حديقة ” كايت بارك ” مثلا , يمكنك أن ترى مئات الطائرات الورقية التي تتنافس على المجال الجوي. إنه حقا مشهد جميل و ملون لرؤية الطائرات الورقية من مختلف الاشكال و التصاميم تطير مالئة السماء .

واحدة من الطرق الرائعة لقضاء وقت ممتع .. يمكنك أن تلاحظ أن شراء طائرة ورقية و الطيران بها في حشد من الناس , هو أمر تافه في بادئ الامر , من السهل اعتقاد هذا .

لكن حين تجرب ستكتشف أن العديد من الأسر التي تراقب أبناءها , و كذا الطائرات الورقية التي تحلق قي السماء بتناغم و انسجام تتسلل لها السعادة بقدر سعادة الاطفال الذين لا يملون من الركض من هنا و هناك .


كل طائرة ورقية تحتاج خيط يربطها بمكان الامساك . هل رأيت يوما طائرة دون ذلك الخيط ؟

لا أظن فالشخص الحامل لها أنذاك لن يكون قادرا على الطيران بها و نفس الشيء إذا كان الخيط قصير فهي لن تطير لأكثر من ثوان معدودة .

ما العلاقة التي يمكن استنباطها من هذه اللعبة ؟ قد يساوي الناس الطائرة الورقية -بجميع مكوناتها- بتربية الاطفال خاصة المراهقين . فلضمان نجاح الطيران يحتاج الشخص الى معرفة متى يجب إطلاقها , و في أي حالة , و ذلك من أجل أن تطير أعلى .

دون أن ننسى كيف يمكن سحبها من جديد كي لا تبتعد كثيرا و يصعب إستيعادها .


الشيء نفسه يحدث في علاقتنا مع الأطفال و مع الأشخاص من حولنا . فمثلا مع الاطفال , لاتزال السيطرة عليها عن طريق سحب و استغنائ حسب الظرف .

عندما يبدو أننا خارج نطاق السيطرة , نحاول سحبهم إلينا لتحقيق الاستقرار لهم و كذا لنا . و عندما نهملهم لبرهة نكتشف أن علينا السحب أكثر مرة أخرى . في نهاية المطاف , و تماما مثل الطائرات الورقية , بقدر إطلاقنا الحبل بحذر و ذكاء تطير الطائرة أعلى و العكس الصحيح .



يجب أن نفهم جميعا هذه المفاهيم في الحياة التي تمثل قاعدة لأولويات تشبه ما يحدث لنا. فحين نقمع أنفسنا أو نقمع من طرف أحدهم , فهذا لا يعني دائما أن ما يمارس علينا قمع من أجل القمع , بل قد تكون ” مسافة ”

وجب عدم تجاوزها كي لا يلحقنا أذى في وقت لا نتقن فيه فعل أشياء تسمح لنا بالتحليق بعيدا دون قيود و بحرية كاملة . فالخيط إن فلت من اليد , طارت الطائرة دون عودة فتساقطت عليها زخات مطر جعلت منها فتات لن نستطيع إعادة تجميعه و إعادته كما كان .


تعد الطائرة الورقية لعبة يتم سحب الخيط الطويل المربوط في الأعلى و بذلك يمكن وضعها في السماء مع قوة الرياح لترتفع عاليا . العديد من الشخصيات المعروفة منهم من استسلموا لتعاطي المخذرات , الاكتئاب , حتى الوفيات المؤساوية فقط لأنهم فقدوا طريقهم و مسارهم في الحياة . نأمل ,

و نرى دائما أن كل ما يبذله الإنسان من جهد كي يسحب طائرته و يوازنها كان على خير و بخير … فكل ما يحتاجه الانسان هو البقاء في تحليق مستمر بحثا عن الذات و معاني ” ما معنى أن أكون إنسانا بحق؟ ” .


” إن الرياح تدعمك أكثر مما تؤذيك .. تدعمك أكثر مما تمنعك من مسايرة منحاك و مسارك “
أتعلم ؟ الجانب الذي يهمله الانسان عند تطيير الطائرات الورقية هو : الطقس الذي يمثل في حياتنا “الظروف” التي من الواجب على كل واحد منا أن يستغلها لصالحه و أن يحاول جعلها تخدم مصالحه . يجب أن نعلم أن الحياة تتغير و المزاج لا يبقى على حاله طوال الوقت. فتيار الهواء الذي يرفع الطائرة يتغير أيضا.

إذن حاول دائما أن تذكر سواء أبناءك أو رفاقك أو أي شخص أن الرياح أو المصاعب أو الظروف الصعبة التي نمر بها في رحلتنا الحياتية ما هي إلا محفزات توضح الطريق لنا و تساهم في تنقية الجو ليعود صافيا كما كان و أحسن . و أن الدعم الذي قد نشعر بفقدانه و نقصه في لحظة ما , يكون حاضرا دائما إلا أنه ” غير مرئي ” .

فكل فرد في المجتمع يمثل شكلا من أشكال “الدعم” إذ من المستحيل أن يحقق الشخص نجاحا باستغنائه عن من يحيطون به و نفس الشيء بالنسبة لهم. فهم يمثلون ” الأبطال المجهولين الحقيقيين الملتزمين و العاملين على تشكيل مستقبل أفضل لكل واحد منا ” هذا ما كنا نعتقده و نحن صغار , و مازلنا كذلك على ما أظن .


تعليم الأطفال بطرق ترفيهية , تعليم الشباب بطرق ترفيهية , يجعلهم ممتنين لك ..
رحلة الحياة غريبة و لن تكون هناك رحلة إن لم يكن هناك رياح و تيار هوائي … لأننا إذا كنا طيورا فالريح ستكون دائما تحت أجنحتنا مثل كل من يحيطون بنا عل سطح الارض .
سواء أ كنا على علم أم لا, فإن كل واحد منا يقوم برحلته الخاصة في الحياة .. حتى عندما تمس الحاضر فأنت جاهل له, فلا يكون بالنسبة لك سوى بداية.


الحياة ليست رحلة ثابتة , إنها تتغير بإستمرار و تتغير وفق انجازاتك و قراراتك التي تتخذها . و ما عاقبة ما تفعل سوى وسيلة تدل على وجودك, و ما السحب إلا طبقات تدعوك الى الكشف عن عظمة و روعة من الشخص القابع داخلك. إذا عرفنا كيفية مواءمة السحب في كل لحظة فستصبح حياتنا ببساطة البساطة, و ” أه ” على الارض لن يكون إلا دليلا على ما يحدث …


حلق بأحلامك و لا تنسى أن تحب من حولك و تعلمهم ما تتعلمه من هذه الحياة… فما هذه الحياة سوى رحلة, رحلة تشبه الطيران!