حين أصبح لدي هوائي (انتين) يمكنني من تحسس الصور المجازية لدى الناس قرأت مقابلة مع أخصائية الانثربولوجيا (علم وصف الإنسان) ماري كاثرين بايتسون قالت فيها (ليس هنالك إلا أشياء قليلة يمكنها أن تضعف الإنسان مثل الصور المجازية السامة ) وهذا رأي نفاذ وسرعان ما خضعت أنا نفسي لتجربة تثبت ذلك.

في إحدى الحلقات الدراسية التي كانت أعقدها كان معظم المشاركين يشتكون من امرأة معينة حتى قبل بدء برنامج الحلقة. فقد أثارت مشكلة في مكان التسجيل, وحين دخلت القاعة أخذت تشتكي من كل ما يمكن أن يخطر على البال: أولا الغرفة حارة جدا, ثم باردة جدا وكانت منزعجة من الشخص الذي يجلس أمامها لأنه كان طويلا أكثر مما يجب, وما إلى ذلك من أمور وما أن بدأت أتكلم لم أكن أتابع كلامي لمدة خمس دقائق إلا وكانت تقاطعني لتحاول أن تثبت أن ما أقوله لن ينجح, أو أنه غير صحيح, أو أن هنالك استثناءات تعاكسه حاولت مرارا أن أعطل نمطها ولكن المشكلة أنني كنت أركز على الأثر وليس على السبب. وفجأة أدركت أنها تحت تأثير قناعة شاملة أو صورة مجازية كلية عن الحياة جعلت منها بهذا التعصب في بحثها عن التفاصيل, بل وأنها حقودة في تعاملها مع الأمور سألتها: ماذا تريدين أن تحققي بهذه الطريقة؟ أعرف آن مقاصدك ايجابية ولاشك. ما هي قناعتك عن الحياة, أو عن التفاصيل أو فيما إذا كانت الأشياء صحيحة أو خاطئة؟ قالت: (يخطر لي أن الخروق الصغيرة تغرق السفينة) إن كنت تفكر في أنك تكاد تغرق ألن تكون متعصبا بعض الشيء فيما يتعلق بالبحث عن أية امكانية لوجود خروق؟ بهذا الأسلوب كانت هذه المرأة تنظر إلى الحياة!

تبين أن هذه المرأة واجهت عدة وضعيات في حياتها بحيث آن أشياء صغيرة كلفتها كلفة باهظة الثمن فقد عزت طلاقها لمشاكل صغيرة لم تتم معالجتها, وهي مشاكل لم تكن تدري بها. كما أنها كانت تشعر بأن متاعبها المالية تعود أيضا لأسباب صغيرة. ولذا تبنت هذا التشبيه المجازي لكي تحافظ على نفسها وتحول دون التعرض لألم مماثل في المستقبل. من الواضح أنها لم تكن تميل كثيرا لتغيير صورها المجازية بدون أن أتولى أنا توفير قوة الدفع اللازمة. وما أن حملتها على الشعور بالألم الذي يخلقه هذا التشبيه في حياتها باستمرار, وبالمتعة لتي ستحققها بتغييره حتى أصبحت قادرا على مساعدتها على كسر النمط الذي تتبعه, وعلى تغيير تلك الصورة المجازية عن طريق ابتداع سلسلة من السبل الجديدة للنظر إلى نفسها والى الحياة.

لقد جمعت عدة تشابيه مجازية شاملة: الحياة لعبة, الحياة رقصة. وليتك تشهد التحول الذي حدث لها, لا في طريقة معاملتها للآخرين فحسب، بل في طريقة تعاملها مع نفسها أيضا، حيث إنها كانت تجد لديها هي نفسها خروقا أيضا وهذا التغيير بمفرده أثر على طريقتها في التعامل مع كل الأشياء, وهو مثل باهر يثبت أن تغيير تشبيه مجازي شامل واحد يمكن له أن يحول كل نواحي حياتك, من احترامك لنفسك, لعلاقاتك, وللطريقة التي تتعامل بها مع العالم برمته.

على الرغم من كل تلك القوة التي تلعبها التشابيه المجازية في حياتنا, فان الأمر المخيف هو أن معظمنا لا يختار عن وعي على الاطلاق التشابيه المجازية التي نمثل بها الأشياء لأنفسنا. من أين أتيت بتشابيهك المجازية؟ ربما كنت قد التقطتها ممن يحيطون بك, من أبويك ومدرسيك أو زملائك في العمل ومن أصدقائك. لا ريب أنك لم تفكر في تأثيرها, أو حتى لم تفكر فيها على الاطلاق, ثم ما لبث أن أصبحت عادة لديك.











المرجع: أيقظ قواك الخفية
اسم الكاتب: انتوني روبنز
دار النشر: مكتبة جرير
سنةالنشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة: 248-249
كلمات مفتاحية: تغيير العادات – تغيير التصورات الداخلية – كسر الأنماط – استخدام اللغة
أرسل بواسطة: رامي حوالي
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=244