الغش من المشاكل التربوية

الغش يعتبر من الموضوعات اللغوية ، والأدبية ، والتربوية ، والنفسية ، والاجتماعية المعقدة ، وذلك نظراً لتعدد أشكال الغش ، ومدلولاته ، ومستوياته ، وأساليبه ..... ولموضوع الغش عدة جوانب تربوية ،واجتماعية ، ودينية ، واقتصادية وأمنية ........ ويجمع الباحثون على أن الغش عبارة عن سلوك لا أخلاقي،وغير تربوي ، وينم عن شخصية غير سوية أو ناضجة وهذا السلوك على اختلاف أشكاله يعتبر محرماً دينياً

فقال رسول الله علي الصلاة والسلام ( من غشنا فليس منا ). وهو مخالف لنداء الوجدان أو الضمير ومخالف لقيم الإنسان الأصيلة

كقول الشاعر :وإن الغش مقبوح مشين ولا يبني قولا فاحذر هو كيف يكون للأوطان ذخراً على الغش من عودتموه



فلا شك أن الغش ظاهرة خطيرة و سلوك مشين.
و الغش له صور متعددة ، و أشكالا متنوعة ، ابتداء من غش الحاكم لرعيته ، و مرورا بغش الأب لأهل بيته ، و انتهاء بغش الخادم فى عمله.

و حديثي سوف يكون فقط عن الغش في الامتحانات ، و الذي أصبح يشكو كثير من المدرسين و التربويين من انتشاره و فشوه .


و هذا حق، فان ظاهرة الغش بدأت تأخذ في الانتشار، ليس على مستوى المراحل الابتدائية فحسب ، بل تجاوزتها إلى الثانوية و الجامعة .
فكم من طالب قدم بحثا ليس له فيه إلا أن اسمه على غلافه .
و كم من طالب قدم مشروعا و لا يعرف عما فيه شيئا .
و بل و قد تعجب من انتكاس الفطر عند بعض الطلاب ، فيرمي من لم يغش بأنه مقعد و متخلف و جامد الخ .. تلك الألقاب .
و لربما تمادى أحدهم فاتهم الطالب الذي لا يساعده على الغش بأنه لا يعرف معنى الأخوة و لا التعاون .


هذه الظاهرة التي أنتجها الفصام النكد الذي يعيشه كثير منا في مجالات شتى .
نعم لما عاش كثير من طلابنا فصاما نكدا بين العلم و العمل ، ترى كثيرا منهم يحاول أن يغش في الامتحانات ، و هو قد قرأ حديث الرسول صلى الله عليه و سلم المذكور سابقا : ( من غش فليس منا ) ، بل ربما أنه يقرأه على ورقة الأسئلة ، و لكن ذلك لا يحرك فيه ساكنا .
لأنه قد استقر في ذهنه أنه لا علاقة بين العلم الذي يتعلمه و بين العمل الذي يجب أن يأتي به بعد هذا العلم .
و لا أبالغ إن قلت : إن ظاهرة الغش قد تسربت حتى عند بعض المدرسين
و المراقبين .













تعريف الغش :



الغش ظاهرة تدل على سلوك غير سوي ، سلوك منحرف وغير أخلاقي ، وهو سلوك مرضي(بفتح الميم والراء ) يهدف إلى تزييف الواقع لتحقيق كسب مادي أو معنوي ،أو من أجل إشباع بعض الحاجات أو الرغبات لدى الفرد والغش من الناحية الأخلاقية مثله مثل الكذب والرياء والخداع وهذه الدلائل للغش تتفق مع ما جاء في اللغة العربية من معنى للغش فيقال غشه ، ويغشه غشا ، أي لم ينصحه ، وأظهر له خلاف ما أضمره، والغش يدل على الغل والحقد والخيانة.
أما تعريف الغش من الناحية التربوية فإنه يعرف بأنه : عملية تزييف لنتائج التقويم ، كما يعرف بأنه محاولة غير سوية لحصول التلميذ على الإجابة من أسئلة الاختبار ، وباستخدام طريقة غير مشروعة .
ويعرف علماء الاجتماع الغش بأنه ظاهرة اجتماعية منحرفة وذلك لخروجها عن المعايير والقيم الاجتماعية التي يضعها المجتمع ولما تتركه من آثار سلبية تنعكس بصورة واضحة على مظاهر الحياة الاجتماعية في المجتمع .
وفي ما يلي مجموعة من تعار يف :
الغش في الاختبارات المدرسية شكل من أشكال الخيانة.
الغش بأنه سلوك يهدف إلى تزييف الواقع لتحقيق كسب غير مشروع مادي أو معنوي أو إرضاء لحاجة نفسية والغش المدرسي هو تزييف نتائج التقويم الذي هو من أهم عناصر المنهج .
محاولة التلميذ غير المشروعة للحصول على معلومات يدونها في ورقة الإجابة لإيهام الأستاذ بأن ما كتبه في الورقة هو حصيلة العلم الذي استفادته خلال دراسته لهذه المادة
هي كل النشاطات غير المسموح بها في الامتحانات للحصول على تقديرات جيدة أو تحقيق بعض المتطلبات ومن أمثلتها النقل من الكتب أو مساعدة التلميذ آخر أو استخدام قصاصات الورق المنقولة أو الاقتباس الإشارة إلى المؤلف الأصلي أو سرقة بحث أعده التلميذ آخر أو كتابة بعض لتلميذ آخر .
يتمثل الغش في الاختبارات بحصول التلميذ على الإجابة المطلوبة لسؤال ما بطرق غير مشروعة أو غير عادية أو بناءة لتعلمه ونموه الشخصي في الغالب كان ينقلها من قرين له أو كتاب أو مذكرة أو أوراق خاصة عادية أو من مقعد أو على جدار لغرض تمرير المادة الدراسية دون اعتبار يذكر لتعلمها أو دون وعي بأهميتها لحياته ونموه ومستقبله
سلوك يقوم به التلميذ وهذا السلوك غير مشروع لا تبيحه القوانين ولا تجيزه الأعراف ومن ثم فهو يعتبر سلوكا غير مقبول اجتماعيا.















أسباب الغش :


هذه بعض الأسباب التي تنتج هذا الخلق المشين :



1 - ضعف الإيمان :
فان القلوب إذا ملئت بالإيمان بالله لا يمكن أن تقدم على الغش و هي تعلم أن ذلك يسخط الله .
لا يمكن للقلوب التي امتلأت بحب الله أن تقدم على عمل و هي تعلم أنه يغضب الله
2 - ضعف التربية :
خاصة من قبل الوالدين أو غيرهما من المدرسين أو المرشدين .
فلا نرى أبا يجلس مع ابنه لينصحه و يذكره بحرمة الغش ، و يبين له أثاره و عواقبه ، بل تعجب من بعض الإباء إذا قلت له ذلك أجابك مباشرة : لماذا ، هل ابني غشاش ؟
بل ربما لو وقع الابن في يد المراقب ، لجاء ذلك الأب يدافع عنه بالباطل .


3 - تزين الشيطان :
فالشيطان يزين لكثير من الطلاب أن الأسئلة سوف تكون صعبة ، و لا سبيل إلى حلها و النجاح في الامتحانات إلا بالبرشام و الغش .
فيصرف الأوقات الطويلة في كتابة البراشيم ، و اختراع الحيل و الطرق للغش ؛ ما لو بذل عشر هذا الوقت في المذاكرة بتركيز لكان من الناجحين الأوائل .


4 - الكسل و ضعف الشخصية :
فترى كثير من الطلاب يرى زملائه من بداية العام و هم يجدون و يذاكرون و يهيئون أنفسهم للامتحان الأخير ، و هو لا هم له إلا اللعب و المرح .
فإذا ما جاءت الامتحانات النهائية تراه يطلب المساعدة ، و يطلب النجاح و لو كان على ظهور الآخرين و لو كان ذلك بالغش .
إن الغش هو حيلة الكسول البرونزية ، و هو طريق الفاشلين .
وهو دليل على ضعف الشخصية حييث أن الذي يغش لا يجد الثقة في نفسه بأنه قادر على تجاوز الامتحانات بنفسه و جهده و استذكار دروسه لوحده و من ثم الإجابة معتمدا على مذاكرته .


5 - الخوف من الرسوب :
فإن الخوف من الفشل و الخوف من الرسوب يسبب قلقا مستمرا لكثير من الطلاب مما يجعلهم يلجئون إلى الغش كسبيل للنجاة .



6 - عدم الاستعداد الكافي للامتحان :

والراجع لعوامل متعددة مثل: التوقيت المحدد له، كثافة ازدحام مختلف المواد الممتحن فيها في ظرف وجيز











آثار الغش :

فعلا هناك صعوبات وهناك مشاكل وثغرات في عمليات التدريس والتقويم، هناك مشاكل تهم محيط المدرسة وغيرها ولكن إلى أي مدى يصبح الغش مشروعا في فضاء يعهد فيه التربية على القيم
هل نعتبر من المشروع أن يغش لتلميذ بحجة أن الامتحان صعب أو أن الظروف غير ملائمة ؟ وهل يحق لنا أن نسمح بالغش في الامتحان لأن الغش يمارس خارج المدرسة؟ هل يحق لنا أن نسمي التساهل مع التلاميذ ومساعدتهم على تيسير عمليات الغش تضامنا معهم؟ ألا ننساهم في خلخلة منظومة القيم والمنظومة المجتمعية بكاملها عندما نتواطأ بالسكوت عن ظواهر مثل الغش والرشوة والتزوير..؟
كلنا يعرف أن الطفل يحتاج في تكوين شخصيته إلى من يساعده على التمييز بين الصواب والخطأ كما يحتاج إلى قدوة حسنة يستند إليها في تثبيت سلوكياته، ولكنه في غياب القدوة والتتبع الكافي قد يكتسب من اللعب و في إطار علاقات معينة سلوكيات تهدف الفوز والانتصار بمختلف الطرق، وقد يحول هذه السلوكيات إلى المجال المدرسي ويكيفها مع متطلبات التقويم، في نفس الاتجاه عندما يجد مربين يتساهلون معه أو يتعاملون معه كأنه مجرد خطأ بسيط(على أكبر تقدير) فلا شك أنه سيعتبر الغش سلوكا طبيعيا ويكون اقتناعا بأن الغش هو الذي يمكنه من تجاوز العقبات التي تقف في طريقه، وقد يشعر في بعض الحالات بالظلم إذا ما منع أو عوقب على الغش.وقد تزداد خطورة ذلك
من تم إذا أصبح الأمر كذلك (قريبا أو أعمق من ذلك) فالغش ينقص لدى الفرد الشعور بمسؤولياته الفعلية في علاقاته بذاته (من حيث اعتماده على نفسه والثقة بها...) وفي علاقته بالآخرين من حيث تواكله وأيضا من حيث فقدان روح المنافسة بين التلاميذ، مما يقضي إمكانيات تقييم عمل التلاميذ تقييما منصفا ويقضي تبعا لذلك على مصداقية الامتحان ، وهذا ما ينعكس في بعض الأحيان على شعور التلاميذ باللامبالاة بالدراسة والتحصيل ما دام الغش في اعتقاد البعض منهم هو الذي سيمكن من الفوز.
ما الذي يمكن أن ننتظره من هذه العينة من التلاميذ؟ إذا لم تكن أية مجهودات ذاتية وموضوعية تساهم في محاولة رد الأمور إلى نصابها
مثل هذه الأمور تهدد القيم وتهدد بإضعاف الضمير الجمعي وجعله يستبيح ظواهر مرتبطة بالغش مثل الرشوة، التزوير... وتصبح وكأنها أمرا واقعا لا يمكن التخلص منه..
وهكذا فكلما تم التساهل مع التلاميذ إزاء ظاهرة الغش كلما أدى ذلك إلى زيغ المدرسة عن الأهداف المتوخاة منها و إلى تحولها في بعض الأحيان من فضاء للتعلم والتحصيل و اكتساب مهارات وتكوين شخصية متزنة قادرة على حب بلدها وخدمته,,,إلى فضاء تتم فيه تعليمات متنافية مع الأهداف وتكتسب فيه مهارات الغش المدرسي القابلة للتطور والنمو و التكيف مع أنواع الغش في الحياة من قبيل الكذب والسرقة التزوير والمحسوبية والرشوة والتدليس والخداع الخ.. وبالتالي تصبح فضاء يساهم في إنتاج مواطن انتهازي غير مسئول ولا محب لوطنه ولا واثق في ذاته...
إذا أن الغش كما قلنا له أشكال متعددة ، و يدخل في مجالات شتى ، و لكن من أخطر أنواع الغش هو الغش في الأمور التعليمة ، و ذلك لعظيم أثره و شره ،
و من ذلك :
1- أنه سبب لتأخر الأمة ، و عدم تقدمها و عدم رقيها ، و ذلك لا ن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم و بالشباب المتعلم ، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش ، فقل لي بريك : ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون ؟
ما هو الهم الذي يحمله الواحد منهم ؟
ما هو الدور الذي سيقوم به في بناء الأمة ؟
لا شيء ، بل غاية همه ؛ وظيفة بتلك الشهادة المزورة يأكل منها قوته و رزقه .
لا هم له في تقديم شيء ينفع الأمة ، أو حتى يفكر في ذلك .
و هكذا تبقى الأمة لا تتقدم بسبب أولئك الغششة بينها .
و نظرة تأمل للواقع : نرى ذلك واضحا جليا ، فعدد الطلاب المتخرجين في كل عام بالآلاف و لكن قل بربك من منهم يخترع لنا ، أو يكتشف ، أو يقدم مشروعا نافعا للأمة ، قلة قليلة لا تكاد تذكر .
2- أن الغاش غدا سيتولى منصبا ، أو يكون معلما و بالتالي سوف يمارس غشه للأمة ، بل ربما علّم طلابه الغش .
3- أن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات –إضافة إلى جريمة الغش – منها السرقة ، و الخداع ، و الكذب ، و أعظمها الاستهانة بالله ، و ترك الإخلاص ، و ترك..
4- أن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزورة ، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراما ، و أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به .











من مضار الغش :

1- الغش طريق موصل إلى النار

2- دليل على دناءة النفس وخبثها ، فلا يفعله إلا كل دنيء نفس هانت عليه فأوردها مورد الهلاك والعطب .

3- البعد عن الله وعن الناس .

4- أنه طريق لحرمان إجابة الدعاء .

5- أنه طريق لحرمان البركة في المال والعمر .

6- أنه دليل على نقص الإيمان









علاج الغش


لاشك أن خطبة واحدة ، بل خطب لن تقاوم هذا المنكر العظيم .
لذا كان لا بد من تعاون الجميع في مقاومة هذه الظاهرة ، كل بحسب استطاعته و جهده .
فالأب في بيته ينصح أبنائه و يرشدهم و يحذرهم بين الحين و الآخر .
و المعلم و المرشد في المدرسة و الجامعة كل يقوم بالوعظ ، و الإرشاد .
بل لابد من تشكيل اللجان التي تدرس هذه الظاهرة و أسبابها و كيفية العلاج لها .
و لكن سوف اذكّر ببعض الأمور التي أرجو من الله أن تكون سببا في الحد من هذه الظاهرة .



أخي الكريم :
تذكر قول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا ) رواه البخاري
لاحظ أن الرسول قال : ( من غش ) ليشمل كل صور الغش ، كبيره و حقيره ،
في المواد الشرعية أو الأجنبية ، فكل ذلك داخل في الحديث .
فهل ترضي أن يتبرأ منك النبي صلى الله عليه و سلم .
أي خير ترتجي إذا تخلى عنك الرسول صلى الله عليه و سلم و أعلن البراءة منك .
تذكر أنك بمجرد أن تفكر في الغش فقد تخليت عن أهم صفة يجب أن تتحلى بها في هذا العلم .
ألا و هي الإخلاص لله ؛ و ذلك لأنك بتفكيرك في الغش؛ يكون همك هو الدرجات و الشهادة فقط ، و هل تدري أي خطر في هذا ؟
إن هذه العلوم التي تدرسها ؛ أن كانت من علوم الدنيا فقد ضيعت على نفسك أعظم الأجر .
و إن كان فيها بعض العلوم شرعية ( كالفقه و التوحيد ..) وهي مما يجب ابتغائها لوجه لله ، و لو طلبها العبد لغير الله فيخشى عليه أن يكون من أصحاب هذا الحديث : ( من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا لغرض نمن الدنيا زائل ، لم يرح رائحة الجنة ) .
يا لله ؛ لم يرح رائحة الجنة !
و أعظم من ذلك كله ، أنك جعلت الله أهون الناظرين إليك .
نعم جعلت الله الذي ( يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور ) أهون من المراقب .
كم من طالب لو وقف المراقب بجواره لأصبح قلبه يرتجف ، و أوصاله تضطرب ، و العرق يتحدر من جبينه .
و لكن إذا ابتعد المراقب جاءت النظرات ، و جاءت المحاولات للغش و الخداع .
أو ليس حاله يقول :
يا رب أنت عندي أهون من هذا المراقب .
يا رب أنا أخشي المراقب أعظم و أكثر منك .
تذكر
أن الشهادة التي تحصل عليها و التي سوف تتوظف بها هي شهادة مزورة ، و بالتالي فسوف يكون الراتب الذي تأخذه حراما .
سوف يكون مالك من حرام ، و سوف تغذي أبناءك بالحرام ، و زوجتك بالحرام .
و هنا نقطة لا بد من التنبيه عليها :
ألا و هي أن بعض الطلاب يقول : أنا لا أغش ، و لكن أغشش غيري ، وهذا أهون .
فأقول : لا والله ليس بأهون بل هو أخطر .
فإنك إذا غششت ثم تبت فانك سوف تصحح شهادتك ، لكنك إذا غشّشت غيرك ، ثم تبت أنت من ذلك ، فأني لك أن من غششته سوف يتوب ، أنى لك أن تصحح شهادته ، أنى لك أن توقف أكله للحرام .
و نقطة أخرى : أن بعض الطلاب يرى غيره يغش و لا يحرك ساكنا ، بل ربما قال : هذا ليس من شأني ، فأنا و الحمد لله لا أغش .
و هذا في الحقيقة شيطان أخرس ، لأنه رأى منكرا و لم يغيّره .
و الواجب عليه أن ينصح ذلك الطالب ، فإن لم يستطع فيجب أن يبلغ المراقب ، و أن لا تأخذه في الله لومة لائم ، و لا يخش إلا الله .
و نقطة أخرى : إن بعض المدرسين قد يحابي بعض الطلاب في بعض الدرجات و يظن أن ذلك من صلاحيته، و ربما قاس ذلك على أن من حقه أن يعطي من ماله ما يشاء .
و هذا خطأ عظيم فالمدرس ليس من حقه أن يعطي بعض الطلاب درجات لا يستحقها
، بل الواجب العدل ، لأنه مستأمن على هذه الدرجات ، و التي لا يملك منها شيئا ،
و إنما هو مطبق للنظام .
يقول فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين : ( فإن المعلم الذي يقدر درجات أجوبة الطلبة و يقدر درجات سلوكهم هو حاكم بينهم لان أجوبتهم بين يديه بمنزلة حجج الخصوم بين يدي القاضي .
فإذا أعطى طالبا درجات أكثر مما يستحق ، فمعناه أنه حكم له بالفضل على غيره مع قصوره ، وهذا جور في الحكم .
و إذا كان لا يرضى أن يقدم على ولده من هو دونه ، فكيف يرضى لنفسه أن يقدم على أولاد الناس من هو دونهم ) ا.هـ من كتاب ( نصائح في الاختبارات 12).



فيا أخي الكريم :
عليك أن تراقب الله قبل كل شيء ، و أن تعلم أن روحك التي بين جنبيك بيد الله ، أنفاسك التي تتردد في صدرك هي بيد الله ، فاتق الله و لا تجعل الله ينظر إليك و أنت تعصيه .
تذكر أن الأمانة سوف تنصب على جنب الصراط ، و لن يجوز عليه إلا من كان أمينا ، و الغش ينافي الأمانة كل المنافاة .



أيضا لا يمكن الشروع في محاولة الحد من الظاهرة إلا إذا كان هناك إيمان قوي بإمكانية التغيير، وإمكانية تخليق الحياة العامة، وبالطبع لا يمكن الادعاء بأن مجموعة من المقترحات والتدابير ستمكن من إعطاء الحل، وإنما نطمح فقط في أن تساهم في إرساء قواعد سلوك متوجهة قدما نحو الأهداف المنشودة، ومن بين المقترحات نذكر:

1- ضرورة تنويع الطرق التعليمية التعليمة وعدم إثقال كاهل التلميذ بمواد الحفظ والاستظهار وتعويضها باعتماد الطرق الفعالة في التعلم التي تساهم في خلق جو تواصلي فعال ، وبالتالي رفع الضغط النفسي عن التلاميذ لمزيد من التحصيل و توجيهه م بواسطة أنشطة متدرجة في صعوبتها وتتفق بشكل أساسي مع قدر ا ته م ، مما يمكن من زرع روح الثقة المتبادلة بين التلميذ والأستاذ
2- تسهيل عمليات التكوين المستمر بالنسبة للأساتذة ليتمكنوا من مواكبة المستجدات التربوية ورفع إمكانياتهم التربوية، وخلق أجواء ملائمة للتدريس...
3- البحث في مختلف سبل توطيد العلاقة بين الأسرة والمدرسة من أجل فهم أعمق للتلميذ، ومن أجل ا لاطمئنان على مستوى ا لتلاميذ خلقيا، و عقليا و روحيا وبدنيا ..ومن أجل توعية أولياء الأمور بخطورة الغش على مستقبل

أ بنائهم
4- أهمية توعية وتحسيس بمختلف المعنيين بمخاطر الغش بوصفه سلوكا غير سوي، و تعميق التفكير في عواقب الغش على كل من الفرد والأسرة والمدرسة والمجتمع(من خلال ورشات عمل، ندوات، .)
5- إحداث وتفعيل آليات الإنصات إلى مشاكل التلاميذ(داخل المؤسسات التعليمية)، ومساعدتهم على إيجاد الحلول المناسبة لها، وتفعيل دور مناديب الأقسام في تمثيلية التلاميذ في مجلس التدبير ومختلف المجالس التي تنعقد على مستوى المؤسسة (لجعل التلميذ ينخرط فعليا في الحياة المدرسية)
6- تنظيم وتفعيل حصص الدعم والتقوية لمقامة ظاهرة الدروس الخصوصية غير المشروعة التي تساهم في فقدان الثقة بين التلميذ والأستاذ...
7- وطبعا محاولة توجيه التلاميذ الذين يمارسون الغش –كسلوك غير سوي- و توعيتهم بآثاره السلبية على شخصيتهم وسلوكياتهم





أسأل الله أن يسهل على أبناءنا ، و أن يحميهم من الغش و الخيانة ، و أن يأخذ بنواصيهم لما يحب و يرضى .