ماركو على برمجة الحل الأمثل لمشكلته: برنامج من تأليفه سماه النجمة Asterisk والذي يعمل على نظام لينكس ويحتاج لبطاقة مودم وخط اتصال هاتفي واتصال بشبكة إنترنت, ما هي أيام حتى انتهى من النسخة الأولية من البرنامج, الذي طرحه بالمجان على الإنترنت مع توفير مصدره في عام 1999, لم يكن ماركو وقتها مُركزًا جل اهتمامه على النجمة.
مع انتهاء فورة الإنترنت وإفلاس الكثير من شركاتها, قل الطلب على خدمات ماركو لدعم لينكس, الذي اضطر في ربيع 2001 من تحويل جل اهتمامه من تقديم الدعم الفني إلى خدمات الاتصالات عبر الإنترنت, وفي نهاية 2001 كانت شركة ماركو تبيع عتاد اتصالات متوافق مع برنامجه النجمة, وما هي إلا بضعة شهور حتى بدأ العمالقة يفسحون المجال لعملاق جديد بينهم, بدأت شركة إنتل في بيع بطاقات اتصال متوافقة مع برنامج النجمة, وأما آي بي ام ذات العلاقات القوية مع شركة سيسكو عملاقة إنتاج أجهزة الاتصالات, فحافظت على علاقة قوية وطيبة مع ماركو, فهي عرفت أن المستقبل له.
انتهى المطاف ببرنامج النجمة اليوم بأن تم تحميله أكثر من مليون مرة وبدأت الكثير من الشركات حول العالم في الاعتماد عليه, توفير شيفرة مصدر البرنامج جعل 350 مبرمج من حول العالم يضيفون للنجمة أكثر من 100 بريق (وظيفة), في عام 2005 أعلنت سيسكو عن نتائج دراسة أجرتها على أكبر 100 شركة استخدمت النجمة عوضًا عن منتجاتها, وهي وجدت أن الثبات والإنتاجية الغزيرة والدعم الفني القوي والتطوير المستمر والخدمة الممتازة هي أهم أسباب انتقال العملاء, وليس فقط انخفاض التكلفة.
شركة عملاقة:
يتيح برنامج النجمة اليوم لمن يستخدمه توفير قرابة 80% من تكلفة شراء عتاد الاتصالات الهاتفية في أي شركة, وهو يوفر خدمة الاتصال الهاتفي عبر الإنترنت, ويمكن توصيله بأي سنترال تليفوني في أي شركة, وهو برنامج شديد المرونة قابل للتخصيص ليتوافق مع أي متطلبات للعملاء, تستخدم شركة الكهرباء الجنوبية الأمريكية برنامج النجمة في الرد على الاتصالات الهاتفية وتحويلها إلى رسائل نصية يتم إرسالها إلى أصحابها عبر الهواتف النقالة.
توظف شركة ديجيم Digium التي أسسها ماركو في عام 1999 أكثر من 50 موظف وتدر أكثر من 10 ملايين دولار سنويًا مقابل مبيعات عتاد اتصالات يوفر المزيد من الخدمات عبر برنامج النجمة, ومقابل خدمات الدعم الفني وخدمات تخصيص البرنامج لصالح العملاء.
أثناء دراسته الجامعية عمل ماركو بدوام جزئي في شركة متخصصة في تصميم وبيع أجهزة الاتصالات الداخلية (سنترالات) لمدة سنتين, بعدما صمم برنامجه النجمة باع سُبع شركته إلى ذات الشركة مقابل نصف مليون دولار, من يسير في جنبات شركة ماركو يجدها منشأة في مكان إيجاره قليل السعر, تحتوي على أجهزة كثيرة وقد شقت بطونها وتناثرت أحشائها على مكاتب الموظفين الذين يحبون اختبار كل ما هو جديد, لكي يأتوا بالجديد.
واخيرًا اختم بقول بريان تراسي: (كل ما يمكن لعقلك تصوره وتصديقه من الممكن تحقيقه).
المفضلات