ذكر انتوني روبنز أنه حينما كان يجري تدريباً لممتهني اللغويات العصبية في مدينة فينكس بولاية أريزونا بدأ يلاحظ أن عدداً كبيراً من الحاضرين في القاعة أظهر قدراً كبيراً من التوتر العضلي في وجوههم، وبدت عليهم تعبيرات تنم ـ كما فسرتها ـ عن الألم. فاستعرض عقليا ما كان يتحدث عنه، فلم يجد شيئا يمكنه أن يثير هذه الاستجابة لدى هذا العدد الكبير من الناس.

لذا، فقد سأل في النهاية أحدهم قائلا: "ما الذي تشعر به الآن؟" فأجابه بقوله: "إني أعاني من صداع شديد". وبمجرد من أن انتهى من قوله هذا، وجد آخر وثالثاً ورابعاً يقول نفس الشيء. لقد أصيب أكثر من ستين بالمائة من الموجودين في القاعة بالصداع. وفسروا ذلك بأن الأضواء الشديدة لتصوير الفيديو كانت تتألق في عيونهم فتصيبهم بالألم والتهيج. وعلاوة علي ذلك، كنا نجلس في قاعة بلا نوافذ، وكان نظام التهوية قد تعطل منذ نحو ثلاث ساعات فأدى ذلك إلى افساد هوائها. لقد تمخضت كل هذه الأشياء عن تحول فسيولوجي في هؤلاء الناس، فهل طلب منهم أن يخرجوا جميعا لتناول عقار الاكسدرين؟

بالطبع لم يفعل (فالعقل لا يولد الألم إلا عندما يستقبل المثيرات المصورة بطريقة تأمره بالشعور بالألم). لذا، فقد جعل هؤلاء الناس يصفون الوحدات الحسية الفرعية لما يشعرون به من ألم. وقد وجد بعضهم ذلك ثقيلاً ومؤلماً، بينما لم يجده الآخرون كذلك. وشعر البعض بالألم كشيء كبير ومشرق (ويمكنك أن تتخيل كيف بدا ذلك)، بينما رآه آخرون صغيرا.

ثم طلب منهم تغيير وحداتهم الحسية الفرعية الخاصة بالألم عن طريق فصل أنفسهم عن الألم، وطرحه خارج أنفسهم. ثم أخرجهم من مشاعرهم بأن جعلهم يرون شكل وحجم الألم ويضعونه على بعد نحو عشرة أقدام أمامهم. ثم جعلهم يكبرون ويصغرون تصويرهم، ويعملون على نموه واقتحامه للسقف، ثم يتضاءل حجمه، ثم جعلهم يدفعون بالألم نحو الشمس ويرونه وهو يذوب تماما، ثم يعود إلى الأرض كشعاع مغذ للنبات.

ثم سألهم في النهاية عن كنه مشاعرهم، فوجد أنه في أقل من خمس دقائق عوفي من الصداع خمسة وتسعون بالمائة من الحضور (لقد غيروا تصوراتهم الداخلية للشيء الذي كانوا يرسلون إشارات للعقل فعله، لذا، فإن العقل ـ أصبح الآن يتلقى إشارات جديدة)، أما النسبة الباقية والبالغة خمسة بالمائة من الحضور، فقد استغرق خمس دقائق أخرى كي تصنع تغييرات أكثر تحديداً. وكان أحد الرجال يعاني من صداع نصفي، ولكن حالته تحسنت وعادت إلي طبيعتها.










المرجع: قدرات غير محدودة
اسم الكاتب: انتوني روبينز
رقم الصفحة: 147-149
دار النشر: مكتبة جرير
كلمات مفتاحية: تحويل المناط - تغيير الفسيولوجيا الداخلية - التصورات الداخلية وعلاقتها بالمثيرات الخارجية.
أرسل بواسطة: محمد طه
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...il.thtml?id=18