كيفية التخلص من الذكريات الأليمة


لماذا نتشبث بالألم، بالرغم من معرفتنا أننا غير قادرين على تغيير أخطاء الأمس، ولِمَ لا نحتفظ بالأمل والحب المتبقي بدلا من الحزن؟


سنوات وسنوات والبعض عالق في الماضي والقصص المرتبطة بالألم ما تزال حية، ويبقى الدافع نحو الحزن والوحدة، وبمرور الوقت يعتادون المعاناة ويضيعون، وبالتالي يشعرون بالفراغ بدون هذا الشعور الأليم، ويصعب مع ذلك التخلي عن كل هذه الأمور، وربما لا يمكنه المضي قدما، وهذا أمر مؤسف لمن يفضلون الإبقاء على مشاعر الغضب والحزن وكل شيء.













ويكون بالنسبة لهؤلاء اللوم هو طريقتهم في التعامل وأصابع الاتهام موجهة لكل من حولهم، والنتيجة الشعور ببؤس أكبر وانغلاق على النفس بشكل أكثر، والألم أشبه بمخدر يومي، فيما الخبرات والحياة وكل شيء يتوقف، وإن كانوا يستمرون بالعيش مع هذه الحقيقة.
فكيف التغيير وكيف الخروج من تلك الحالة بدءا من عقد العزم على التخلي عن كل هذا، والمضي قدما، وصولا بالتغيير الجذري لكافة النواحي السلبية، واستبدالها بذراعين مفتوحتين على الحياة، مع الإبقاء على حقيقة أن ما حصل أمر محبط، ولكنه لن يتكرر إن قررنا هذا، وإن فشلنا لا يعني الانهزام بل هو دافع للنهوض من جديد.


للتخلص من الماضي وارتباطنا به والتقدم نحو الأمام، يتطلب ذلك شجاعة كبيرة للخروج من هذه الحالة التي استغرقت وقتا من حياتنا، وتبدأ بالتوصل لتفاهم مع الماضي بمعنى أن ما حصل آنذاك لا يعني أنك شرير أو سيئ، فارتكاب الخطأ أمر طبيعي لكوننا بشرا.


ولكن هذا لا يعني تطبيق أحكام قاسية على أنفسنا وإنزال العقوبة فيها وتقويض الشخصية ونكران الذات وفقدان الثقة بالنفس، فنحن نحتاج لفهم أن ما حصل أمر طبيعي، والجميع يرتكب أخطاء، ولكن السلبية في التعامل معها هي ما يتركنا عالقين هناك.


ومن هنا، فإن العواطف السلبية، هي التي تعزز الشعور باللوم والوحدة والتعب والرغبة في الانزواء والغضب والشعور بالأسف على الذات، ولكن يمكن تغييرها حين نصبح قادرين على المغفرة والعفو.


فحين نتوقف عن لوم أنفسنا ومن حولنا، نبدأ بالسير على الطريق الصحيح في تحرير أنفسنا من القيد، ونتخلص من ذلك العبء المليء بالحقد والضغينة أولا، وتكشف الغمامة السوداء عن عيوننا، فنرى الأمور على حقيقتها، وفي ذلك يمكن النقاش وحتى الاعتذار ربما، وإن لم يجد ذلك نفعا، ولكنه بادرة تدل على أننا تجاوزنا ذلك الحصن المؤلم.


وتتحقق الحرية أيضا من خلال التوقف عن التفكير بالأمور الصغيرة وتفاصيلها برغم أهميتها، فهي تمنعنا من رؤية الصورة الأهم والأكبر، التي تشمل الروح والأمل والحياة والنظر إلى الأمام وإلى من حولنا وعلاقاتنا والمضي قدما لا يعني التخلي عن كرامتنا، ولكن طريق القوة لإثبات أننا ما نزال نحن ولم نتغير ولم نفقد تلك الروح التي اعتادت أن تجعلنا مميزين عمن حولنا. وهذه نعمة بحد ذاتها أن ندرك أننا غير أولئك المنكبين على البكاء والتذكر والتوقف عن الحياة، لنصبح قادرين على اتخاذ قرار بما نريده، وهي اللحظة الحاسمة بأننا مستعدون لفتح الباب على مصراعيه للحياة والأمل من جديد. ويعتمد ذلك على قدرتنا في توجيه أفكارنا، بمساعدة من حولنا بإيجابية، واتخاذ قرارات مستقبلية وأهداف نريد تحقيقها، وفي نفس الوقت الاعتبار مما سبق لرؤية علامات نفس الأخطاء وتمييزها. وهذا يساعدنا على تصحيح الأمور وتفادي الكثير من المشقة والألم لاحقا.


هذه الطرق تعتمد على الفرد نفسه واستعداده إذ إن الرغبة في العيش والسعادة هما أهم دافع للتخلص من قيود الماضي وألمه والقدرة على فتح صفحة جديدة ومجرد الرغبة، بهذا تتطلب شجاعة كبيرة، وهذا يثبت أن صاحبها ليس شخصا انهزاميا كما كان حين عزل نفسه في بئر أحزان الماضي.