أكد عدد من رؤساء البنوك المركزية في أوروبا وآسيا وأميركا، خلال المؤتمر السنوي للبنوك المركزية العالمية في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأميركية، اعتزامهم تعزيز سياسات التحفيز الاقتصادي، في ظل التراجع الذي شهدته العديد من الأسواق العالمية خلال الفترة الأخيرة، والمخاوف المتعلقة بسوق العمل وبيانات النمو.


اليابان والانكماش


وقال محافظ البنك المركزي الياباني هاروهيكو كورودا، إن البنك ربما يواصل سياسة التيسير النقدي الجريئة «لبعض الوقت» للقضاء على الانكماش تماماً. وأوضح كورودا أن جهود المركزي الياباني في مواجهة الانكماش من خلال تحفيز الاقتصاد بمشتريات أصول على نطاق واسع، أثبتت فعالية. وأضاف أنه رغم ذلك، فإن الجمهور ليس مقتنعاً بعد بأن المركزي الياباني سيتمكن من الوصول إلى معدل التضخم المستهدف عند 2 %. وتابع كورودا: تعهدنا بمواصلة سياسة التيسير حتى يصل معدل التضخم إلى 2 %، ويستمر بشكل مستدام.


وفي أبريل الماضي، أطلق المركزي الياباني تحفيزاً نقدياً مكثفاً، حينما تعهد بمضاعفة قاعدته المالية ببرنامج تيسير كمي لشراء أصول. ويريد كورودا تسريع التضخم الاستهلاكي إلى 2 % في نحو عامين. وتعاني اليابان من انكماش اقتصادي منذ 15 عاماً.


ثقة أوروبية


وقال ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي، إن البنك مستعد للمزيد من إجراءات التحفيز، معبراً عن ثقته في قدرة الإجراءات السابقة التي اتخذت في يونيو على تعزيز الطلب في اقتصاد منطقة اليورو المتعثر. وقال دراجي إن بيانات النمو الأخيرة، تؤكد أن تعافي المنطقة لا يزال ضعيفاً، ووعد بإبقاء السياسة النقدية ميسرة لفترة ممتدة.


ضخ السيولة


وخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة لمستويات قياسية في يونيو، واتخذ سلسلة من الإجراءات لضخ السيولة في اقتصاد منطقة اليورو الضعيف، حيث يقف التضخم في ما وصفها دراجي بأنها «منطقة الخطر» عند أقل من 1 % منذ عشرة أشهر. وقال دراجي «إنني واثق من أن حزمة الإجراءات التي أعلناها في يونيو ستحقق الدعم المقصود للطلب.. ونحن نقف على أهبة الاستعداد لإدخال مزيد من التعديلات على سياستنا». وأضاف «سيستعين مجلس المحافظين بأدوات غير تقليدية أيضاً لضمان تحقق توقعات التضخم على المدى المتوسط إلى البعيد».


تحذيرات أميركية


وحذرت جانيت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي، من أن أسواق العمل الأميركية لا تزال تعرقلها آثار الركود الكبير، ويجب على المجلس أن يتحرك بحذر عند تحديد الموعد الذي ينبغي فيه رفع أسعار الفائدة، وذلك دفاعاً منها عن نهجها بشأن السياسة النقدية. وشرحت يلين بالتفصيل لماذا ترى أن معدل البطالة وحده لا يكفي لتقييم قوة سوق الوظائف الأميركية.


وقالت يلين إن الفصل بشأن ما إذا كان الاقتصاد قريباً من التوظيف الكامل يتعقد بالتغييرات المتواصلة في هيكل سوق العمل، واحتمال أن يكون الركود الحاد قد تسبب في تغيرات مستمرة في أداء سوق العمل. وقالت إنه في مثل تلك الأجواء لا توجد وصفة بسيطة لسياسة ملائمة. وأشارت إلى أنها تفضل نهجاً «عملياً» يفسح المجال أمام المسؤولين لتقييم البيانات لدى وصولها دون الالتزام بمسار سياسي محدد سلفاً.


وأضافت أن تقييم درجة ما تبقى من ركود في سوق العمل، ينبغي أن يجرى بدقة أكبر، بسبب الغموض الشديد بخصوص مستوى التوظيف، بما يتفق مع التفويض المزدوج لمجلس الاحتياطي الاتحادي الخاص باستقرار الأسعار والتوظيف الكامل.


متلازمة الأزمة المالية


ألحقت الأزمة المالية التي ضربت الأسواق العالمية في 2008، أضراراً بالغة بالاقتصادات الكبرى والقوى العاملة. وتسببت تلك الأزمة في موجات من الركود لا تزال العديد من الاقتصادات تعاني منها حتى اليوم، ولم يتم تدارك آثارها بالكامل.


وأبقت العديد من البنوك المركزية أسعار الفائدة القياسية قرب الصفر منذ ديسمبر 2008. ورغم أن بعض البنوك أشارت إلى أنها ستنظر في رفع الفائدة مجدداً، إلا أن المؤكد هو أنها ستنتظر «كثيراً من الوقت» قبل اتخاذ هذه الخطوة.


وترك تعثر الاقتصاد العالمي خلال السنوات الخمس الماضية ملايين العمال مهمشين أو محبطين أو ملازمين لوظائف غير دائمة، كما ترك العديد من الشركات في أوضاع مالية سيئة.