عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين الخضيري الأسيوطي المشهور باسم جلال الدين السيوطي،
من كبار علماء المسلمين.
ولد السيوطي مساء يوم الأحد غرة شهر رجب من سنة849هـ، المـوافق سبتمبر من عام 1445م، في القاهرة،
رحل أبوه من اسيوط لدراسة العلم وهو يعتز بها وبجذوره وكان سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة
التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه. وقد توفي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات،
فنشأ الطفل يتيمًا، واتجه إلى حفظ القرآن، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل العمدة،
ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه. وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم الكمال بن الهمام الحنفي أحد كبار فقهاء عصره،
وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة.
وقام برحلات علمية عديدة شملت بلاد الحجازوالشام واليمن والهند والمغرب الإسلامي. ثم دَّرس الحديث بالمدرسة الشيخونية. ثم تجرد للعبادة والتأليف عندما بلغ سن الأربعين.
كان السيوطي من أبرز معالم الحركة العلمية والدينية والأدبية في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، حيث ملأ نشاطه العلمي في التأليف مختلف الفروع في ذلك الزمان من تفسير وحديث وفقه وتاريخ وطبقات ونحو ولغة وأدب وغيرها، فقد كان موسوعي الثقافة والاطلاع.
أعانه على كثرة تأليفه انقطاعه التام للعمل وهو في سن الأربعين حتى وفاته، وثراء مكتبته وغزارة علمه وكثرة شيوخه ورحلاته، وسرعة كتابته، فقد اتسع عمره التأليفي (45) سنة، حيث بدأ التأليف
وهو في السابعة عشرة من عمره، وانقطع له (22) عامًا متواصلة، ولو وُزع عمره على الأوراق التي كتبها لأصاب اليوم الواحد (40) ورقة، على أن القسم الأكبر من تأليفه كان جمعًا وتلخيصًا وتذييلا .
على مؤلفات غيره، أما نصيبه من الإبداع الذاتي فجِدّ قليل.
تمنى السيوطي أن يكون إمام المائة التاسعة من الهجرة لعلمه الغزير، فيقول: "إني ترجيت من نعم الله وفضله أن أكون المبعوث على هذه المائة، لانفرادي عليها بالتبحر في أنواع العلوم".
زادت مؤلفات السيوطي على الثلاثمائة كتاب ورسالة، وأحصى له "حاجي خليفة" في كتابه "كشف الظنون"
حوالي (576) مؤلفا،
من مؤلفاته في علوم القرآن والتفسير: "الاتقان في علوم التفسير"، و"متشابه القرآن"، و" الإكليل في استنباط التنزيل"، أما الحديث وعلومه، فكان السيوطي يحفظ مائتي ألف حديث ، وكان مغرما بجمع الحديث واستقصائه لذلك ألف عشرات الكتب في هذا المجال، يشتمل الواحد منها على بضعة أجزاء،

من مؤلفاته

ومن كتبه: "إسعاف المبطأ في رجال الموطأ"، و" تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك"، و" جمع الجوامع"، و"أسماء المدلسين"، و"آداب الفتيا"، و" طبقات الحفاظ".
في الفقه ألف "الأشباه والنظائر في فقه الإمام الشافعي"، و"الحاوي في الفتاوي"، وفي اللغة وعلومها كان له فيها أكثر من مائة كتاب ورسالة منها : "المزهر في اللغة"، و"الأشباه والنظائر في اللغة"، و"الاقتراح في النحو"،
و"التوشيح على التوضيح"، و"المهذب فيما ورد في القرآن من المعرب"، و"البهجة المرضية في شرح ألفية ابن مالك". وفي ميدان البديع كان له: "عقود الجمان في علم المعاني والبيان"، و"الجمع والتفريق في شرح النظم البديع"، و"فتح الجليل للعبد الذليل".
في التاريخ والطبقات ألف أكثر من (55) كتابًا ورسالة يأتي في مقدمتها:
"حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة"، و"تاريخ الخلفاء"، و"بغية الوعاة في طبقات النحاة"،
و"نظم العقيان في أعيان الأعيان"، و"طبقات الأصوليين".
ومن مؤلفاته الأخرى الطريفة: "منهل اللطايف في الكنافة والقطايف"، و"الرحمة في الطب والحكمة"،
و"الفارق بين المؤلف والسارق"، و"الفتاش على القشاش"، شاءت إرادة الله أن تحتفظ المكتبة العربية والإسلامية بأغلب تراث الإمام السيوطي، وأن تطبع غالبية كتبه القيمة وينهل من علمه الكثيرون.
وفاته
توفي الإمام السيوطي في منزله بروضة المقياس على النيل في القاهرة في 19 جمادى الأولى911 هـ، الموافق 20 أكتوبر1505 م، ودفن بجواره والده في اسيوط وله ضريح ومسجد كبير باسيوط.
* رحمه الله تعالى و جزاه عنا كل خير