كيف تتمتع بحياتك وتعيش سعيداً ؟

أينما زرعك الله أزهر ( حكاية أعجبتنى وأفادتنى أتمنى أن تعجبكم وتفيدكم )
************************************************** **

تقول إمرأة عاشت فترة من الزمن حياة بائسة ، وكادت أن تنهار ، فقد إضطرت للرحيل من مدينتها ، الأمر الذي جعلها تشعر وكأنها تقتلع من جذورها .
تقول ناردي ريد - وهذا اسمها - :

(( الرحيل اقتلعني من جذوري ، وداع الأصدقاء وترك البيت الذي أحببت وحلّ مرساة سفينتي فيه كان صعباً فغرقت في الحزن ، ولمّا انتقلنا إلى المكان الجديد بدأت أرثي لحالي في هذا البيت الذي سمّاه زوجي (بيتنا الجديد) ، فلقد شعرت بأنه ليس بيتنا ولا هو جديد ، وبدأت أُفرّغ الصناديق القديمة شاردة الذهن ، وأخرجت كتاباً أبيض لم يسترع انتباهي باديء ذي بدء ، ولكن شعوراً خفيّاً دفعني إلى تفحصّه .
برزت الكتابة على الغلاف بأحرف مذهبة ( مذكراتي ) ، وما أن فتحت الكتاب حتى تعرفت على خط عمّة أبي المتعرّج ، أذكر أنها كانت تقيم بيننا في طفولتي وإنها كانت مرحة بالرغم من أن كل أوراق الحياة انقلبت ضدها ، إذ كانت فقيرة وضعيفة وغير جميلة .
أبها ذكرياتي عنها مرحها الذي لم يكن يفتر ولاينضّب ، لم تصدر عنها شكوى ولم تتخلَّ يوماً عن ابتسامتها . كان الناس يقولون عن (( غريس )) وهذا اسمها :
إن غريس تنظر إلى الأُمور دوماً من الناحية المشرقة .

جلست على سجادة ملفوفة وبدأت مطالعة سريعة لمذكراتها التي بدأت عام 1901 وانتهت بوفاتها عام 1930 . ورويداً رويداً أخذت أقرأ باهتمام مركز ما يلي :
تعاستي كأس عميق لا قاع لها ، وأعرف أنه لابدّ لي من التعبير عن المرح في كنف هذه العائلة الكبيرة التي تعيلني ، لكن السويداء تسكنني . شيء ما يجب أن يتغير وإلّا فإنني سأمرض ، من الواضح أن وضعي لن يتغير ، لذلك لابدّ لي من أن أغيّر نفسي ،ولكن كيف ؟ .
لقد فكرت مليّاً في حالي ووضعت مجموعة قواعد قررت أن أعيش على هديها وأجعل منها ممارسة يومية ، وأرجو أن تخلصني هذه الخطة من مستنقع اليأس الكئيب .
بساطة قواعد حياة عمتي غريس خطفت أنفاسي ، إذ اختصرت كل يوم على الآتي :

1- عمل للغير .
2- عمل لنفسي .
3- عمل يحتاج إلى إنجاز ولا أُحبه .
4- تمرين جسدي .
5- تمرين ذهني .
6- صلاة تتضمن القناعة والشكر على ما أتمتع به من نعم .


وكتبت أنها ألزمت نفسها بست قواع فحسب لأنها تشعر أنه يمكنها ( تدبر) هذا العدد .
مع انتهائي من مذكرات عمتي غريس كانت الدموع تملأ عيني ، فالآن أدركت أن ( عمتي البشوشة المرحة ) خاضت المعركة ضدّ الظلمة التي نحاربها كلنا ، غير أني تجاهلت رسالتها في البداية ، فأنا في غنى عن عكازات من الماضي .
إلّا أن حياتنا الجديدة ازدادت اضطراباً، وإذ شعرت يوماً بالكآبة استلقيت على السرير وتساءلت هل أُجرب وصفة عمتي ،هل في استطاعة هذه القواعد الست مساعدتي الآن ؟ .
واقتنعت بأنني أمام خيارين لاثالث لهما : فإما أن أرتضي لنفسي أن أكون كومة من التعاسة وإما أن أُجرّب وصفة عمتي بتأدية عمل للغير ، يمكنني مثلاً أن أتصل بجارتي المريضة البالغة من العمر85 سنة ، إذ ذاك استعدت رجع كلمات عمتي : (( لا أحد سواي يمكنه أن يأخذ مبادرة الهرب من ناموس الذات )) .
( ناموس الذات ) هو الذي حسم الأمر ، ففي مطلق الأحوال لن أرضى بأن تدفنني ذاتي ، واتصلت بجارتي واسمها فيليبس فدعتني إلى تناول الشاي عندها .
تلك كانت البداية ، أبدت المرأة فرحاً لعثورها على شخص يصغي إليها ، وفي الردهة العتيقة استمعت إلى تفاصيل مرضها واستوقفني قولها : أحياناً أكثر ما نخشى فعله هو بالضبط ما علينا فعله ، كي نتحرر من التفكير فيه .
في طريق عودتي إلى البيت أخذت أتمعن في هذا القول ، إذ ألقت هذه السيدة ضوءاً جديداً على البند الثالث وهو تأدية عمل لا أحبه ويحتاج إلى إنجاز .
كنت منذ أن انتقلنا أتجنب ترتيب طاولتي ، أما الآن فإني صممت على توضيب كومة الورق اللعينة ، وعثرت على إضبارة و12 ملفاً ، وزعت كل أوراق طاولتي عليها وعلى سلة المهملات .
بعد ساعتين وضعت على طاولتي نشافة جديدة خضراء ونبتة صغيرة ، وابتهجت إذ أنجزت عملاً أكرهه وشعرت بالإرتياح .
أما في مايتعلق بالتمرين الجسدي فقد أخذت أمشي على القدمين ، وكان ناجحاً جداً فقد أخذت أتمشى مع زوجي كل صباح قبل الفطور . واكتشفنا أن المشي يفضي تلقائياً وعلى نحو رائع إلى الحوار ، واستمتعنا بذلك إلى حد إبدال سهراتنا بمشاوير مسائية ، فشعرنا بنشاط لم نعهده منذ سنوات .
أما بند الصلاة فقد وجدت فيه أكبر عزاء ، كل يوم أحاول أن أصوغ صلاة قصيرة أضمنها الشكر وإن أجد صعوبة في ذلك ، لكن فيه أيضاً تدريباً روحياً قيّماً .
ولا يقلقني مدى نجاحي في تنفيذ قواعد عمتي الست ما دمت أنفذها يومياً ، فأنا أقدر نفسي لكتابة رسالة واحدة أو ترتيب درج واحد . والمدهش في الأمر هو الحافز الذي يمنحني إياه الإحساس المريح بإنجاز عمل صغير كهذا للإستمرار وتأدية المزيد .
هل يمكن أن نعيش الحياة وفقاً لوصفة ؟ .

لا أدري ، كل ما أعرفه أني مذ بدأت أحيا وفق قواعد السلوك الست هذه ازدادت مشاركتي للآخرين وأصبحت أقل انكفاءً على نفسي ، وبدلاً من الاسترسال في الحزن اتخذت لي شعار عمتي : تفتّح وأزهر حيث أنت مزروع )) .
كيف تتمتع بحياتك وتعيش سعيداً ؟

منقول للاستفادة