من هي أرقى جامعة في العالم








في كل عام، تُنشر عدّة تقارير دولية تُـصنِّـف جامعات العالم وتضع لها تقييما أو تحسِـب لها نقاطا، إلا أن العامِـلين في المجال الأكاديمي، يدعون إلى توخِّـي الحذر ويقولون بأن تلك التّـقييمات تختلف في معاييرها، ولا يُـمكن أن تُـعطي صورة مُـتكاملة عن جامعة بعيْـنها.

أصدرت صحيفة “التايمز” البريطانية في ملحقها الخاص بالتعليم العالي، ترتيبا لأفضل الجامعات في العالم، وجاءت في مقدِّمة هذه القائمة: جامعة هارفارد (الولايات المتحدة) وجامعة ييل (الولايات المتحدة) وجامعة كامبريدج (بريطانيا) وجامعة أوكسفورد (بريطانيا) ومعهد ماسا شوسيتس للتكنولوجيا “ام.اي.تي” (الولايات المتحدة) وامبريال كوليدج أوف لندن (أو كلية لندن الملكية) (بريطانيا). وقد استند هذا التصنيف على اعتبار قُـدرة هذه الجامعات على جذب الطلاب الأجانب والأساتذة المشهورين.



هذا التصنيف له قِـيمة واعتبار، وهو يهدِف إلى بيان أفضل مائتي جامعة من جامعات العالم، وتبدو فيه صورة ناصِـعة للجامعات السويسرية، كالمعهد الفدرالي التقني العالي في زيورخ، والذي جاء ترتيبه 24، بينما حصل معهد لوزان على الترتيب 50، وتأتي بعد ذلك جامعة جنيف، حيث جاء ترتيبها 68، وجامعة زيورخ وترتيبها 106 وجامعة بازل وترتيبها 131 وجامعة لوزان وترتيبها 161 وجامعة برن وترتيبها 192، إلا أن النتائج ستختلف عندما يتغيّـر مِـعيار التقييم، بحيث يكون التصنيف على أساس ما هي أكبر الجامعات، كما في التصنيف الذي أصدرته جامعة شانغهاي جياو تونغ الصينية.



فرغم أن المراتب العشرة الأولى – تقريبا – لم يحصل فيها تغيير وبقي السبق للجامعات الأمريكية، إلا أن الاختلاف كان ملحوظا بالنسبة لبقية القائمة. فعلى سبيل المثال، نجد ترتيب معهد لوزان ومثله جامعة جنيف، تجاوز المرتبة الـمائتين. والسؤال المطروح هنا هو: كيف يُـمكن تفسير هذه التناقضات، وما هي أهمية مثل تلك التصنيفات؟



العَـراقة والتاريخ

في تصريح خاص لسويس انفو، قال ريمون ويرلين، نائب الأمين العام لمؤتمر عمداء الجامعات السويسرية: “هناك اليوم آلاف من الدِّراسات التي تُـعنى بتصنيف الجامعات في العالم، وهي تتفاوت في الأهمية تَـبعا لشُـهرتها وتَـبعا لمعاييرها، مثل الاعتبار لشهادات التقدير والجوائز أو للكمّ من الأبحاث والدِّراسات العِـلمية، التي تنشرها هذه الجامعات عبْـر المجلات (والنشريات)لمتخصصة”.



ويرى ويرلين أنه: “من المؤكّـد أن التوثيق الواضح والشفّـاف لطريقة قيام الجامعات بمهامِّـها أمر جيد، وهذا دور التصنيفات، وتحصل فائدتها حين تأخذ في اعتبارها النشاط الذي تقوم به تلك الجامعات، وهو (أمر) قلَّـما يحصُـل”.



ويضيف نائب الأمين العام لمؤتمر عمداء الجامعات السويسرية: “هناك مسألة أخرى عملية، وهي عمر المؤسسة الجامعية، إذ كلما تحصل الجامعات على أكبر عدد من شهادات التقدير، فإنها تحتاج إلى سِـنين طويلة من العمر. وبناءً عليه، فإن بعض الجامعات قد لا يكون لها اعتبار في التصنيف، بالرغم من أنها تقوم بنشاط أكاديمي متميِّـز”، ويتابع: “وينبغي أن لا ننسى كذلك، بأن كِـمية ما يُنشر من دراسات وأبحاث، قد تتغير كثيرا تَـبعا لنوع التخصّص، كما أنه غالبا ما تكون المقالات العلمية ليست مسجّـلة في قواعد البيانات لدى الذين وضعوا التصنيف”.




ليس جوائِـز نوبل فقط

شيئا فشيئا، تزايدت أهمية هذه التصنيفات – التي عادة ما تكون مُـربحة بالنسبة للهيئات التي تُـشرف عليها – وغدَت ذات أثر على المستوى الدولي، حيث أجّـجت المنافسة المحمومة بين الجامعات لاجتذاب أفضل الأساتذة والطلاب.



فعلى سبيل المثال، كما يقول ديمتريوس نوكاكيس، منسق “مجموعة التصنيفات” في المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان (EPFL) في مقال منشور على الموقع الإلكتروني للجامعة: “بعض الجامعات الآسيوية أصبحت تضع ضِـمن أهدافها السنوية، أن تكون من بين المائة الأوائل في التصنيف”.



ويتابع قائلا: “وتَـبعا لذلك، فإن الجامعات التي تحصل على المراتب الأولى في التصنيف وكذلك بعض التخصصات العِـلمية، تُعزِّز ميزانيتها وتمنَـح المزيد من الأموال، ممّـا يزيد الهُـوّة بين المؤسسات الجامعية الكبيرة وتلك الصغيرة”.



ويرى بيير مانيين، رئيس لجنة الميزانية في نفس المعهد في المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، كما أورده المقال السابق، أنه يجب تناول نتائج الدراسات التصنيفية بكثير من الحذر، ويقول: “فمثلا، التصنيف الذي قامت بإعداده جامعة شنغهاي جياو تونغ، إذ أخذ في اعتباره الحائزين على جائزة نوبل بشكل حَـصري تقريبا وتجاهل ما عدَاها من الجوائز الأكاديمية، أي كأنك تفضل بين لاعبي التنس باعتبار الانتصارات التي تمّ إحرازها حصريا في دوري Grand Chelem“، كما أن هناك تصنيفات تقوم بناءً على استطلاع آراء الطلاّب والأساتذة وأرباب العمل، دون إعطاء أرقام محدّدة ولا ذِكر مصادر.



مع ذلك، يعترف مانيين بأن إحراز جامعة ما لموْقع متقدّم في مثل هذه التصنيفات ،أمر جيد، فهو يقول: “هناك حوالي 8000 جامعة حول العالم، فمن المؤكد أن الحصول على ترتيب ضِـمن المائتين الأوائل أمر إيجابي جدا”.



تحقيق الذات

ومن جهته، يوضح بينيدتو ليبوري، رئيس قسم الأبحاث في جامعة سويسرا المتحدثة بالإيطالية: “في الواقع، هذه التصنيفات لم تأت بجديد، إذ لا أحد يستغرب وجود أكبر جامعات العالم في رأس القائمة، لكن المشكلة تنشأ عند تحديد بقية القائمة، إذ تعتمد كثيرا على الخِـيارات المنهجية لتقديم معلومات أكبر فائدة”.



ويستدرك بينيدتو ليبوري “لا يعني عدم وجود جامعة ما في أعلى القائمة، أنها دون المستوى، ذلك أن التصنيفات تنظُـر إلى الجامعة بشكل عام وتختصرها في معيار واحد، ممّـا يُـفيد كبريات الجامعات، أما تلك الصغيرة، فإنها تحاول إثبات نفسها في تخصّصات محدّدة”.



ويؤكد ليبوري موضِّـحا أن “أنشطة الجامعة متعدّدة الجوانب، ولا يروق للجامعات الأوروبية ولا السويسرية تقييمها على أساس عالَـميتها، لأنه في نهاية المطاف، كل جامعة يلزمها أن تلبِّـي احتياجات الجِـهات التي تُـموِّلها والواقع الذي تتواجد فيه”.



ما يهُـم فعلا

لا شك بأن هناك مصلحة من وجود قوائم تصنيف الجامعات، إلا أنه لا يمكن الجزْم بحجم التأثير لهذه البيانات على استقطاب الشباب الدّارسين، باستثناء أصحاب المواهِـب المتميزة، كما في أمريكا على وجه الخصوص، لأن أمثال هؤلاء يرسُـمون طريق مستقبلِـهم ويخططون له في وقت مبكّـر.



في كثير من الأحيان، يحصل الاختيار على جامعة معينة نتيجة أمور شخصية كالصّداقات أو أمور عملية، يوضحها ريمون ويرلن بقوله: “كالسهولة واليسر في تأمين السكن الرخيص والمناسب. ربما يكون هذا الأمر أكثر أهمية عند أغلب الطّـلبة، من الأمل في أن يكون لديه أستاذ يُـمكن أن يتحصّـل يوما ما على جائزة نوبل”.

الله يرزقنا بجامعة محترمة.........


سويس انفو – أندريا كليمانتي