لا تُغضب غالياً . . ثم تؤجّل إرضاءه إلى الغد !!
ابوفهد زميل عمل يبلغ من العمر نحو 50عاما
في ليلة وبمناسبة سَكَنِهْ في منزل جديد
أقام مأدبة عشاء للزملاء
لبيت العزيمة وليتني لم ألبيها
يعلم الله اني ندمت على ذهابي
خلوكم متابعين وبقولكم لمَ الندم..
تجمع الزملاء وذهبنا له في منزله
بيننا المسن والشاب..
لفيف من الزملاء أكتظ بهم مجلسه..
ثلاثة من أطفاله.. أخذوا مكانا في طرف المجلس
..[ محمد وانس ومعاذ ]..
كان أبوفهد يصب القهوه بشوشا ضاحكا فرحا
اتت اللحظة الحاسمة والتي قلبت فيها كيانه..
قلبت فرحه لحزن..
وأبكيته دون أن أعلم ما يخفي هذا الخمسيني..
لم يرق لي صب ( أبوفهد) للقهوة..
كبير في السن ويصب القهوة لنا الشباب لم اتعودها في محيطي
وقمت وألحّيت عليه كي أصبها..
لكنه حلف وأجبرني على الجلوس
قلت له ممتعضا وين فهد ليه ما يجي يقابل الرجال ويساعد أبوه
لم أكن أعرف عن فهد إلا أنه ابنه البكر ولهذا تمت تسميته أبوفهد
كنت منتقل حديثا للإدارة ولم أعرف أسرار الزملاء ولا أي أمر خاص لهم
كانوا بالنسبة لي صناديق مغلقه..
لا أعرف عن حياتهم الخاصة أيشيء..
عندما سألت عن فهد
صمت المجلس عن بكرة أبيه.. وتغيرت ملامح أبوفهد
اختفت الابتسامة..
ولجمت الألسن..
علمت أني جبت العيد..
وصمت
لاح بوجهه بعد أن وضع الدلة على الطاولة
وخرج من المجلس وتبعه أطفاله الثلاثة
التفت على زميلي اللي يجلس إلى جواري..
وقلت وش فيه..؟؟
قال: فهد ميت.. وأنت جبت العيد..
قلت متى؟؟
قال من 10 سنوات
ياااااااه عشر سنوات وما زال يذكره..
..[ يا لرقتك يا ابافهد]..
عاد ابوفهد بعد أن أفرغ ما بهوأثار البكاء باديه على وجهه
تعشينا.. واصريت أن أبقى حتى رحيل آخر الضيوف وأقدم له العذر
بالفعل عندما رحل آخر الزملاء اقتربت منه
وقلت: أنا آسف لم أعلم ان فهد ميت..
هذا قدره..
وهو طريق سيمشيه الجميع..
التفت علي وقال.. حصل خير..
لا تعتذر فذكراه لا تغيب
قلت: ولكن يا أبوفهد عشر سنو ات.. وانت تبكيه..
أين الإيمان بالقدر..
قال.. أنا مؤمن بالقدر
أحزني . .. لم يكن للوفاه !!!
فقد فقدت معه طفلة أخرى في حادث وقع لنا ونحن عائدون للرياض قادمين من أبها في إحدى الإجازة الصيفية ولم ابكها كما بكيته
مات وهويبكي..
مات بعد أن اغضبته..
مات بعد أن ضربته..
لم يسعفني القدرلضمه..
لم يسعفني القدرلتطييب خاطره..
لم يسعفني القدرلمسح دموعه..
كان أبوفهد قادما من أبها بصحبةعائلته..
كان فهدعمره عشرسنوات
وكان في المقعد الخلفي لاهيا ومسببا ازعاجا لوالده
لم يحتمل أبوفهد
الأمر.. ونزل العقال وضربهضربا مبرحا
بكى فهد.. وتألم والده
تألم ومع ذلك قال في نفسه..
سأراضيه في الرياض !!
وقع الحادث وفهد يجهش بالبكاء..
مات فهد وطفلة رضيعة
وأصيبت بقية العائلة وتم نقلهم للرياض على طائرة إخلاء طبي..
يقول أبوفهد..
ليته يعود لو لساعة
مات والحسرة في صدري...
فقط ارغب في ضمه ومسح دموعة
أنا مؤمن بالقضاء والقدر..
ولكن ما زالت الحسرة في قلبي
مات وهوغاضب..
مات وهوباكٍ
مات دون أن اضمه على صدري وأطيب خاطره..
ليت الليالي تعود..
نقسو على من نحب..
ونردد الأيام كفيله بإرضائهم
ولا نعلم أن الموت ربما يكون له رأي آخر
لي . . ولك . . ولكل إنسان يحمل بين جنبيه قلب ( إنسان ) !
تذكر دائماً . . .
لا تُغضب غالياً . . ثم تؤجّل إرضاءه إلى غد !!
المفضلات