حاول أن تلاحظ في هذه القصة العناصر الرئيسية لعملية التغيير، وهي إدراك الذات، تحمل المسؤولية، التعبير الصادق، المساندة الجماعية، تحمل العواقب. أنا مدرس بأحد مراكز تعليم الكبار، وذات مرة و أثناء التعارف في واحدة من الحلقات الدراسية التي كنت أقوم بالتدريس لها، عندما كان يتحدث كل فرد من المجموعة عن سبب التحاقه بهذه الحلقة،وقف أحد أفراد المجموعة وقال:" أدعى هاري وأبلغ من العمر ستة وسبعين عاماً والتحقت بهذه المجموعة لأن زوجتي طلبت مني ذلك" فانفجر الجميع في الضحك، ولكنه كان جاداً للغاية فيما يقول، وأضاف قائلاً: "لقد أخبرتني زوجتي بأن ذلك هو فرصتي الأخيرة، فإذا لم أحاول تقويم سلوكي فسوف تقطع علاقتها بي، فقد كنت وغداً معها طوال حياتي، هل تعتقد لأن أوان التغيير قد فات بالنسبة لي؟" فأجبته قائلاً: "سوف يفوتك أوان التغيير إذا لم تبدأ الآن"

وبمرور الوقت اتخذته المجموعة كموضوع للبحث الشخصي، إن هاري شخص تكره أن تحبه ولكنك تحبه على أي حال، فهو بارع وذكي جداً لكنه يرتكب بعض الحماقات و السلوكيات الطائشة، و يمكنك أن ترى كيف أن وزجته قد نفد صبرها و ضاقت به ذرعاً، ولم يكن من الصعب على المجموعة أن تدرك أن رصيد بنك أحاسيس زوجته قد نفد تماماًلأنه قام على مدار سنوات طويلة بسحب كميات هائلة من رصيده تزيد على إيداعاته، بل في الواقع كان رصيد بنك أحاسيسها على وشك أن ينفد تماماً، ولكن من خلال التقويم و الإرشاد والتعليم سرعان ما بدأ هاري يضيف بعض الإيداعات إلى رصيده، و لكن في البداية لم تصدق زوجته حسن نواياه فأصابه ذلك بإحباط شديد.

لقد كان محبطاً لأن زوجته لم تقل على الفور: "رائع لقد غيّر هذا الشخص من سلوكه بعد كل ذلك!" وأراد هاري أن يكف عن الاستمرار في ذلك، و لكن الجماعة لم يسمحوا له بذلك قائلين:" لقد نفد رصيد زوجتك من الأحاسيس تماماً ولذا يجب عليك أن تداوم باستمرار على القيام ببعض الأشياء التي تعوضهذا الرصيد". ولذلك شرع هاري في القيام ببعض الأعمال المنزلية التي لم يقم بها من قبل، مثل القيام بإخراج القمامة من منزله، وتنظيف الأشياء بعد استخدامها ونقل أطباق طعامه إلى المطبخ، والبدء في التطوع للمساعدة في أعمال المنزل للمرة الأولى في حياته، وبدت علامات الغضب على زوجته التي همست قائلة: "هذا شيء رائع لكنه لن يدوم طويلاً" ولذلك استمر هاري في القيام بتلك الأشياء الصغيرة مثل التأكد من وقت خروجها بالسيارة للقيام بتنظيفها وتزويدها بالوقود، و إذا عاد إلى المنزل فوجدها مشغولة كان يسأل قائلاً:" هل أجلب لك شيئاً من المتجر؟" هل تريدين أن أقضي لك بعض حوائجك؟"

وظل مداوماً على القيام بذلك، وبدأ يصطحبها للعشاء خارج المنزل ويوفّر لها كل ما يضفي على روحها السعادة، و يمكنك القول ببساطة إن مشاعر الحب توقدت بينهما من جديد.

وكانت مجموعتنا تلتقي ساعتين أسبوعياً طوال أحد عشر أسبوعاً، ولذلك كنا نستعرض تقريراً بآخر التطورات كل أسبوع، وبمرور الوقت بدأت زوجته تثق به وتشعر بأنه يقوّم فعلاً من سلوكه، وفي اللقاء الأخير من الدورة سار هاري إلى الحجرة تعلو وجهه ابتسامة عريضة، وأتى إلى مقدمة الحجرة واحتضنني بشدة، وهنا وضعت يدي على كتفه قائلاً: "والآن يا هاري هذا ليس أحد أفعالك الحمقاء أليس كذلك؟" فرد قائلاً:" كلا بالطبع، فقد أوصتني زوجتي بذلك و قامت بإعداد الحلوى لكل أفراد المجموعة، وطلبت مني أن أخبر المجموعة بأنه يمكنني البقاء، أجل يمكنني البقاء.









المصدر: العادات السبع للإقدام على التغيير بشجاعة
الكاتب ستيفن كوفي
مكتبة جرير
الصفحات: 10،11
الكلمات المفتاحية: إدراك الذات، تحمل المسؤولية، التعبير الصادق، المساندة الجماعية، تحمل العواقب.
أرسل بواسطة: رنيم أبو الشامات
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=600