في أحد الأيام، كان الولد الفقير الذي يبيع السلع بين البيوت ليدفع ثمن دراسته، قد وجد أنه لا يملك سوى عشرة سنتات لا تكفي لسد جوعه،
لذا قرر أن يطلب شيئا من الطعام من أول منزل يمر عليه..
لكنه لم يتمالك نفسه حين فتحت له الباب شابة صغيرة وجميلة..
فبدلا من أن يطلب وجبة طعام، طلب أن يشرب الماء..
وعندما شعرت الفتاة بأنه جائع، أحضرت له كأسا من اللبن، فشربه ببطء
وسألها: بكم أدين لك؟ فأجابته: لا تدين لي بشيء ..
لقد علمتنا أمنا أن لا نقبل ثمنا لفعل الخير..
فقال: أشكرك إذا من أعماق قلبي.. وعندما غادر هوارد كيلي المنزل، لم يكن يشعر بأنه بصحة جيدة فقط..
بل أن إيمانه بالله وبالإنسانية قد ازداد، بعد أن كان يائسا ومحبطاً.

و مرت سنوات و سنوات ، تعرضت تلك الشابة لمرض خطير..
مما أربك الأطباء المحليين، فأرسلوها لمستشفى المدينة، حيث تم استدعاء الأطباء المتخصصين لفحص مرضها النادر .
وقد أستدعي الدكتور هوارد كيلي للاستشارة الطبية،
وعندما سمع اسم المدينة التي قدمت منها تلك المرأة، لمعت عيناه بشكل غريب، وانتفض في الحال عابراً المبنى إلى الأسفل حيث غرفتها، وهو مرتديا الزي الطبي، لرؤية تلك المريضة، وعرفها بمجرد أن رآها..

فقفل عائدا إلى غرفة الأطباء، عاقداً العزم على عمل كل ما بوسعه لإنقاذ حياتها..

و منذ ذلك اليوم أبدى اهتماما خاصا بحالتها..
وبعد صراع طويل، تمت المهمة على أكمل وجه..
وطلب الدكتور كيلي الفاتورة إلى مكتبه كي يعتمدها،
فنظر إليها وكتب شيئا في حاشيتها وأرسلها لغرفة المريضة..
كانت خائفة من فتحها، لأنها كانت تعلم أنها ستمضي بقية حياتها تسدد ثمن هذه الفاتورة،

أخيرا .. نظرت إليها، وأثار انتباهها شيئا مدونا في الحاشية،
فقرأت تلك الكلمات:

"مدفوعة بالكامل بكأس من اللبن"
التوقيع: د. هوارد كيلي


اغرورقت عيناها بدموع الفرح، وصلى قلبها المسرور بهذه الكلمات:
"شكرا لك يا إلهي، على فيض حبك ولطفك الغامر
والممتد عبر قلوب وأيادي البشر"

و صدق القائل : صنائع المعروف تقي مصارع السوء