لصوص الهدوء

[Ibtihal Alzaki]

من علامات نضج البطيخ : جفاف الخيط الذي يغذي الثمرة ، وان يتغير لون بذورها الى البني الغامق والأسود ، وأن يتحول سطحها الملامس للأرض من اللون الأبيض إلى الأصفر الفاتح ، وكذلك صعوبة خدش قشرة البطيخة بظفر الإصبع ،ولكن تبقى الموسيقى أكبر برهان على نضج البطيخ .

غالبية الناس لا يلتفتون لعلامات النضج المتداولة في الإرشاد الزراعي ،بل إنهم وبطريقة لا إرادية يلجأون إلى عملية التطبيل على البطيخة ، من أجل سماع صوت مكتوم رنان ، هذا الصوت يدلهم بشكل قاطع على حلاوتها واحمرارها ، وهذه الطريقة الحاذقة لا يضطلع بها إلا كل صاحب أذن موسيقية مدربة !

أما الوسواسون من الناس ، فلا يقبلون الشراء إلا على المضمون ، ولهذا نجد بعضا من أصحاب معرشات البطيخ الواثقين من بضاعتهم وجودتها يبيعون (ع السكين ) ، أي أن البائع يختبر البطيخة بأن يحدث فيها قطعا مربعا برأس السكين ، ثم يذيقها للشاري ، فإن أعجبته ، دفع ثمنها ومضى !

أحد أصحاب معرشات الطرقات غالبه النوم بين كومة بطيخ ،ولأنه أصلع فقد ضاع رأسه بين البطيخات ، وصادف أن لصا تسلل إلى الكومة ، وبدل أن يخطف بطيخة ويمضي ، راح ينتقي واحدة على كيفه ،فقاده حظه العاثر إلى أن يتناول رأس البائع النائم ، ويطبل عليه تطبيلات خفيفة ليحدد نضجها وحلاوتها!

يصحو الرجل من نومه مفزوعا، ويستغرب من وجود رأسه بين يدي اللص فينهره : ولك شو بتساوي يامبهدل ؟

فيرد اللص بوقاحة عابرة للمعرشات : أريد بطيخة حمراء زي الدم .

فيضحك البائع : بكفيش إنك حرامي ، وبدك إياها عالسكين كمان !

ويكمل الكاتب : لم يلفتني كثيرا أن ديوان المحاسبة قد رصد ما يقرب خمسين قضية اختلاس للمال العام ، بل يقتلني أن لصوصنا ألوان :لص صغير يلطش ما يقع تحت يده ويمضي ، ربما ليطفئ جوعه وجوع أولاده ، ولكننا نقيم الحد عليه .

وهناك لص حاذق لا يقبل إلا على السكين ، وكلما كبرت هامته وكبر مقامه وكان له ظهر يحميه ‘ كانت لصوصيته ناضجة حمراء وحلوة ، ولن يتوانى عن اختبار كل الكومة دون خوف أو خجل أو وجل ، ولن تجد أحدا ينهره أو يسأله : ياااااااااااااااااااه كم أخاف من لصوص الهدوء .


يمكن استخدام القصة في دورات الأدارة ، والمحاسبة

والعبرة من القصة : ...................

المصدر :
جريدة الاتحاد
بقلم : رمزي الغزوي