كسر الحواجز
إن أول ثلاثة حواجز تعيق الفاعلية، تمثل حاجزًا في حياة الإنسان وطريقه إلى النجاح، ولابد للإنسان من كسر هذه الحواجز وتخطيها، حتى يمهد طريقه إلى النجاحات الفردية.
ولكن النجاحات الفردية ليست كل شيء، بل هناك نجاحات عظيمة هامة وخطيرة تسمى النجاحات الجماعية، فإذا تمكن الإنسان وتخطى الحواجز الثلاثة الأولى، ثم تخطى الحواجز الثلاثة التالية؛ تمكن بإذن الله من تحقيق النجاح الجماعي.


ولكن انتبه!
وأنت تتخطى حواجز الفاعلية والنجاح، يجب عليك ألا تنسى حاجزًا مهمًا.. هذا الحاجز الذي يوقفك على الدوام، وهو حاجز (الاكتفاء بما تحقق من إنجازات)، بل عليك أن تسعى دائمًا إلى التطوير المستمر، وتشعل دائمًا رغبتك في الإنجاز، فإذا فعلت ذلك فقد اجتزت الحواجز السبعة، فتلك سبعة كاملة... وهذا ما نتعرض له في مقالنا هذا وفي مقالاتنا القادمة إن شاء الله..
حواجز النجاحات الفردية(3) + حواجز النجاحات الجماعية (3)+ حاجز الاكتفاء = (7).
ويمكن تلخيص ما سبق في:
السعي في تحقيق النجاح الشخصي وهو تخطي أول ثلاثة حواجز ضد الفاعلية، ثم السعي لتحقيق النجاح الجماعي، وهو تخطي الثلاثة حواجز الثانية ضد الفاعلية، وخلال هذه العملية باستمرار يكون تخطي الحاجز السابع حاجز التطوير المستمر.


خطوة البداية:
بداية .. هناك بعض القيود الأولية على طريق الفاعلية، ينبغي التخلص منها تمامًا، حتى نتمكن من السير، ومن هم هذه القيود:\


1. هل تخشى هذا العدو؟
إنه العدو اللدود المخيف، الذي يؤرق حياة الكثيرة، ويمنعهم من المضي قدمًا على درب الفاعلية وطريق النجاح، إنه: الخوف الدائم من الفشل.. فهل تخاف حقًا من الفشل؟
يقول لك كريسي ويتينج مقدم برنامج سجل النجاح، البرنامج الأشهر بين برامج الإذاعات الأمريكية: (إن الفشل هو السبيل الوحيد للنجاح، والمثل المعروف "وراء كل عظيم امرأة" ينبغي تعديله، بحيث يصبح: وراء كل عظيمٍ سجلٌ طويلٌ من التجارب الفاشلة صنع له النجاح في النهاية) [حتى لا تفشل، أحمد سالم بادويلان، ص(19)].
إن الإخفاقات والتجارب الفاشلة هي التي تصنع لنا النجاح هي التي تمنحنا الخبرة، أما الخوف من الفشل فلا وجود له في الواقع بل هو كامن فقط في أذهان البعض.
وقد جاء في افتراضات البرمجة اللغوية العصبية أنه (لا يوجد فشل، وإنما رأي محدد عن تجربة مضت) [البرمجة اللغوية العصبية وفن الاتصال اللامحدود، د.إبراهيم الفقي، ص(30)]، فابدأ من اليوم بمسح كلمة (فشل) من قاموس حياتك، وأبدلها بكلمة: (تجربة مفيدة) أو (رصيد خبرة) سأتعلم منها الكثير بإذن الله.


2. الخوف من النجاح:
وهو قيد عجيب غريب قد لا يفهمه البعض ولكن للأسف فالكثير من الناس يعيقهم خوفهم من النجاح وليس خوفهم من الفشل، فكل مستوى من النجاح يفرض على صاحبه السعي إلى مستوى أعلى من النجاح في المستقبل.
وسنضرب لذلك مثالًا، فقد ينجح طالب بتقدير جيد جدًا، وينجح آخر بتقدير مقبول، فترى الطالب الحاصل على تقدير مقبول أكثر سعادة من صاحب تقدير جيد جدًا، وذلك لأن الطالب الحاصل على مقبول كان سيرسب في دراسته وطموحه أن يحصل على جيد، بينما صاحب تقدير جيد جدًا لن يقل طموحه وطموح من حوله فيه عن الحصول على تقدير امتياز أو أن يكون من الأوائل.
وحينما يفكر البعض بهذه الطريقة؛ يكون الرضا بمستويات عادية من النجاح، أفضل من السعي إلى مستويات متميزة تفرض عليهم ضغوطًا نفسية بالمحافظة على النجاح وتطويره.
أما الشخص المبادر الفعال فشعاره في الحياة "التطوير المستمر" فهو دائم السعي لأن يطور من نفسه ويرتقي بمستواه، كلما رفع له علم من المجد شمر إليه، فإذا حازه ارتأى علمًا أعظم، فتصعد همته ليصل إليه، وهكذا همته وعزيمته في صعود وترق دائم، وصدق الإمام ابن الجوزي إذ يقول: (ومن الصفوة أقوام مذ تيقظوا ما ناموا، ومذ سلكوا ما وقفوا، فهمهم صعود وترق، كلما عبروا مقامًا إلى مقام رأوا نقص ما كانوا فيه؛ فاستغفروا) [صيد الخاطر، ابن الجوزي، ص(119)].


3. اليوتوبيا:
ونقصد بها المدينة الفاضلة التي تخيلها الفيلسوف الأغريقي أفلاطون، وقد ظل يبحث عنها ولكنه لم يتوصل لشيء؛ لأنه كان يبحث عن سراب.
إن الكثير من الناس يقضي حياته مقلدًا أفلاطون، فتراهم يبحثون عن المثالية الغير ممكنة، فيضعوا لأنفسهم معاييرًا غير واقعية ولا تتناسب مع إمكاناتهم.
وقد يعيش بيننا الآن بعض مقلدي أفلاطون الباحثين عن المثالية الزائفة مما يعوقهم عن الوصول للفاعلية، والتي يضعون لها معاييرًا غير واقعية ولا تتلاءم مع إمكاناتهم.
ومن ثم فإن الأهمية لا تتعلق بوضع الأهداف، فحسب ولكن كذلك في المعايير الموضوعية لهذه الأهداف.


4. ضع الكأس واسترح قليلًا:
(في يوم من الأيام، رفع محاضر كأسًا من الماء وسأل المستمعين: ما هو في اعتقادكم وزن هذا الكأس من الماء؟ فتراوحت الإجابات بين 50 جم إلى 500 جم.
فأجاب المحاضر: لا يهم الوزن المطلق لهذا الكأس! فالوزن هنا يعتمد على المدة التي أظل ممسكًا فيها هذا الكأس، فلو رفعته لمدة دقيقة لن يحدث شيء، ولو حملته لمدة ساعة فسأشعر بألم في يدي، ولكن لو حملته لمدة يوم فستستدعون سيارة إسعاف؛ فالكأس له نفس الوزن تمامًا، ولكن كلما طالت مدة حملي له كلما زاد وزنه) [قصص ومعاني، علاء صادق، ص(13)، بتصرف يسير].
وهكذا ضغوطات الحياة، إن حملناها فوق رؤوسنا طوال الوقت، فستكون من أهم العوائق التي تقف في طريقنا نحو الفاعلية، خاصة في عصرنا الحديث ذي الوتيرة المتسارعة، ولذا ينصحنا الدكتور عبد الكريم بكار فيقول: (عصرنا الحديث هو عصر المطالب المتزايدة، وهذا يعني أن على كل واحدٍ منا أن يحسن كفاءته في مقاومة الضغوط التي تفرضها طبيعة العيش في هذا الزمان، وذلك يتطلب منا أن نتعود الاسترخاء والترفيه عن النفس في إطار من المشروعية والاعتدال)