القراءة في أوقات الفراغ


تمثل القراءة أحد أهم أوجه النشاط التي يمارسها الناس لملء أوقات فراغهم ، وهي نشاط يجمع بين المتعة والفائدة ، وحين يقرأ الفرد في أوقات راحته وفي الفواصل بين أوقات عمله فإن عمليات التعلم والتفكير الذهنية تكون في حالة الاستثارة والفاعلية وتحقق تطوراً وإنجازاً ، لكن في ظروف مريحة يشعر الفرد فيها بالإنجاز دون جهد كبير.


إن الذين لا يقرؤون قد لا يقبلون هذا الافتراض ، لأنهم يعتقدون أن القراءة نوع من المعاناة ، لكن الذين يعتادون القراءة يعتقدون أنها مصدر لتحقيق مقدار عال من الرضا، وإشباع لكثير من الرغبات . وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن المعتادين على ملء أوقات فراغهم بالقراءة يشعرون بسرور بالغ أثناء هذه الأوقات ، وقد تزيد سعادتهم بها عن سعادتهم بقضاء هذه الأوقات في مشاهدة التلفاز.


ويحقق الاعتياد على القراءة في أعمار مبكرة ثمرات مهمة مع التقدم في العمر ، فعندما تصبح القراءة مصدراً أساسياً لتواصل الفرد مع العالم حوله ، فإن هذا المصدر يبقى متوافراً وقريباً في مراحل الكهولة وما بعدها ، ويساعد المرء على التكيف الإيجابي مع بيئته بالرغم من التغيرات التي تحدث في هذه البيئة . كذلك أظهرت الدراسات أن القراء يستمرون في ممارسة القراءة في الأعمار الكبيرة ، لكنهم في تلك الأعمار يصبحون أكثر قدرة على التعامل مع المقروءات التي تحتاج لمعالجات ذهنية متقدمة ، مثل النصوص التي تتضمن مفاهيم مجردة بدرجة عالية ، ويصبحون أكثر ميلاً لهذا النوع من القراءة.


إذا كانت القراءة طريقة للمتعة والفائدة ، ووسيلة تساعد على النمو النفسي والاجتماعي والعقلي الإيجابي ، فإنها تستحق أن يتدرب الإنسان على مهاراتها ، ويعتاد على ممارستها ، وتستحق أن ندرب أبناءنا عليها ، فنحاول أن نجعلهم يشعرون أن المهمات التي تتطلب القراءة نشاطات ممتعة ، وإنجازاتِ ممكنة ، وليست أعباء ثقيلة . ومن علامات نجاح الوالدين في ذلك أن ترتبط القراءة في مفاهيم الأبناء بأنشطة أوقات الفراغ ، وليس فقط بالواجبات والمهمات المفروضة.