الضمير يضعنا على اتصال مستمر مع كل ما هو خاص بنا ويميزنا عن سوانا، كما يضعنا على اتصال مع كل ما هو عام وكوني. عندما نتعامل فقط بضمير نستطيع اكتشاف الهدف المتميز الخاص بنا، واكتشاف قدرتنا على العطاء. فكر بعمق حول أولئك الذين تنعكس عليهم أدوارك في الحياة، كما في حفلة عيد ميلادك الثمانين التي أشرنا إليها، وفي مدى التأثير الذي أحدثته في حياتهم. لا يوجد من يكون أب لأولادك سواك، ولا الزوج لزوجتك، ولا الطبيب لمرضاك، ولا المدرس لتلاميذك، ولا الأخ، ولا الصديق، ولا المتطوع لكل من حولك، هؤلاء هم من الذين أثرت على حياتهم. فما تستطيع أنت أن تعطيه لا يوجد سواك من يستطيع أن يقدم هذا العطاء. يقول VICTOR FRANKL: نحن لا نخترع مهمتنا في الحياة، نحن فقط نكتشفها، إنها في داخلنا في انتظار تحويلها إلى الواقع.
لكل منا صياغة لرسالته في الحياة؛ كل منا يجب أن ينفذ مهمة ملموسة تحتاج إلى إنجاز. لذلك لا يمكن استبدال أي منا بشخص آخر، ولا يمكن لحياة أي منا أن تتكرر. لذلك فإن كل فرد منا له مهمة خاصة، وله فرصة خاصة لتنفيذ هذه المهمة.

يقول William Ellery Channing المصلح الاجتماعي في القرن التاسع عشر:
لكل إنسان مهمة ينفذها، وتأثير معين يمارسه، فمن لم يجد ضميراً آخر سوى ضميره يستطيع إدراك ذلك التأثير. عندما نلمس ضميرنا فقط في عمق الذات تتولد الطاقة الداخلية أو الدافع الداخلي. إن صياغة الرسالة الشخصية التي تأتي من الخارج من فكر الحياة العامة أو الخاصة لن تمس أبداً جوهر الذات، أو تعانق الملكات الشخصية.

وكما يقول Sir Laurens Vander Post الكاتب، ومنتج الأفلام: يجب أن نتجه إلى الداخل، وننظر داخل ذواتنا. انظر إلى ذلك الوعاء الذي يسمى النفس، انظر وأنصت لما يأتي منه. وحتى تنصت إلى ذلك الشيء الذي يحلم خلالك، أو بمعنى آخر حتى تجيب تلك الطرق الباب في الظلام، فلن تستطيع أن تزيل تلك اللحظة من الزمن التي تسجنك، التي تحول بينك وبين ذلك المشهد العظيم حيث الإبداع مستمر.

يقولRoger: منذ عدة سنوات، قابلت شخصاً يدعى TOM في إحدى حلقات الدرس التي عقدتها في الجامعة، وعندما طلبت منه أن يقدم نفسه ويتحدث عن أهدافه. رد بأنه يدرس الهندسة المدنية. وفي أثناء الدرس طلبت منه أن يقول للحاضرين: ماذا سيفعل لو كان لديه شهر بدون التزامات وبموارد مالية غير محدودة؟
أضاء وجهه كما تضيء شجرة عيد الميلاد، "سهل جداً!" أجاب بحماس: "سأشتري منشاراً، وألواحاً، وبعض الأدوات الأخرى، وسأضع كل ذلك في (الجراج) الخاص بي، ثم أجمع كل أطفال الحي وأشترك معهم في صنع الكثير من الأشياء طاولات، وبيوت صغيرة، وأثاث، سيكون ذلك رائعاً!". عندما لاحظت عينيه اللامعتين، تذكرت اللامبالاة التي ذكر بها دراسته الجامعية في الهندسة منذ لحظات.
سألته: "هل تحب أن تدرس؟".
رد ببساطة: "أنا أحب التدريس".
"أو تحب العمل بالأدوات؟".
"بكل تأكيد".
"كيف تستمتع بتدريسك الهندسة؟".
"لا أدري. هناك دخل طيب من تدريس الهندسة" قالها بصوت منخفض.
قلت له: "اسمع يا TOM هل تعلم أن أولئك الذين يعلمون الأطفال كيف يبنون الأشياء باستخدام الأدوات، يحصلون على دخل طيب؟".

لقد كان مثيراً أن تلاحظ ملامح وجهه. فمن الواضح أن إقراره بدراسة الهندسة لم يكن ناتجاً عن اتصال بالذات من الداخل، أي دون اتصال بمواهبه وضميره، وإحساسه بالقدرة على العطاء. ولكن، الآن، عندما رأى الفرصة لتحقيق ما يميزه ويتفرد هو به، أصبح مشحوناُ بالطاقة. قد يصبح Tom ذات يوم مهندساً عادياً، ولكن الواضح أن فرصته هائلة في أن يصبح معلماً متميزاً في ورشة نجارة، لأنه يحب أعمال النجارة ويحب تعليم الصغار، وهنا سيعطي التأثير الأكبر.

إن الضمير لا يمس فقط ما يميزنا، ولكنه يصلنا أيضاً بالإحساس بالشمال الحقيقي الذي يحقق أعلى مستوى من جودة الحياة. يمكننا استخدام ذلك الضمير لنربط قيمنا وإستراتيجيتنا بالمبادئ، ونضمن أن تكون الغايات والوسائل في رسالتنا في الحياة مبينة على المبادئ، وأن يكون الإنجاز وأدواته مبيناً على المبادئ.










المرجع: إدارة الأولويات
اسم الكاتب: ستيفن ر.كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2000
رقم الطبعة: الأولى
رقم الصفحة: 159- 162
كلمات مفتاحية: التواصل مع الضمير – الضمير المبدع – الطاقة المتولدة من التواصل مع الضمير - أنت بصمة لا تتكرر – لا أحد يمكنه أخذ دورك
أرسل بواسطة: أحمد الخطيب
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...il.thtml?id=86