موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
فلنبدأ البناء بتربية الأبناء2
يقول معاذ بن عمرو : جعلت أبا جهل يوم بدر من شأنى ، فلما أمكننى حملت عليه ، فضربته ، فقطعت قدمه بنصف ساقه ، فضربني ابنه عكرمة على عاتقي ، فطرح يدي ، وبقيت معلقة بجلدة بجنبي ، وأجهضني عنها القتال ، فقاتلت عامة يومي ، وإني لأسحبها خلفي ، فلما آذتني وضعت قدمي عليها ، ثم تمطأت عليها حتي طرحتها
قال الذهبي : هذه والله الشجاعة ، لا كآخر ، ، ومن خدش بسهم ينقطع قلبه وتخور قواه" .
3- أحقا بايعك رسول الله (عبد الله ابن الزبير)
كان أول مولود للمهاجرين بالمدينة ، وكبر المسلمون تكبيرة واحدة حتي ارتجت المدينة
روي مسلم :"خرجت أسماء بنت أبي بكر حين هاجرت وهى حبلي بعبد الله ، فنفست بقباء فذهب لرسول الله صلي الله عليه وسلم ليحنكه ، فأخذه الرسول منها فوضعه في حجره ، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم بصقها في فيه ، فإن أول شيء دخل بطنه لريق رسول الله صليه الله عليه وسلم ثم مسحه وصلي عليه وسماه عبد الله ثم جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فتبسم الرسول حين رآه مقبلاً إليه ثم بايعه …
فقالت له امرأة من المهاجرات :
أحقا بايعك رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ فقال نعم : فقالت : بالله لقد آثرك الله على صغر سنك!
فقال : يا خالة : (إن صغيرنا إلي كبر وإن كبرا كن إلي صغر وبعد فرسول الله أبصر) . رواه مسلم2146
غرست فيه أمه الهمة العالية ليكون قائدا لا إمعة فربته على قاعدة :"من يكون معي؟" لاأن يقول:"مع من أكون".
يروى عن عبد الله بن الزبير أنه كان يلعب مع الصبيان،وهو صبي، فمرّ رجل فصاح عليهم،ففروا،ومشى ابن الزبير القهقرى، وقال:"ياصبيان! اجعلوني أميركم،وشدوا بنا عليه!
حكى ابن قتيبة : أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ مر بصبيان يلعبون ، وفيهم عبدالله بن الزبير ؛ فهربوا منه إلا عبد الله ، فقال له عمر: لم لا تهرب مع أصحابك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين : لم أكن على ريبة فأخافك ، ولم يكن الطريق ضيقا فأوسع لك .
فانظر ما تضمنه هذا الجواب من الفطنة ، وقوة المُنَّة ، وحسن البديهة ، كيف نفى عنه اللوم ، وأثبت له الحجة ، فليس للذكاء غاية ، ولا لجودة القريحة نهاية . الأحكام السلطانية للماوردي ص 24
* كان أبوه قد أركبه يوم اليرموك فرسا وهو ابن عشر سنين ووكل به رجلا.
* وفى المستدرك-6400 - أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وهو يحتجم ، فلما فرغ قال : " يا عبد الله ، اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد " ، فلما برزت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدت إلى الدم فحسوته ، فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما صنعت يا عبد الله ؟ " قال : جعلته في مكان ظننت أنه خاف على الناس ، قال : " فلعلك شربته ؟ " قلت : نعم ، قال : " ومن أمرك أن تشرب الدم ؟ ويل لك من الناس ، وويل للناس منك . " فكانوا يرون القوة التى فيه من مخلطة دم رسول الله
تعويد الطفل علي الخير
. يقول الإمام الغزالي :
" والصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة , فإن عُوِّد الخير وعلمه، نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ، وإن عُود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك . وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق
وينشأ ناشئ الفتيان فينا ***علي ما كان عوده أبوه.
وما دان الفتي بحجي ولكن *** يعوده التدين أقربوه.
فالأب الذي يدفع بولده إلي المدارس الأجنبية والمعاهد التبشيرية يرضع من لبانها ويتلقف التوجيه والتعليم علي يد منصريها .. فلا شك أن الولد سينطبع علي الزيغ والضلال ..
أرضعوا الأطفال في المهد الحرام *** علموهم فحشهم قـــبل الكلام.
هدهـــــدوهم بعـــــداءٍ ، بهجاء *** بفسوق ، بأذى عند المنام.
الأب الذي يرخي العنان لأولاده أمام شاشات التلفاز والدش والنت يستعرضون الشهوات والملذات المحرمة لاشك أن هذا النبت سيخرج وبالا ومعول هدم علي الأمة .
وليس النبت ينبت في جنان***كمثل النبت ينبت في الفلات .
هي الأخلاق تنبت كالنبـات*** إذا سقيت بماء المكرماتِ
تقوم إذا تعاهدها المربي ***على ساق الفضيلة مثمراتِ
ولم أر للمكارم من محلٍ*** يهذبها كحضن الأمهاتِ
وهل يرجي لأطفال كمالُ *** إذا ارتضعوا ثُدِيَ الناقصات
مسئولية التربية الإيمانية
اغرس في نفس طفلك روح الخشوع والتقوى والعبودية لله بتفتيح بصائرهم علي القدرة والمعجزة والملكوت الهائل الكبير , وتنمية روح المراقبة لله في كل تصرفاتهم .
إن مسئولية التربية الإيمانية لدي المربين والآباء والأمهات لهي مسئولية هامة وخطيرة لكونها منبع الفضائل ومبعث الكمالات بل هي الركيزة لدخول الولد حظيرة الإيمان وبدونها لا ينهض الولد بمسئولية ولا يتصف بأمانة ولا يعرف غاية ولا يعمل لمثل أعلي ولا هدف نبيل .. بل يعيش عيشة البهائم همه بطنه وفرجه
قد ينفع الأدب الأولاد في صغر***وليس ينفعهم من بعده أدب .
إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت***ولا تلين ولو لينته الخشب .
وهذا رسول الله يوجه هذا الغلام الصغير فبقول له : يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك.. الحديث
يحكي الغزالي في الإحياء عن ( سهل بن عبد الله التسقري ) قال :
كنت أنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلي صلاة خالي ( محمد بن سوار )
فقال لي يوما : ألا تذكر الله الذي خلقك ؟ فقلت : كيف أذكره ؟ قال : قل بقلبك عند تقلبك في فراشك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك :
الله معي , الله ناظر إلي , الله شاهدي .
فلما فعلت ذلك ليالي قال لي : قل في كل ليلة سبع مرات , ففعلت فوقع في في قلبي حلاوته فلما كان بعد سنة, قال لي : احفظ ما علمتك ودم عليه إلي أن تدخل القبر , فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة .
فلم أزل علي ذلك سنين , فوجدت لذلك حلاوة في سري . ثم قال لي خالي يوما :
يا سهل من كان الله معه وناظرا إليه وشاهده .. أيعصيه ؟! فإياك والمعصية !
وأصبح سهل من كبار العارفين من فضل خاله الذي أدبه وغرس في نفسه مراقبة الله ،فحفظ القرآن وهو ابن ست سنين، وكان يفتى في مسائل الزهد والفقه وهو ابن اثنتي عشر سنة , ولما بلغ 13 سنة فردت له مسألة فلم يجد ببلده من يجيبه فسافر من أجلها .!
فإذا فقدت التربية الإيمانية فماذا نجنى غير الشوك!
إذا الإيمان ضاع فلا أمان*** ولا دنيا لمـــن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين*** فقد جــــعل الفناء لها قرينـا
مسئولية التربية العقلية والعلمية
حيث يكون الولد في الصغر أصفي ذهنا وأقوى ذاكرة وأنشط تعليما
أرانى أنسي ما تعلمت في الكبر *** ولست بناس ما تعلمت في الصغر .
وما العلم إلا بالتعلم في الصبا *** وما الحلم إلا بالتحلم في الكبر .
ولو فلق القلب المعلم في الصبا *** لأصبح فيه العلم كالنقش علي الحجر .
وما العلم بعد الشيب إلا تعسف *** إذا كلّ قلب المرء والسمع والبصر .
وما المرء إلا اثنان عقل ومنطق *** فمن فاته هذا وهذا فقد دَمر .
1- الإمام مالك بن أنس .
. يقول الذهبى :" طلب العلم وهو حدث وتأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدي وعشرون سنة ..
يقول مالك : قلت لأمي : أذهب فأكتب العلم ؟ فقالت : تعال فالبس ثياب العلم ثم قالت: اذهب فاكتب الآن وقالت لي : اذهب إلي ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه .."
يقول : كان لي أخ فألقي علينا أبي مسألة , فأصاب أخي وأخطأت . فقال لي أبي : ألهتك الحمام عن طلب العلم! .
فغضبت وانقطعت إلي ابن هرمز سبع سنين , وكنت أناول صبيانه التمر وأقول لهم : إن سألكم أحد عن الشيخ فقولوا مشغول .
يقول مالك : كنت آتي أبن هرمز بكرة ,فما أخرج من بيته حتى الليل! .
قال ابن هرمز يوما لجاريته : من بالباب ؟ فلم تر إلا مالكا , فرجعت وقالت : وما ثم إلا الأشقر. فقال : ذاك عالم الناس.
2- الإمام الشافعى
عن الحميدي عن الشافعي: "كنت يتيما في حجر أمي , فدفعتني إلي الكتاب , ولم يكن عندها ما تعطي المعلم ولا ما أشتري به القراطيس فكنت أنظر إلى العظم فآخذه فأكتب فيه،وكنت أسمع المعلم يلقن الصبى الآية فأحفظها أنا .
ولقد كان الصبيان يكتبون إملاءهم فإلي أن يفرغ المعلم من الإملام عليهم كنت قد حفظت جميع ما أملي فقال لي ذات يوم : لا يحل لي أن آخذ منك شيئا ..
يذكر رحلته وهو صغير في طلب العلم أنه خرج للبادية يتعلم لغة العرب وأشعارهم من هذيل أفصح العرب , فجعلت أنشد الأشعار فمر بي رجل فقال : عَزَّ علي ألاتكون في الفقه والعلم هذه البلاغة والفصاحة !
فقلت من بقي ممن يُقصد ؟ قال: مالك بن أنس سيد المسلمين ،فعمدت إلي الموطأ فاستعرته وحفظته , ثم دخلت عليه والي مكة - كان ابن عمه- فأخذت كتابه إلي والي المدينة , فقال : يا بني إن مشيي من جوف المدينة إلي جوف مكة حافيا راجلا أهون علي من المشي إلي باب مالك
فإني لست أري الذل حتي أقف على بابه.
فقلت : إن رأي الأمير أن يوجه إليه ليحضر ، فقال : هيهات ليت أني إن ركبت أنا ومن معي فأصابنا تراب العقيق يقضي حاجتنا .
فواعدته العصر ، وقصدنا بيت مالك ، فقرع الباب فخرجت جارية سوداء فقال لها الأمير : قولي لمولاك إني بالباب .
فدخلت فأبطأت ثم خرجت فقالت إن مولاي يقول : إن كانت مسألة فارفعها إلي في رقعة حتي يخرج إليك الجواب ، وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس فانصرف .
فقال لها : قولي له : إن معي كتاب والي مكة في مهم فدخلت ثم خرجت وفي يدها كرسي فوضعته فإذا بمالك شيخ طوال عليه المهابة ، فقرأ الكتاب إلي أن وصل إلي" … فهذا رجل شريف من أمره وحاله .. فتحدثه وتفعل وتصنع"
فرمي بالكتاب وقال : "يا سبحان الله ! قد صار علم رسول الله يؤخذ بالوسائل ؟!
قال الشافعي : فرأي الوالي وهو يهابه أن يكلمه فقلت للإمام : أصلحك الله إني رجل مُطَّلِبّي من حالي وقصتى ، فلما أن سمع كلامي نظر إليّ ساعة وكانت له فراسة فقال لي : ما اسمك ؟ قلت : محمد . قال : يا محمد اتق الله واجتنب المعاصي ، فإنه سيكون لك شأن من الشأن!!
إن كان غدا تجىء ويجئ من يقرأ لك الموطأ . فقلت إني أقر ظاهرا ، فكان كلما قرأت تهيبته وأردت أن أقطع ، فيقول : زد يا فتي وأعجبته حسن قراءتي وإعرابي ، ثم أخذت أسأله عن مسائل فقال : أنت يجب أن تكون قاضياً.سير أعلام النبلاء
الدروس المستفادة :
1. الأم مدرسة في غرس حب العلم في نفوس الأولاد.
2. أهمية اكتشاف المربي للمواهب والعبقريات.
3. هيبة العلماء والمربين وعزهم وعلو مكانتهم.
4. إتقان اللغة العربية وآدابها مفتاح العلوم الشرعية.
3- الإمام أحمد بن حنبل :
عن إبراهيم بن شماس قال : كنت أعرف أحمد بن حنبل وهو يقيم الليل وهو غلام صغير.
يحكي أبو بكر المروزي عن أبي العفيف وهو يحكي عن الإمام أحمد قال : كان في الكتاب معنا وهو غُلَيِّم نعرف فضله ، وكان النساء يبعثون إلي معلم الكتاب أن يبعث إليهن بأحمد ابن حنبل ليكتب لهن جواب كتبهن، فكان يجئ إليهن مطأطئ الرأس ، وربما أمليت عليه الشيء من المنكر فيمتنع.
وكانت أمه تذهب إلي صلاة الفجر وتأخذه معها.
الأم مدرسة أذا أعددتها *** أعددت شعبا طيّب الاعراق.
الأم روض إن تــعـهـد الـحـيـا*** بــالــري أورق أيــمــاً إيـــراق .
الأم أستاذ الأساتذة الأُلى ***شغلت مآثرهم لدى الآفاق.
من لى بتربية النساء فإنها*** فى الشرق علة ذلك الإخفاق .
4- الإمام البخاري
إمام الدنيا .. اعتنت به أمه منذ الصغر ، ذهبت عيناه فرأت في المنام إبراهيم الخليل يقول لها : يا هذه : قد رد الله على ابنك بصره لكثرة دعائك ، فأصبحت وقد رد الله بصره . تاريخ بغداد 2/6
يقول البخاري : ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب وسني عشر سنين أو أقل ثم خرجت وجعلت اختلف إلي الداخلي وغيره فقال يوما : حدثنا سيفان "عن أبي الزبير عن إبراهيم ، فقلت إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهزني فقلت ارجع إلي الأصل ، فدخل فنظر في كتابه ثم خرج فقال لي : كيف هو يا غلام قلت هو : الزبير بن عدي عن إبراهيم فأخذ القلم مني وأحكم كتابه وقال صدقت ، وكان ابن احدي عشر سنة حينئذ فلما طعن في السادسة عشر حفظ كتب ابن المبارك ووكيع وعرف كلام أهل الفقه ولما طعن في ثماني عشرة سنة جعل يصنف في قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم . تاريخ بغداد 2/6
وكان شيخه السرمارى يجلسه وهو صغير على حجره ويقول : من أراد أن ينظر إلي فقيه بحقه وصدقه فلينظر إلي محمد بن إسماعيل البخاري .
هذه طفولته وكيف اعتنى المربون والعلماء بتلك النماذخ الشمّاء
وصدقت أم الدرداء :" اطلبوا العلم صغارا ، تعلموا كبارا ، فإن لكل حاصد ما زرع"
5- شيخ الإسلام ابن تيمية
نشأ من حين نشأ في حجر العلماء يقول الحافظ البزار :
أنبته الله نباتا حسنا وكانت مخايل النجابة عليه في صغره لائحة فكان في حال صغره إذا أراد المضي إلي الكتاب يعترضه يهودي ويسألونه بمسائل لما كان له من ذكاء وفطنه وكان يجيب عنها سريعاً حتي تعجبت منه ، وأخذ الصبي يورد عليه أشياء تخبره ببطلان ماهو عليه فلم يلبث أن أسلم وحسن إسلامه وكان ذلك ببركة الشيخ على صغر سنه .
وختم القرآن صغيراً وأقبل على علوم الحديث والتفسير وأحكم الفقه والنحو والأصول وهو ابن بضع عشرة سنة!!
حتي قال عنه شيخ : إن عاش هذا الصبي ليكونن له شأن عظيم فإن هذا لم يُر مثله"
فلنبدأ البناء بتربية الأبناء
إن الغصون إذا قوَّمْتَها اعتدلت *** ولا يلين إذا قوَّمْتَه الخشبُ
المفضلات