إذا ما استشهدنا– على سبيل الاستعارة – بمصطلحات الحاسب الآلي، فإنه إذا كانت العادة الأولى تقول لك: "أنت المبرمج"، وتقول لك العادة الثانية: "اكتب البرنامج"، فإن العادة الثالثة تقول لك: "شغل البرنامج"، "عش في البرنامج". "والعيش فيه" هو الأساس وظيفة لإرادتنا الحرة، لانضباطي الذاتي ،لتماسكنا والتزامنا – ليس من أجل الأهداف والجداول قصيرة الأمد أو النبض اللحظة، ولكن من أجل المبادئ السليمة ولقيمنا المستقرة في ابعد أغوار اعمقاقتنا والتي تعطي لأهدافنا، وجداولنا، وحياتنا معنى ومبنى.

ومع توالي أيام الأسبوع، فلسوف يكون هناك بلا شك أوقات يكون فيها تماسكنا على المحك. ولسوف نجد أن الشهرة التي تجلب الاستجابة للأولويات العاجلة ولكن غير الهامة لأشخاص آخرين في المربع رقم (3) أو السرور في الهروب إلى المربع رقم (4) سيهدد بأن يطغى على الأنشطة الهامة للمربع رقم (2) التي كنت قد خططت لها، ولكنك تركيزك على المبادئ ووعيك الذاتي، وضميرك اليقظ، ستمدك بدرجة عالية من الأمان، والتوجيه والحكمة الأصيلة الجوهرية من أجل دعم قوتك لاستخدام إرادتك المستقلة والحفاظ على تماسكاً تجاه ما هو هام حقيقة.

في وقت ما، كان أحد أبنائي مستغرقاً بكليته في الجدولة والفاعلية، وفي أحد الأيام كان لديه جدول بالغ الصرامة، حافل بالمهمات المحددة الدقيقة لكل نشاط على حده، بما في ذلك شراء بعض الكتب، وغسل سيارته، وتوصيل خطيبته. وذلك من بين مهام أخرى عديدة.

كان كل شيء يمضي حسبما ما هو مخطط له بالجدول حتى حان موعد كارول. لقد كانا مخطوبين منذ مدة طويلة، غير أن رأيه استقر اخيراً على أن علاقتهما لن تكون مثمرة، وهكذا، ووفقاً لنموذجه في الفاعلية، فقد خطط على أن يحادثها هاتفياً لمدة تتراوح بين عشرة وخمسة عشر دقيقة لإخبارها بالأمر.

وعلى خلاف ذلك، ونظراً لأن الصدمة كانت بالغة الحدة بالنسبة لها، فقد كان بعد مضي ساعة ونصف الساعة من انتهاء الوقت السابق تحديده، مازال منخرطاً كلية معها في محادثة شديدة التوتر، وحتى بعد ذلك لم تكن زيارة واحدة كافية فقد كان الموقف تجربة مفعمة بالإحباط البالغ لكليهما.

ومرة أخرى، فانك لا تستطيع أن تظن "الكفاءة في الإنتاج مع الآخرين. إنك تعتقد "الفاعلية" مع "الناس" و "الكفاءة" مع "الأشياء". لقد حاولت أن أكون "كفؤاً" مع شخص اختلف معه أولاً أستسيغه، غير أن هذا الأمر لم يحقق نجاحاً. لقد حاولت أن امنح طفلاً أو موظفاً "الوقت المناسب" لحل مشكلة ما، غير أنني اكتشفت أن هذه الكفاءة تحلق مشكلات جديدة وقلما تتوصل إلى حل للأمور ذات الاهتمامات العميقة.

لقد شاهدت آباء كثيرين، خاصة أمهات مع أطفالهن، وقد سيطر عليهن الإحباط إزاء في رغبتهن في إنجاز أشياء كثيرة؛ نظراً لأن كل ما كن يفعلنه لا يتجاوز الاستجابة لاحتياجات الصغار طوال اليوم، وعليك أن تتذكر أن الإحباط ما هو الإنتاج لتوقعاتنا، وأن توقعاتنا عادة ما تكون انعكاساً للمرأة الاجتماعية أكثر منها انعكاساً لقيمنا وأولوياتنا.

غير أنه كانت العادة الثانية متجذرة في أعماق عقلك وقلبك، فلسوف تجد نفسك مسوقاً بتلك القيم الرفيعة، وباستطاعتك أن تخضع جدولك لتلك القيم مع التماسك، وباستطاعتك التكيف، وباستطاعتك أن تكون مرناً. لذا, فليس عليك أن تشعر بالذنب إذا ما أخفقت في الوفاء بجدولك أو حينما تضطر إلى تغييره.


المرجع: العادات السبع للناس الأكثر فعالية
اسم الكاتب: ستيفن ر. كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2004
رقم الطبعة: السادسة
رقم الصفحة: 236-238
كلمات مفتاحية: الإرادة الحرة – الإنضباط الذاتي – التماسك والإلتزام – الأولويات – التخطيط – تحديد المهام – تحديد الأدوار - إدارة الوقت.

رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=141