هذه القصة حصلت من ألفي عام , و ذلك عندما اجتمع بعض الصينيين و قرروا أن ينحتو تمثالا من الذهب يزيد وزنه عن خمسة أطنان و كان الهدف من بنائه أن يكون من أهم الآثار الصينية التي يتكلم عنها التاريخ و يشاهدها السياح و المهتمون من كافة أنحاء العالم و بالفعل استطاعوا أن يبنوا ذلك التمثال .
و بعد الإنتهاء من بناء ذلك التمثال الضخم مباشرة هجم جيش يدعى "البرمود" على الصين و كان ذلك الجيش معروفا بالشراسة لأبعد الحدود و كان عندما يهاجم أي قرية أو بلد فهو يهدم و يحرق كل شيء و لا يترك أي شيء حيا فخاف كهنة الصين على التمثال و قرروا أن يغطوه بالطين السميك حتى لا يكتشف جيش البرمود أمره و بالفعل قاموا بتغطية التمثال بالطين ثم بعد الإنتهاء من ذلك حدث ما توقعه الكهنة و هجم جيش "البرمود" على قريتهم و حطم كل شيء فيها و قتل أهلها و منهم هؤولاء الكهنة و وجدوا التمثال الضخم أمامهم و لم يكن بالنسبة لهم ذا أهمية أو قيمة فهو مجرد تمثال ضخم من الطين فتركوه و شأنه .
و تمر الأيام و التمثال موجود في مكانه لا يتحرك و منذ حوالي مائة و خمسين سنة قررت السلطات الصينية نقل التمثال من مكانه و وضعه في "بكين" عاصمة الصين على أنه من الآثار الصينية دون علمهم ما بداخله .
فأحضروا المعدات القوية المتوفرة لديهم لرفع التمثال و وضعه في ناقلة ضخمة كي ينقلوه إلى "بكين" و كانت تجربة صعبة للغاية فلقد كان الطقس شديد البرودة و المطر غزير جدا فحدث شرخ في التمثال فصرخ كاهنهم الأعلى فيهم بأن يتوقفوا عن رفعه و أن يتركوه على الأرض حتى اليوم التالي حتى يهدأ الطقس و تتوقف الأمطار ففعلوا و تركوا التمثال على الأرض.
كان هذا الكاهن العجوز شديد الذكاء و كان عنده فضول و حب استطلاع فأحضر بطارية و ركز أشعتها على ذلك الشرخ الذي في التمثال فوجد انعكاسا ضوئيا لضوء البطارية و لم يصدق الكاهن نفسه حينها فمن المعلوم أن الطين لا يعطي انكاسا ضوئيا فأحضر مطرقة و مسامير و أخذ في توسيع ذلك الشرخ و كان الانعكاس الضوئي يزداد قوة مما زاد من همة ذلك الكاهن أن يستمر في عمله ثم طلب المساعدة من باقي الكهنة فأخذوا جميعا في تكسير الطين من فوق التمثال و بعد عشر ساعات من العمل المتواصل وقفوا جميعا مذهولين حين وجدوا أمامهم تمثالا من الذهب الخالص قيمته غير محدودة و لم يروا مثل روعته أبدا في عصرهم .
لقد وجدوا تمثالا ذهبيا بداخل غطاء الطين وجدوا بداخل الطين حقيقة التمثال و قيمته اللامحدودة و أعلنوا الخبر و هم في سعادة غامرة و تدخلت السلطات الصينية و نقلوا التمثال الذهبي بحرص شديد إلى العاصمة لكي يكون مصدرا لجذب المهتمين و السياح و هذا التمثال موجود الآن في الصين و قصته مكتوبة عليه و مكتوب عليه أيضا حكمة صينية , و هي : "بداخل الطين كنز"و أنا أقول للناس : إن بداخل كل فرد من البشر كنزا من القدرات التي وضعها الله عز و جل بداخلنا .
و لقد قال لنا المولى عز و جل في كتابه الكريم : (( و في أنفسكم أفلا تبصرون )) . و لكن معظم الناس لا يبحثون بداخلهم كي يكتشفوا قدراتهم الحقيقية , لأن عالمهم المحيط بقدراتهم مليء بالبرمجة السابقة و الاعتقادات و الأحاسيس السلبية التي تبرمج بها الماضي من العالم الخارجي فكانت بداية هذه البرمجة من الوالدين ثم من المحيط العائلي ثم من المحيط الاجتماعي ثم من محيط الدراسة ثم من الأصدقاء ثم من وسائل الإعلام بالإضافة إلى القيم التاريخية و الدينية و الجغرافية أي أكثر من 90% من قيمنا العاطفية مكتسبة من العالم الخارجي لذلك فهي تبرمجنا سلبيا و قد قام بعض الباحثين بكلية الطب في "سان فرانسيسكو" بالبحث عن نوعية برمجة الإنسان فوجدوا أن أغلبها سلبي و يعمل ضدنا و ما هذه البرمجة إلا دفن لقدراتنا اللامحدودة بداخلنا المغطاة بالإعتقادات و الأحاسيس و الإدراك السلبي عن قيمنا الحقيقية .. تماما مثل ذلك التمثال الصيني المغطى بالطين و الذي كان بداخله قيم غير محدودة .
د إبراهيم الفقي
منقووووووووووووول
المفضلات