عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
التخطيط الاستراتيجي ورسالة المؤسسة
مثلث الرسالة المؤسسية الفعالة:
وحتى نصل إلى رسالة مؤسسية فعالة، فإنه يجب أن يتوافر لها ثلاثة شروط أساسية أو سمات رئيسية، وهي:
1. التوجه المستقبلي.
2. الخصوصية أو التحديد.
3. ألا تكون غايتها تحقيق الربح وحسب.
أولًا ـ التوجه المستقبلي:
إن مفاهيم الرسالة والأغراض وغيرها من المفاهيم التي تتضمنها التقارير السنوية للمنظمات تميل إلى التركيز على الحاضر، ما هو نشاطنا الحالي؟ أكثر من التركيز على الطموحات والتوجهات المستقبلية، إلى أين يجب أن نتجه؟ وما هي نوعية النشاط التي نجب أن نكون عليها؟ وما هو مركزنا السوقي المستقبلي؟ ورغم ذلك فإن الرسالة الموجهة بالحاضر تمثل نقطة البداية في تقرير التوجه المستقبلي، وكقاعدة فإن الرسالة يجب أن تغطي فترة زمنية لا تقل عن عشر سنوات.
وتعد الرسالة الفعالة معبرة عن الاتجاه والتوجه المستقبلي وذلك لسببين رئيسيين:
الأول: أن الرسالة الفعالة تسمح بتوليد عدد من الأهداف والاستراتيجيات البديلة بدون الحد من قدرة الإدراة على الخلق والابتكار، والتحديد المبالغ فيه قد يحد من فرصة النمو الخلاق للمنظمة.
فعلى سبيل المثال، ينبغي ألا تطرح رسالة شركة أبل "Apple" للحاسبات الآلية إمكانية التنويع في مجال المبيدات الحشرية، أو دخول شركة فورد للسيارات مجال تصنيع الأغذية.
الثاني: أن الرسالة الفعالة ينبغي أن تسمح بتقريب وجهات النظر المتباينة بين أصحاب المصالح في الشركة سواءً من الأفراد أو المجموعات، ويشير اصطلاح أصحاب المصالح إلى كل الأطراف التي لها مصلحة في الشركة كالعاملين والمديرين وحملة الأسهم، ومجلس الإدارة والعملاء والموردين، والموزعين والمقرضين، والحكومة والنقابات والمنافسين والجماعات البيئية، والجمهور بصفة عامة.
ثانيًا ـ الخصوصية أو التحديد:
إن الفكرة الرئيسية وراء تنمية الرسالة الاستراتيجية هي خلق هوية مستقبلة للمنظمة بعيدًا عن الآخرين في نفس الصناعة، فالعبارات ذات الصياغة العامة والتي يمكن أن يرددها أي فرد بأي لغة وتنطبق على أي منظمة وفي أي مجال، هي كلمات لا معنى لها من المنظور الإداري، حيث تفشل في إبراز صورة ذهنية عن تطلعات المنظمة، كما أنها تفشل في تزويد المديرين بإطار إرشادي حول ماهية النشاط الذي يجب الانخراط فيه، أو نوعية الاستراتيجيات التي تحقق أفضل النتائج أو كيف يمكن إدارة المنظمة، فأفضل الرسائل المؤسسية هي تلك التي تُصاغ بطريقة تُوضح الاتجاه الذي يحتاج التنظيم إلى التحرك فيه.
ثالثًا ـ ألا تكون غايتها تحقيق الربح وحسب:
قد تُلخِّص المنظمات رسالتها أو أغراض نشاطها في تحقيق الربح، إلا أن ذلك يُعتبر أحد الممارسات الخاطئة والتي يجب إعادة النظر فيها، فالربح يُعتبر هدفًا تشغيليًا وناتج ما تقوم المنظمة بعمله، إن الرغبة في تحقيق الربح لا تعكس شيئًا عن طبيعة النشاط الذي تزاوله المنظمة والذي يجب السعي من خلاله لتحقيق الربح.
إن الرسائل التي تستند إلى تحقيق الربح تفشل في التمييز بين نوعيات الشركات التي تسعى لتحقيق هذا الهدف، فعلى سبيل المثال، فإن التوجه المستقبلي لشركة IBM يختلف عن التوجه المستقبلي لشركة Toyota، رغم كونها يسعيان في النهاية إلى تحقيق الربح.
مداخل تحديد الرسالة الاستراتيجية:
تتعد المداخل التي تعتمد عليها المنظمات في صياغة رسالتها الاستراتيجية، ويتوقف ذلك على بعض الجوانب والأبعاد، ومنها ما يلي:
1. طبيعة المنتجات.
2. حاجات العملاء.
3. السوق المستهدف.
4. التكنولوجيا.
5. مستويات الإنتاج والتوزيع.
6. القدرات أو الأصول المميزة.
7. إتجاهات النمو.
أولًا ـ طبيعة المنتجات:
ويمكن التعرف بشكل دقيق على طبيعة المنتجات، في ضوء عنصرين هامين وهما: النطاق "Scope" والموقع السوقي "Positioning".
ونعني بالنطاق أي عدد المنتجات الفرعية أو الأشكال لخط الإنتاج، فالشركة التي تعمل في مجال إنتاج الغسالات مثلًا تحتاج إلى قرارات تتعلق بإنتاج غسالة عادية أو نصف إتوماتيكية أو أتوماتيكية كاملة كما تحتاج إلى قرارات تتعلق بمدى الحاجة إلى إضافة أنشطة العصر والتجفيف إلى النوعين الأخيرين من عدمه.
فوجود خط منتجات متسع قد يكون أمرًا إيجابيًا وذلك لتأييد أنشطة أخرى مثل المبيعات، الخدمات، البحوث والتطوير، كما أن ذلك يلقى ترحبيًا من قبل المستهلكين الذين يؤيدون التجديد والابتكار، فيما يستخدمونه من منتجات.
من ناحية أخرى فإن بعض الشركات وجدت أنه من المفيد تقليل نطاق خطوط منتجاتها، وذلك مثل شركة السيارات التي تواجه قيودًا في مواردها وتقرر تجنب المنافسة في سوق السيارات الكبيرة، والتركيز على إنتاج السيارات المتوسطة والصغيرة.
وأما ما نعنيه بالوضعية السوقية، فأحيانًا ما قد ينظر إليه كأمر أساسي وهام يجب أخذه في الاعتبار عند مستوى صياغة مهمة المنظمة، وفي هذا المضمون، فإن الموقع أو المكانة السوقية لمنتج يصبح أكثر من مجرد مجهود تسويقي تكتيكي، بل يصبح جوهر نشاط الأعمال ذاته، وتوجد عدة طرق ممكنة يمكن من خلالها تحديد الموقع السوقي للمنتج منها خصائص المنتج، والسعر والجودة، وكذلك الدرجة أو الفئة التي ينتمي إليها المنتج.
فعلى سبيل المثال، فقد نجحت بعض الشركات في إيجاد علاقة قوية بين منتجاتها وإحدى الخصائص المميزة، ومنها شركة "National" في نشاط أجهزة التلفاز والتي تستند إلى قوة الأداء والخدمة، وفي المقابل فإن بعض منافسيها قد تمكنوا من إيجاد موقع سوقي لمنتجاتهم من خلال التركيز على بعض الخصائص الأخرى مثل وضوح الصورة، إمكانية الحل، حجم الشاشة، السعر.
وبالمثل فإن شركة "Volvo" للسيارات قد نجحت في تحديد الموقع السوقي لمنتجاتها من خلال خاصية التعمير والمتانة، و"BMW" من خلال متعة القيادة، و"Datsun" من خلال انخفاض التكلفة.
كذلك فإن علاقة السعر بالجودة تعتبر بوجه خاص أداة مفيدة لتحديد الموقع السوقي للمنتج، وتستخدم هذه الوسيلة بوجه خاص في محلات تجارة التجزئة، والتي يُمكن تقسيمها وفقًا لهذا العامل إلى محلات التجزئة الخاصة أو المشهورة، والمحلات العادية، ومحلات الخصم، وبالنسبة لهذه المحلات فإن صياغة المهمة يجب أن تركز على علاقة السعر بالجودة وكذلك الاتجاهات أو المواقع السوقية المزمع التحرك إليها.
ثانيًا ـ حاجات العميل:
في مقالته المشهورة "قصر النظر التسويقي"، يزعم ليفيت بأن المنشآت التي تعرف مجال نشاطها تعريفًا ضيقًا من منظور المنتجات التي تتعامل فيها، يمكن أن يضمحل حتى ولو كانت حاجات المستهلك الأساسية التي يقومون بإشباعها تتميز بنمو مضطرد، وبسبب هذا التركيز الضيق على المنتج، فإن المنشآت الأخرى يمكن أن تستفيد من مزايا النمو.
فعلى سبيل المثال، فإن هيئات السكك الحديدية المختلفة، كانت تركز على خدماتها بدلًا من الحاجات الأساسية أو العامة للعميل، فلو قامت هذه الشركات بتعريف نفسها على أنها تعمل في نشاط النقل بدلًا من نشاط السكك الحديدية، لتمكنوا من الحصول على خصائص وسمات مختلفة تمامًا، وربما استطاعوا تجنب الصعوبات التي واجهوها منذ تلك اللحظة.
إن الرسالة ببساطة تكمن في الآتي: لا تحاول تعريف مجال نشاطك في ضوء ما تقدمه من منتجات بدلًا من ذلك عرفه في ضوء الحاجات الأساسية للمستهلك والتي تحدد سلوكه نحو تلك المنتجات.
المفضلات