موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
فلنبدأ البناء بتربية الأبناء1
بسم الله والحمد لله
فلنبدأ البناء بتربية الأبناء
قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ، عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) 66-6
قال المفسرون :حق على كل مسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه.
وروى الشيخان عن النبى صلى الله عليه وسلم :
(كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها …)
وروي ابن ماجة : (أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم).
حمل الإسلام الآباء والأمهات مسئولية كبيرة في تربية الأبناء , وإعدادهم الكامل لحمل أعباء الحياة , وتهددهم بالعذاب الأكبر إذا هم فرطوا أوقصروا أوخانوا.
ومن المؤسف أننا فقدنا كثيرا من تربية أولادنا واعترانا جزر بعد مد ، يوم أن جعلنا ديننا ولغتنا وتاريخنا وراءنا ظهريا .
وصرنا مسلمين شكلا فحسب وتخلفنا عن المنهج الربانى ذى المعين الصافى والنبع العذب، فقصرنا فى تربية أنفسنا والأجيال التى من بعدنا ، وإنما تقاس حضارة الأمم بتربية وتعليم نشئها .
إن طريقنا لتبوأ المكان الأسمى على الأمم يبدأ من هنا ؛
من تربية الأبناء وفق المنهج الربانى تربية شاملة مكتملة مراعية للفروق الفردية ولا تهمل جانبا من جوانب النفس
والنفس كالطفل إن تهمله شب على *** حب الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ
أخوكم الفقير إلى الله| أبو مسلم وليد برجاس
اهتمام السلف بتربية أبناءهم
روي الترمزي مرفوعا قال : "لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدقه بصاع"
وروي أيضاً "ما نحل والدُ ولدا أفضل من أدب حسن"
وروري عبد الرازق" علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم"
فكانوا ينتقون لأولادهم أفضل المؤدبين علما وخلقا .
هذا عقبة بن أبي سفيان لما دفع ولده إلي مؤدب قال له :
"ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بنيّ إصلاح نفسك ، فإن أعينهم معقودة بعينك ، فالحسن عندهم ما استحسنت ، والقبيح عندهم ما استقبحت ، علمهم سير الحكماء وسير الأدباء ، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتي يعرف الداء…"
وقال أحد الحكماء لمعلم ولده :
"لا تخرجهم من علم إلي علم حتي يُحكموه ، فإن اصطكاك العلم في السمع وازدحامه في الوهم مضلة للفهم .."
وقال الحجاج : "علمهم السباحة قبل الكتابة ، فإنهم يجدون من يكتب عنهم ولا يجدون من يسبح عنهم.."
وكتب عمررضى الله عنه لأهل الشام : "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل".
قال صالح بن عبد القدوس:
وإن من أدبته في الصبا***كالعود يسقى الماء في غرسه.
حتى تراه ناظراً مورقا *** بعد الذي قد كان من يبسه.
ماذا ننتظر من أولاد لم يلقوا من آبائهم وأمهاتهم سوي الإهمال والتقصير ؟!
لاشك سينشأون نشأة اليتامي ويعيشون عيشة المشردين ، سيكونون معول هدم وفساد ، وأداة إجرام على الأمة بأسرها ، ولله در شوقي حين قال :
ليس اليتيم من أنتهي أباه *** من هم الحياة وخلفاه ذليلاً.
إن اليتيم هو الذي تلقي له ***أُمّا تخلت أو أبا مشغولاً.
وذكر الراغب الأصفهاني أن المنصور بعث إلي من في الحبس من بني أمية من يقول لهم :
"ما أشد ما مر بكم في هذا الحبس ؟ فقالوا : "ما فقدنا من تربية أولادنا"!!.
يا أهل المسجد رفقا بأولادنا
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما وعليهما قميصان أحمران يعثران فيهما فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فقطع كلامه فحملهما ثم عاد إلى المنبر ثم قال صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة رأيت هذين يعثران في قميصيهما فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما النسائى1413
كم هو الفارق بين رفق النبى صلى الله عليه وسلم بالصغار وقسوة معاملة المصلين للرواد الصغار
فتجد تنفيرا وصدودا لمجرد أن هؤلاء الصغار عبروا بعفوية عن طفولتهم
من يتحمل الأطفال إن لم يتحملهم أهل المسجد؟
التلفاز يتحملهم ،الكنيسة تتحملهم، الشارع يتحملهم
أما أهل المسجد ولا سيما كبار السن وقد اتكئوا على حديث مكذوب على النبى "جنبوا مساجدكم مجانينكم وصغاركم"!
إن معظم من نفروا من المسجد كبارا نفروا منه صغارا … فرفقا بصغارنا يرحمكم الله
فلا بد من صبر وتغافل مع الأولاد ولكل وقت أذان والزمن جزء من العلاج
من رام نيل الشيء قبل أوانه ** رام انتقال يلملم وعسيب.
ومستعجل الشيء قبل الأوان ** يصيب الخسارة ويجني التعب.
متى نبدأ تربية أولادنا؟
إنما تبدأ تربية الولد فى المنهج الإسلامي قبل أن يولد بحسن اختيار الأم؛ تلك الأرض التى نبذر فيها الحب.
1- بائعة اللبن حرم ابن الخليفة
قال أسلم :بينما عمر بن الخطاب (الخليفة) يسير ليلاَ إذ عيي فاتكأ علي جدار فسمع امرأة تقول لابنتها : يابنتاه ! قومى إلي اللبن فأمذقيه بالماء
فقالت البنت : يا أماه أوما علمت أن أمير المؤمنين أمر مناديا ألا يشاب اللبن بالماء .
فقالت لها : يا بنية , قومي إلي اللبن فأمذقية بالماء فإنك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر.
فقالت الصبية لأمها : يا أماه إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا .
والله لا كنت لأطيع أمير المؤمنين في الملأ وأعصيه في الخلاء
وعمر يسمع فقال لأسلم : علم الباب , فلما أصبح قال يا أسلم : امض إلي ذلك الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها وهل لهم من بعل ؟
فأتيت الموضع فنظرت فإذا الجارية لا بعل لها،
وإذا تيك أمها وليس لهما رجل ،وأخبرت عمر , فجمع أولاده وقال : هل فيكم من يحتاج إلي امرأة أزوجه ؟ ولو كان بأبيكم حركة إلي النساء ما سبقه أحد منكم إلي هذه الجارية!!
فقال عاصم يا أبتاه : ليس لي زوجة فزوجني فبعث إلي الجارية فزوجها.
فولدت لعاصم بنتا وولدت تلك البنت (عمر بن العزيز) رحمة الله
بكي عمر بن عبد العزيز وهو غلام صغير ، فأرسلت إلية أمة وقالت ما يبكيك ؟ قال : ذكر الموت !
وكان يومئذ قد جمع القرآن ،فبكت أمة حين بلغها ذلك .
ذرية بعضها من بعض قال تعالى (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لايخرج إلا نكدا)7\58
أختاه من للنشء يثقل فكرهم*** ويريهم السنن القويم سواك ؟!
2- اقطعوا لسان أمي قبل أن تقطعوا يدي
حكمت إحدي المحاكم الشرعية علي سارق بعقوبة القطع , فلما جاء وقت التنفيذ .. قال بأعلى صوته , قبل أن تقطعوا يدي اقطعوا لسان أمي ..!!
فقد سرقت أول مرة في حياتي بيضة من جيراننا ,فلم تؤنبني ,ولم تطلب منى إرجاعها إلي الجيران , بل زغردت وقالت : الحمد لله لقد أصبح أبني رجلا , فلولا لسان أمي الذي زغرد للجريمة لما كنت في المجتمع سارقا .
وهل يرجي لأطفال كمال *** إذا ارتضعوا ثُدي الناقصات.؟
3- عقوق الآباء للأبناء
جاء رجل إلي عمر بن الخطاب ليشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر ابنة وأنبه فقال الولد : يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ قال : بلي . قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب (القرآن)
فقال الولد : إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك. أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي ، وقد سماني جُعلا (أى خنفساء) ، ولم يعلمني من الكتاب حرفا واحدا"!!
فقال عمر للرجل :"قد عققتَ ابنك قبل أن يعققك ابنُك.
4- فاتك القطار
يقول الدكتور محمد الصباغ: جاء رجل إلى مالك بن نبي يسترشده لتربية مولود له ، فسأله: كم عمره؟ قال: شهر، قال: فاتك القطار.
قال: وكنت أظن بادئ الأمر أني مبالغ، ثم إني عندما نظرتُ وجدت أن ما قُلتُه الحقُّ، وذلك أن الولد يبكي، فتعطيه أمه الثدي، فينطبع في نفسه أن الصراخ هو الوسيلة إلى الوصول إلى ما يريد، ويكبر على هذا، فإذا ضربه اليهود بكى في مجلس الأمن يظن أن البكاء يوصله حقه.
اهتمام النبي صلي الله عليه وسلم بتربية الأولاد
روي الحاكم بسنده مرفوعا قال : (افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله) فجعل أول كلمة تقرع سمعه لتكون أول كلمة يفصح بها لسانه ويختم بها عند مماته .
واستحب أيضاً التأذين في آذان المولود اليمني والإقامة في اليسري … تنبيها له أن الحياة قصيرة مقدارها كما بين الآذان والإقامة.
تعليم الأولاد القرآن ومغازي الرسول وسير الصحابة
يقول سعد بن أبي وقاص كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله صلي الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن.
وذلك حتي يتأسي بسير الأولين وحتي يرتبطوا بالقرآن والتاريخ شعورا وروحا ومنها جاء
وقد أوصي الغزالي في الإحياء " بتعليم الطفل القرآن الكريم وأحاديث الأخبار وحكايات الأبرار ثم بعض الأحكام الدينية "
وأشار ابن خلدون في مقدمته الي أهمية تعليم القرآن للأطفال وتحفيظه وأوضح أن تعليم القرآن هو أساس التعليم في جميع المناهج الدراسية في مختلف البلاد الإسلامية لأنه شعار من شعائر الدين يؤدي إلي تثبيت العقيدة ورسوخ الإيمان … "
1- همم صبية بيت النبوة (عبد الله ابن عباس )
لكم تخشع الكلمات أمام هذا الحبر وهو صغير وقد عزم على السهر ليطلع على قيام النبي صلي الله عليه وسلم لليل ، ثم خشي أن يغلبه النوم فيوصي خالته قائلاً :
( إذا قام رسول الله صلي الله عليه وسلم فأيقظيني) فلما قام الرسول أعد له الوضوء فدعا النبي صلي الله عليه وسلم له : (اللهم فقهه في الدين)
يقول : (صليت مع النبي صلي الله عليه وسلم فقمت إلي جنبه عن يساره ، فأخذني فأقامني عن يمينه وأنا يومئذ ابن عشر سنين. رواه أحمد
ويكابد السهر وطوله مع رسول الله وهو يحيي معظم الليل ..
انظر إلي جبهة هذا الغلام الطيب المبارك وهي تسجد لربها قدر خمسين آية في ظلام الليل ، ويعطف عليه رسول الله ويشفق على ابن عمه الصغير فيقول ابن عباس عن رسول الله صلي الله عليه وسلم : وضع يده اليمني على رأسي ، وأخذ بأذني اليمني يفتلها , فجعل يمسح بها أذني , فعرفت أنه إنما صنع ذلك ليؤنسني بيده في ظلمة البيت .
تلك همم صبية بيت النبوة ، لله درهم ، طين عُجن بماء الوحي وغرس بماء الرسالة فهل يفوح منه إلا مسك الهدي وعنبر التقي !
2- (هذه والله الشجاعة) المعاذان
روى الشيخان عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال :
إني لواقف يوم بدر في الصف فنظرت عن يمينى وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما ،فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما فغمزني أحداهما وقال لي سرا : يا عم ! أتعرف أبا جهل ؟ فقلت: نعم , وما حاجتك إليه ؟
قال أخبرت أنه يسب رسول الله صلي الله عليه وسلم , والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتي يموت الأعجل منا .
فتعجبت لذلك ، فغمزني الآخر فقال لي أيضاً مثلها ، فنظرت إلي أبي جهل وهو يجول في الناس ، فقلت : هذا صاحبكم الذي تسألان عنه ، فشدا عليه مثل الصقرين حتي ضرباه ..
____________________
المفضلات