عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
كيف تكتسب قوانين القوة؟
إن مرارة الإحساس بالعجز لا يضاهيها أي شعور آخر لدى أي إنسان يدرك وجوده وكينونته، فكل إنسان طموح يريد أن يمتلك القوة التي تمكنه من السيطرة على ما يحيط به من أحداث أو التأثير فيمن يحيطون به من بشر، فكل الناس يريدون السلطة ولكن هناك من يخشون التعبير عنها كي يحافظوا على المظهر الخارجي المتحضر الذي يتناقض مع التعطش للسيطرة على الآخرين.
وحب السيطرة هاجس تاريخي قديم يمكن تبيّنه من قصص الممالك والإمبراطوريات والدول، فكثيراً ما كان المستشارون وأفراد الحاشية في بلاد السلاطين والملوك يقدمون لهؤلاء القادة النصح، وكان كل فرد بارز في الحاشية التي تدير البلاط يواجه موقفاً دقيقاً يتمثل في رغبته في خدمة مولاه دون أن يبالغ في تودده المفرط وولائه الشديد للحاكم لأن في ذلك خطراً على حياته إذا ما لاحظ من حوله محاولاته الحثيثة للتقرب أكثر مما يجب من رأس الدولة.
وبما أن البلاط كان يضم علية القوم وصفوة رجال الدولة وعماد تحضرها، فما كان يجب أن تظهر صراعات الولاء بين أفراد الحاشية على الملأ، حتى يحتفظ كل مستشار وقائد بالصورة التي رسمها لنفسه وعرفه بها الحاكم والشعب على السواء، ومن هنا تبرز أهمية قوة ذكاء رجل الدولة الحاذق في أن يحافظ على ابتسامته الودودة ونعومة قفازه الحريري، حتى وهو يطعن أعداءه في ظهورهم، وكان بعض المتنفذين يستخدمون الإغواء والإغراء والسحر كي يحفظوا مآربهم، أي أن الحياة في البلاط تبقى صراعاً لا نهائياً للحفاظ على سلطة الأفراد، "هذا نوع من القوة لا أعرف إذا كنت معه أم لا؟!"
من المؤكد أن الناس جميعاً ينشدون القوة ولكن معظمهم يطلبونها بأسلوب يختلف كل منهم عن الآخر، فمنهم من يطلب القوة العضلية، ومنهم القوة المتحضرة العادلة، ومنهم من يطلب القوة العقلية، وكل منا يفضل أن يبدو أنه حصل عليها بهذا الأسلوب أو ذاك، لأننا نخشى إذا ما التزمنا بهذه القيم والقواعد بشكل صارم، أن لا يتمتع الآخرون بالقدر نفسه من المثالية بل قد يستغلون الفرصة للانقضاض علينا وإلحاق الهزيمة بنا.
ما هي القوة؟
القوة هي امتلاك فن الذكاء والدهاء والمكر للوصول إلى الهدف، على الرغم من اختلاف الأزمنة والأمكنة والظروف، فإن القوة هي القدرة على توظيف نفس الأساليب والاستراتيجيات لكي تصل إلى مبتغاك، وللقوة قوانينها التي نستخدمها طبعاً تبعاً لما نريد وما نهدف.
مع الاختلاف فكل منا حسب ثقافته ووعيه وسعة إطلاعه وأهدافه.. الخ.
القانون الأول:
أ) ذر الرماد في العيون: إذ تعتمد علاقتنا بالآخرين على الإيحاء أكثر منه على الصراحة فلكي تكون قوياً يجب أن لا تفصح عن نواياك بل عليك أن تشوش انتباه الآخرين فيضطرون للتفكير فيك، من أنت وماذا تريد، كيف تفكر؟ أي تجعلهم في شغلٍ دائم فيك.
المبرر لهذا القانون يقول: بأنه من السهل الإفصاح عن نواياك ومشاعرك الحقيقية لكن الأمر يتطلب قدراً كبيراً من المهارة إذا ما حاولت الإمساك بلسانك وكتمان أسرارك ويظن كثيرٌ من الناس أن الصراحة هي الحل الوحيد، لأن الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين أي نقطتين لكن الصراحة قد تكون مخادعة، فلأنك صادق مع نفسك، تنتظر أن يعاملك الآخرون بنفس الدرجة من الصدق، بينما تؤدي صراحتك في الواقع إلى جرح مشاعر الآخرين بحيث تجبرهم على الكذب عليك وتضليلك في النهاية ولذلك ننصحك بإخفاء نواياك لكي تضمن النصر قبل أن تبدأ الحرب، فليس هناك قائد يكشف خطته قبل خوض معركته.
ب- القوة لعبة إجبارية: كلنا نسعى لامتلاكها وكلنا نرفض الاعتراف بذلك، لماذا؟ لأن القوة ليست شيئاً مطلقاً بل هي علاقة نسبية بين عدة أطراف، فهناك في اللعبة أقوياء وضعفاء والقوة في اللعب إجبارية ومفروضة على الجميع، وعليك أن تمارسها في سرية تامة كما يقول نابليون: "اخف قبضتك الحديدية في قفاز من حرير".
جـ- مطبخ القوة: هو المكان الذي يضم الحاشية من العلماء والمفكرين والمساعدين والنوابغ والمشهورين الذين يتولون مهمة طبخ الخطط وتنفيذها للحصول على مزيد من القوة وإضعاف الخصوم، ومن الطبيعي أن تتم كل هذه المكائد في الخفاء.
ومن الطبيعي أن يكون هناك قوانين ضمنية بين أفراد الحاشية فلا يجوز الإسراف في مدح أو ذم أحد الأفراد علانية لأن هذه القوانين تشير إلى ضعف أو تآمر مع أو ضد.
د- القوة وادعاء البراءة: السعي وراء القوة مهم جداً للإنسان ولكن المهم أكثر هدف هذه القوة، ونجد بأن مجرد السعي وراء القوة أمر خطير بالنسبة للكثيرين لأنهم عندما يريدون الخروج منها ينعتونها بصفات بعيدة عنها وعن أهدافها وهنا نقول "بأن الشخص انتهازي".
فلذلك القوة لعبة تتطلب قدراً كبيراً من الجرأة والذكاء في متابعتها حتى النهاية.
القانون الثاني:
دع الآخرين يعتمدون عليك، لكي تضمن ولاءهم واعتمادهم عليك تزيد قوة استبعادك للآخرين وهنا تزداد حريتك اتساعاً، احكم قبضتك عليهم باعتمادهم في السعادة بحياتهم عليك وعدم الاستغناء عنك، وأن تكون مصدر راحتهم، ولكن احذر أن تعطيهم كثيراً لئلّا يستغنوا عنك.
ب- غباء الثور: يحكى أن فلاحاً كان يملك ثورين، يوم غادر القرية، وضع عليهما كافة أحماله، ظل الثور الأخير يتلكأ في المسير، فكان المزارع يريح عنه بعض الحمل ويضعه على الثور الأول، مضى الثور الأخير في سيره متبختراً، حتى شعر صاحبه بالجوع، فقام بذبحه ليأكل من لحمه ولم يستطيع التفريط بالثور الأول الذي كان ينوء بحمل أثقاله.
المبرر: يجب أن يكون التخلص منك مكلفاً لمديرك ولكل من هم أعلى أو أقوى منك، التميز في عملك وامتلاكك موهبة فذة هما أفضل طريقة لضمان ذلك.
جـ- العمل والعواطف: لا تعتقد بأن اعتماد المدير عليك سيجعله يحبك، فالصحيح سوف يحب ما يجنيه من ورائك ويخشى فقدانك، فأنت كنبع الماء الذي ندير له ظهورنا بعد ارتداء عطشنا، فلا تسرف في الاتكال على الجانب العاطفي لعلاقتك مع مديرك؛ فالأجدر بك أن تركز على الجانب العملي منها، معتمداً على استراتيجيَتين في بناء اعتماد الآخرين عليك: - استراتيجية التوسع: أي توطيد العلاقات مع كل الأطراف والقيام بمعظم الأعمال حتى تتأصل في نسيج البناء وتمسك بكل الخيوط، فلا يمكن الاستغناء عنك لأنك تعلم وتعرف كل شيء عن العمل، وهذه الاستراتيجية تصلح لكل المكافحين الذين يعملون دون كلل أو ملل. - استراتيجية التميّز: وهي تعتمد على الموهبة أو المهارة الفريدة، وهذه الاستراتيجية تصلح للموهوبين الذين يحبون العزلة، والمتفردين في أدائهم ونظرتهم للحياة وللمبتكرين الذين يعتمدون على الخيال والعاطفة.
القانون الثالث:
لا تخطف الأضواء من رئيسك: دعهم تحت الأضواء، دعهم لا يخافون منك ومن تفوقك فمصاحبة الأذكياء غير مريحة، ولا تتمادى في محاولاتك لنيل إعجابهم لدرجة تثير مخاوفهم.
احرص على التواضع وخاصة أمام الآخرين، فالمدير كالشمس التي لا يجب أن تتألق حولها النجوم، وهو في ذلك لا يعبأ بأي اعتبارات عملية أو علمية فعندما يتعلق الأمر بالكرامة والقوة نادراً ما ينصت الإنسان لصوت العقل، فعندما تتكلم عن نفسك وتستعرض مهاراتك فإنك تحصد التقدير ومعهما قدر كبير من الحسد والضغينة، عليك دائماً أن تلمّع صورة مديرك وتعزز سلطته، ليأمن جانبك وولائك، وكل ما تريد أن تبرز أفكارك وموهبتك من خلاله يجب أن تنسبه لتوجيهاته لك ولرعايته الدائمة لأفكارك، حتى يخفّ إحساسه بالتهديد من جانبك، لأن النجوم لا تتلألأ في السماء إلا بعد غروب الشمس، فالقانون الطبيعي هو أن لا تسطع في السماء سوى شمس واحدة، وما تحدى أحدهم الشمس إلا واحترق بنارها، فاستفد من دفئها ونورها دون أن تتلظى بنارها.
القانون الرابع:
حافظ على سمعتك.. لا تستطيع إلا أن تكون نموذجاً فإما أن تختار نموذجك أو أن يختاره لك المجتمع، فلا تدع الشك يتطرق إلى سمعتك مهما بدا الأمر هاماً وحاسماً فبإمكانك أن تهزم عدوك دون أن تجرد سيفك من غمده، ولكي تهزم خصمك عليك أن تجرده من سمعته أولاً.
المبرر: أثناء حرب الممالك الثلاث في الصين بعث القائد "شوكو" الشهير بالدهاء معظم قواته إلى معسكر بعيد ليقابلوا جيش الأعداء، مكث في المدينة وحده مع قليل من حرسه، فجأة سمع بأن جيش الأعداء زحف نحو المدينة بقيادة "سيماي".
أصدر "شوكو" أوامره بفتح أبواب المدينة وتنكيس الأعلام واختفاء الجميع، وبالفعل لم تمضِ إلا ساعات قليلة حتى ظهر جيش العدو على أبواب المدينة، وهنا أمر "سيماي" جنده بالتوقف ودلف إلى المدينة متعجباً ووقف برهة يتفحص الموقف، ثم عاد بسرعة إلى جنوده وأمرهم بالانسحاب الفوري والسريع "لماذا؟".
اشتهر "شوكو" بدهائه في الحروب ولجوئه للحيلة، مما جعل "سيماي" يؤمن بأن جيش "شوكو" الكبير كان مختبئاً ينتظر الانقضاض عليه في المصيدة التي أعدها على هيئة مدينة مفتوحة وخالية من الناس، وبعد أن انطلت الخدعة تخلص شوكو من كل من راقبوه وهو يخدع خصمه ولهذا السبب لم يفقد شوكو سمعته أبداً.
ما هي مفاتيح القوة لاكتسابها؟
عليك تنمية سمعتك بامتلاك إحدى الخصال الطيبة والتي سوف تنتقل من تلقاء نفسها لتنتشر بين أكبر عدد من الناس في بيئتك "رومل ثعلب الصحراء" كان الرجل يثير الرعب في قلوب الأعداء، وكان نبأ اقترابه منهم كفيلاً بإخلاء منطقة بأكملها من قوات الحلفاء.. فسمعتك تسبقك أينما حللت وإنها المسؤول الأول عن انتصاراتك وهزائمك.
"هنري كسينجر" مثلاً تمتع بصفة مفاوض فذ في التسويات السلمية، لدرجة أن أعتى القادة المتصارعين كانوا يشعرون بأنه لابد من حلول السلام في أي وساطة يقوم بها.
ولكن إن كانت سمعتك سيئة منذ البداية فماذا تفعل؟
ليس ذنبنا أننا وُجدنا في بيئة مثلاً سيئة السمعة نتيجة لظروف خارجية، الحل بالنسبة لك أن ترتبط بشخص أو هيئة ذات سمعة طيبة بحيث تغطي سمعتها على سمعتك التي ليس لهك ذنب فيها، وعندها لن يذكر اسمك إلا مقترناً باسم هذه الهيئة أو الشخص ذي السمعة الطيبة.
ولكن لقانون السمعة استثناءات، فهناك أشخاص يكتسبون السمعة من عدم مبالاتهم "أمثال سلفادور دالي" فقد جذبوا الانتباه إليهم بتصرفاتهم الشاذة، وبالفعل نجح هؤلاء في استخدام هذه الاستراتيجية واكتسبوا احترام جماهير المثقفين والفنانين؛ لكن الفلسفة التي تبناها هؤلاء هي "أنك إذا لم تعبأ بما يعتقده الآخرون فيك، فإنك تصبح حراً فيما تفعل"، وأنه ليس من حق أحد أن يحاسبك أو ينتقدك، لكن يجب أن تدرك أن مجال هؤلاء هو الإبداع والفن وليس الحياة اليومية والعملية..
يتبادر إلى ذهننا قوة السمعة والضمير فأيهما أقوى؟!
يمكنك أن تواجه الناس بضمير غير سليم، ولا يمكنك أن تواجههم بسمعة ملوثة، تلعب السمعة في مجال العلاقات الإنسانية دوراً أساسياً، فهي المؤشر الذي تقاس عليه أفعالك وأقوالك، لكن السمعة أحد مفاتيح قوتك فهي أداتك لتوجيه الأحكام التي يطلقها الآخرون عليك.
القانون الخامس:
اجذب الانتباه بأي ثمن كن قطباً بارزاً بأي ثمن، اجعل آراءك أقوى وألوانك أسطع، وأسلوبك أروع، ومن الأفضل أن تصبح هدفاً للهجوم والنقد بدلاً من أن تبتلعك ظلال النسيان، كن مختلفاً دائماً، فهذا هو الدرس الذي نتعلمه من الزهور.
فعندما تشد إليك العيون فإنك تتمتع بجاذبية سحرية تقود بها جمهورك أينما شئت "اشترى بارنوم" تمثالاً لمخلوق خيالي نصفه العلوي إنسان والسفلي سمكة، ثم نشر أخباراً في الصحف عن اكتشاف مخلوق من نفس النوع وأشار إلى أن هذه المخلوقات تشبه التمثال الموجود في المتحف، فأقبل الناس على المتحف ليشاهدوا التمثال تقودهم الأخبار الخيالية التي وصفها بارنوم في الصحف فقد فهم أسلوب تحريك الجماهير وجمع من خلال ذلك ثروة خيالية، وقوة جذب الانتباه هي مهارة نكتسبها بعد تعودنا على الآخرين وتعاملنا معهم وألفتنا لهم، فهناك من يستطيع التكيف بسرعة مع أناس يقابلهم لأول مرة وهناك من لا يستطيع التوافق إلا بعد فترة طويلة ولكي تدخل دائرة الضوء عليك أن تكون مبتكراً في سلوكك الموجه لجذب المزيد من الانتباه وإياك والتكرار فهذه سلعة رخيصة لا يحبها الناس، وآليات الجذب هي:
- ابحث عن شخصية مشهورة وتصيد أخطاءها واجذب انتباه بالناس إليك، فكل شخصين متعارضين عادة يمثلان للناس جانبي الخير والشر.
- ساند القضايا الجديدة: وساند المستضعفين من الأقليات فسوف تكون الشخص الجذاب.
- إذا لم تجد شخصاً تهاجمه أو قضية تتبناها، افعل شيئاً غريباً ومبهماً لا يستطيع أحد تفسيره ولا حتى أنت مثلما فعل "هاملت"، إذ لجأ إلى الجنون ليثير الرعب والفزع في قلب قاتل أبيه، فهناك تكون القوى المحركة لتصرفاتك خافية وعصبية على الإدراك مما يحيطك بهالة من الغموض ويغلف تصرفاتك بمسحة من الغرابة.
ولكن نقول إنه يجب عدم الاندفاع وراء جذب الأنظار دون وعي ودون حساب للاعتبارات الاجتماعية والقيم التي تعاصرها، فقد يدفعك حب الظهور إلى ارتكاب أخطاء قاتلة، فقد سمعنا بمن ينتحرون رغبة في جذب الانتباه إليهم، يجب ألاّ يبدو سعيك لجذب انتباه رؤسائك أو زملائك نابعاً من طمع فيك أو من نقص يعتريك – بل يجب أن تؤسس استراتيجيتك على قيم محترمة ومعترف بها في البيئة التي تعايشها، وعليك أن تنتقي أعداءك بنفس الحرص الذي تنتقي به أصدقاءك.
القانون السادس:
خاطب مصالح الناس.. لا مشاعرهم
فعندما تبحث عن مساعدة أو معونة لا تذكِّر الناس بما فعلته لهم أو بواجبهم نحوك، فهذا يجعلهم يبحثون عن فرصة للتخلص منك، الأجدر بك أن تتكلم عن المصلحة العامة.
اشتهر "جنكيز خان" برغبته في التدمير والقتل، فعندما اجتاح الصين كان يريد فساداً وحرقاً ونهباً، فجاء إليه أحد الصينيين العظماء ويدعى "تساي" وقدم إليه اقتراحاً - اعتبره التاريخ مفتاح نجاة الحضارة الصينية- ، فبدل الحرق والقتل أن يتقاضى جنكيز ضريبة عن كل متر منها لا يشعل فيها الحريق وهكذا استطاع "تساي" أن يغيّر مشاعر أشهر المخربين في التاريخ عندما عزف على وتر المصلحة الواضحة.
نجد من هذا المثال أنه في سعيك وراء القوة لابد لك عاجلاً أم آجلاً من أخذ رأي الآخرين الأعلى منك والأدنى، وأن تفهم مصالح من تتعامل معهم وعليك أن تنظر لإمكاناتك وتحدد ما يقع في دائرة قدراتك وما يقع في دوائر مصالح الآخرين.
وعندما تطلب المساعدة عليك أن تكون واقعياً صادقاً حسن النوايا، وإذا طلبت المساعدة من غيرك دون أن تخاطب مصلحته الشخصية فأنت أكثر انتهازية من الشخص الذي يخاطب المصلحة الشخصية دون أن يعتمد على المشاعر النبيلة، فعندما تخاطب المشاعر فقط، فأنت في الواقع تطلب خدمة شخصية دون مقابل.
هناك من يعتبرون التحدث بلغة المصلحة والأرقام مؤشراً على تدهور الأخلاق، هؤلاء الناس لا يجيدون إلا لغة العواطف، فإذا كانوا أعلى منك شأناً فهم من الارستقراطيين الذين يحبون الظهور بمظهر المتبرعين والمصلحين الذين تشيد رسائل الإعلام بهم وبأفعالهم الخيرية.
القانون السابع:
احذر كل ما هو رخيص، لا تفرح بالأشياء التي يمكنك الحصول عليها بسعر رخيص أو دون مقابل، فمثل هذه الأشياء تجر وراءها تكلفة مادية ومعنوية تصفعك وتبعدك عن التميّز، فاعلم أن أسوأ المعلمين هو من لا يتقاضى مقابلاً مادياً لأنه يأسرك معنوياً ويسلب إرادتك فلا تستطيع أن تختلف معه في شيء يقرّه.
فقد يحبذ تاجر أن يتعامل مع أحد الموردين لأن أسعاره أقل لكنه بالمقابل يعطيك جودة أقل تضر بسمعتك في السوق، أسلوبك في التعامل مع النقود والثروة هو أحد أهم محاذير القوة، كثيرون فقدوا ثروتهم نتيجة رغبتهم في مزيد من الثروة السريعة بعد أن وقعوا فريسة للنصابين، فهؤلاء إنما يلوّحون بفرصة الكسب السهل والمجاني ليتهافت عليهم البخلاء والجشعون، فلا تدع نفسك تنساق إلى مصيدة والثروة الرقمية، فكر بلغة الثروة المعنوية.
ولا تكن كأحد البخلاء الذي اشترى بكل ثروته الضخمة كتلة كبيرة من الذهب الخالص وخبأها في مكان سري وكان يتردد عليها من حين لآخر، اكتشف أحد خَدمِه مكان المخبأ السري فاستبدل كتلة الذهب بكتلة من النحاس وكان البخيل يأتي ليطمئن إلى هذه الكتلة دون أن يدرك الفارق بين الذهب والنحاس ومات وورثه أهله تاركاً لهم قطعة النحاس، ولم يدرك البخيل طوال حياته أن القيمة الحقيقية للمال تكمن في استخدامه وتدويره ليس في اكتنازه وإحكام الرقابة عليه، وعليك أن تقيم فكرة التوازن بين البذخ والبخل، وذلك عن طريق- دفع الثمن الحقيقي لكل ما تحصل عليه لا أكثر ولا أقل- واستخدم فكرة الكرم الانتقائي لتعزيز علاقاتك ببعض الأشخاص لتبقي على صداقتهم وتحصل على خدماتهم المتميزة فليس هناك أسوأ من البخل بالنسبة لمن يبحث عن القوة، فالبخل يقلص دائرة نفوذك ويحد من البدائل المتاحة أمامك.
القانون الثامن:
اسحق عدوك تماماً، فالجمرة مهما كانت صغيرة يمكن أن تسبب حريقاً كبيراً.. فعليك أن تبيد أعداءك جسدياً ومعنوياً، فاحترامك لعدوك لا يجب أن يتحول إلى تعاطف معه. فالعدو لا يستحق إلا أن تحطمه لأنه أيضاً يريد تحطيمك، توقفك في منتصف الطريق لا إنهاؤه لن يزيده إلا إصراراً على المضي قدماً لينتصر عليك، هذا يعني أن استجابتك لنداء الصلح والمفاوضات تتيح للعدو كي ينظم صفوفه ويعود أكثر قوة وشراسة. لأن الانتصارات غير الكاملة تزيد كراهية عدوك لك، وتتيح له فرصة الانتقام. وهذا المبدأ لا ينطبق فقط على الحروب بل على كل صراعات الحياة بشكل عام فالتخطيط لإبادة منافسيك لا ينبع من كراهية لأشخاصهم بقدر ما هو ضرورة تفرضها طبيعة الصراع، لأنك ستظل دائماً في حالة قلق مما قد يقومون به إذا ما تركت له مجالاً للتحرك.
هذا ما أحببت صديقي القارئ نقله إليك عبر ما قرأت ولكنّ رأيي قد يختلف مع أو ضد هذه القناعات لأنني عندما أتزود بالذكاء والأخلاق والمعتقدات والأمانة والصدق في التعامل مع الآخرين في النهاية لا يصح إلا الصحيح حتى لو خسرت بعض المكاسب فسوف أربح على الأقل احترامي لذاتي ولنفسي أمام نفسي والآخرين، ولن أكسب في النهاية سوى النجاح إن طال الوصول إليه أم قصر، ربما تقول هذه مثالية للواقع ولكن فكر معي جيداً فسوف ترى أن من يبحث عما سبق وبالطرق التي سبق وطبعاً هناك الكثير الكثير منهم في الواقع فسوف تقول عنه بأنه إنسان انتهازي وصولي براجماتي يصعد على أكتاف الآخرين، وحسبنا المحبة والتواصل والعلاقات الإيجابية مع الآخرين في البيت والعمل ومع الأهل وهذه هي الحياة.
++++++++++++++++++++++++++++
المفضلات