يواجه أطفال اليوم مجموعة من الضغوط التي تعترضه أكثر من الأجيال السابقة في مرحلة الطفولة المتوسطة، والتي قد تأتيه من عدة مصادر، منها ما يأتي من الطفل نفسه، أو من المعلمين، أو الآباء، أو الزملاء، أو المجتمع بشكل عام.

ويتخذ الضغط أشكالاً عديدة من التحديات التي يجب أن يتخطاها الطفل، أو يتكيف معها. قد ينتج عن وجود الضغوط مشاحنات طفيفة مع الوالدين بسبب الواجبات المدرسية، لذلك على الوالدين أن يعلما أن ذلك جزء من التربية اليومية للأطفال. كما يرحب الأطفال ببعض الأحداث ويكونون قادرين على التعامل معها، لكن البعض الآخر يشكل التغير تهديداً لهم، ويسبب ذلك لهم اضطراباً.

وتعتبر معظم الضغوط التي يتعرض لها الأطفال جزء من التربية والتعلم، وعملية النمو نفسها، حيث يتعلمون من هذه المواقف والمراحل الكثير عن أنفسهم. وقد يقلق الطفل من تكوين الصداقات، أو من النجاح في المدرسة، أو من التنافس البدني مع الزملاء وصعوبات التغلب عليهم. إذا كانت الضغوط والتوتر طويلة الأمد وتشكل إجهاداً للطفل قد يؤثر ذلك سلباً عليه.

كذلك قد يتعرض الطفل لأحداث كبرى، خاصة التي تحدث فيها تغيرات للأسرة، ويمكن أن يؤثر ذلك بشكل دائم على الصحة النفسية للطفل. لكن تنتج عن الضغوط الطفيفة اليومية عواقب أيضاً، كأن تتسبب في فقدان الشهية، أو سرعة غضب الطفل، أو التأخر في الدراسة، أو تغير السلوك وعدم استعداد الطفل للتعاون والاستجابة لتوجيهات الوالدين، أو نوبات من البكاء، أو الكوابيس واضطرابات النوم.

وتختلف أمزجة الأطفال في التعامل مع الضغوط والإجهاد اليومي. بعض الأطفال يكون هادئاً بطبيعته، ويستطيع التكيف مع الأحداث الجديدة. والبعض الآخر يفقد توازنه بسهولة نتيجة تغيرات الحياة. كما يستطيع جميع الأطفال تحسين قدرتهم على التعامل مع الضغوط ومواجهة التحديات، أو إدارتها إذا شعروا أن لديهم الدعم العاطفي من الأسرة والأصدقاء.

وتختلف درجة تأثير الضغوط على الطفل بحسب عُمره، فعند تغيير مدرس الصف خلال منتصف العام الأول للدراسة يكون التأثير كبيراً، بينما لا يمثل مثل هذا التغيير إلا إزعاجاً للطفل في الصف السادس. ويعتبر كون الطفل قصيراً مسألة ثانوية لطفل عمره 6 سنوات، لكنه مصدر إحراج يومي للمراهقين. لذلك تعتمد استجابة الطفل للضغوط جزئياً على عملية تنمية قدراته، وتكوين خبرته الشخصية، وأيضاً مزاجه الشخصي.

ومن الخطأ أن يعتقد الآباء أن أطفالهم صغار، وأنهم في سن المدرسة لا يعرفون معنى الضغوط اليومية. الأطفال حساسون جداً للتغيرات حولهم ويتوقعون تقدير ذلك من الأهل. وإذا تعرض عمل أحد الوالدين لمشاكل تهدد وظيفته يكون على الطفل التكيف مع هذا التغير المادي في حياة الأسرة. كذلك يشكل مرض أحد الوالدين شعوراً بالخطر للطفل، ويشكل الفشل الرياضي أو البدني إحساساً بالضعف.

بحسب الكثير من علماء النفس، يواجه الأطفال والمراهقون اليوم ضغوطاً أكثر من الأجيال السابقة، في الوقت الذي يتراجع مستوى الدعم الاجتماعي المتاح لهم، نتيجة التغيرات في بنية الأسرة الحديثة، وتلاشي الأسرة الممتدة، وتزايد الطلاق، وانشغال الوالدين في العمل. ويتعرض أطفال اليوم لضغوط أكبر بسبب أقرانهم وزملائهم نتيجة تزايد الاستهلاك والتنافس. ويؤدي ذلك إلى مزيد من الإحساس بعدم الأمان.

أما أفضل الطرق لمساعد الطفل على التأقلم مع هذه الضغوط، التغلب على بعضها هو الدعم العاطفي والاجتماعي، وتفهم طبيعة الضغوط التي يتعرضون لها، ومد يد العون لهم للتأقلم والتعايش معها وتكوين الخبرات. ومن المفيد التعامل مع بعض أنواع الضغوط والإجهاد، خاصة البدني باعتبارها ضغوط حميدة وجيدة، وتقديم يد العون والمعرفة والنصيحة بشأن إدارة الضغوط العصبية للتنافس الرياضي، حيث تعتبر الإدارة الجيدة للضغوط العصبية أحد مفاتيح النجاح.

وتساعد كثرة الأنشطة وتنوعها ما بين الرياضي والفني والاجتماعي على اكتشاف الطفل قدراته، وتعزيز ثقته في نفسه، وإتاحة المجال أمامه لتنمية قدراته على التغلب على التحديات.