إن استخدام التخيل لعلاج مشكلة معينة، يقتضي الاهتمام بالمسألة المطروحة والتركيز عليها، وعدم السماح أن يتسلل إلى الفكر غيرها، والتركيز يتم كتركيز الضوء تماماً، كما تفعل العدسة في حالة تجميع الأشعة، ومما يساعد على دفع التركيز ودعمه، اهتمام الشخص ودوافعه بتلك المشكلة، بمعنى: أن يكون التركيز برغبة وبغرض معين، لا مجرد التركيز فقط، بل يكون هناك هدف واضح.


وعلى ذلك: فإن أي عمل تقوم به، يجب أن تنصرف إليه كلية، وبقدر كبير من التعاطف والحماس، ومن المشاعر والأحاسيس الإيجابية .. وهذا يقتضي وضع الجسم في حالة استرخاء تام (راحة وعدم توتر) ثم بعد ذلك يأتي دور استخدام الإيحاءات الذكية (الاقتراحات، الإرشادات..) حيث إن صياغة تلك الإيحاءات وترتيب مفرداتها، من الأهمية بمكان، سواء في شكلها الأساسي، أو في شكلها الأكثر تقدماً، وبذلك يلعب التخيل الخلاق دوراً بالغ الأهمية.

تمرين للتخيل

1 ـ تتخيل ثقلاً في الذراع الأيمن، وهو الذي سيتم به الإيحاء، والتصور الذي يقدم الفائدة والمساعدة لك.
2 ـ تتخيل دفئاً في الذراع الأيسر، وهو ما سيتم الإيحاء به، وسيكون التصور الذي يعطى ما هو على شكل أشعة شمس أو نار دافئة، كما سيكون قادراً على إظهار واستخراج الاستجابة المطلوبة.
3 ـ النبض هادئ وقوي، والإيحاء مستمر بأنك هادئ ومرتاح، وأن قلبك ينبض بهدوء وقوة وانتظام .. وكذلك التنفس يكون هادئاً ومنتظماً.
4 ـ تصور أن هناك شمساً، تشع دفئاً وصحة في نقطة (الصغيرة الشمسية) وهي فوق الصرة بقليل، وهي مركز هام من مراكز اللاوعي، وتستجيب بشكل جيد للإيحاءات الصادرة منك، في حالة الاسترخاء والتركيز.


5 ـ تصور أن الجسم كله يكون دافئاً، ولكن الجبهة رطبة، عن طريق إيحاءات متكررة بأن الجبهة (الجبين) رطبة.


التدريب على التركيز


بعد الدخول في مرحلة الاسترخاء المطلوب، مع الإيحاءات التي تحقق ذلك الغرض .. عليك بعد ذلك أن تدخل في تدريب التصور الخلاق بما يلائمك، وبما يحقق هدفك، ويجب أن توجد انسجاماً بين النفس رقم (1) والنفس رقم (2) (الوعي واللاوعي). فمثلاً: في بدء الاسترخاء، وأثناء الاسترخاء، تابع الإيحاءات بأن تقول:
من الآن فصاعداً سوف أبدأ التفكير بشكل إيجابي، بخصوص هدفي، سوف تخلص من كل قلق أو شك .. ومن الآن فصاعداً، وفي كل مرة يكون لدي فيها فكرة سلبية، سأقول لها: اذهبي إنني لا أريدك .. وبمرور الوقت ستتناقص هذه الأفكار السلبية، لأنها لن تجد شيئاً تتغذى عليه، وستحل محلها الأفكار الإيجابية ويصبح الانسان أكثر قدرة على التحكم في أفكاره، وقيادة نفسه إلى الأحسن.


وهناك أكثر من طريقة للتدريب على التركيز:


قل لنفسك: استطيع أن أتصور الهواء يدخل في رئتي عند التنفس، أتصور الأوكسجين مصدر الحياة، ينتقل من رئتي إلى دمي، وثاني أوكسيد الكربون يتجمع من جسمي إلى رئتي، ثم عند الزفير أتصوره يخرج من جسمي.. والآن: أستطيع أن أرى أفكاري السلبية قد ألحقت، وربطت بذرات ثاني أوكسيد الكربون الذي جذبها كالمغناطيس، وأستطيع أن أراها بوضوح، وهي تخرج بلا رجعة.. وأستطيع أن أرى الأفكار الإيجابية، تنجذب إلى ذرات الأوكسجين، أثناء الشهيق وتنتقل من رئتي إلى داخل جسمي، وتتسرب إلى كل جزء من عقلي وجسمي .. وتخيل وأنت تفعل ذلك: أن جسمك شفاف، وكأن الأفكار الإيجابية عبارة عن حبيبات حمراء صغيرة، وأن الأفكار السلبية سوداء وتخرج منك.


كذلك يمكنك تصور سحابة حولك، تلتقط منك الأفكار السيئة، وتجذبها وتخرجها منك، من خلال مسام جسمك، وأنك قد تحررت منها تماماً، سواء كانت تلك الأفكار: غضب أو حقد، أو أي صورة سيئة، تريد إخراجها من جسمك، وكرر لنفسك: أن صورة الغضب هذه مثلاً قد تحررت منها، أو من الشك والريبة، وبذلك تتيح للنفس رقم (2) (اللاواعية) أن تعبر عن نفسها وتتصل بك.


يمكنك أيضاً أن تستخدم ملابسك في التخيل، وتمطرها بالثقة وهي أمامك وتقول: إنك عند لبسها ستكون مؤثراً.. أو تستخدم منديل، أو عصا، أو خاتم واشحنه بالأفكار الإيجابية، وبما تريد منك، فيكون لك ما تريد كالسحر.


كما يمكنك أن تتخيل أي شيء تريده أن يتحقق، سواء كان لعبة كرة، أو محاضرة أو .. وتتخيلها قبل عملها، وكأنك فيها فعلاً، فتجد بعد ذلك نتائج مدهشة.


ويمكنك كذلك أن تتخيل: أنك خارج من منجم فحم، وكل جسمك عليه أشياء سوداء، وأنك تنقل إلى مستشفى، ويركبون لك أنابيب تمتص كل هذا السواد وهو الأفكار السلبية، ثم يركبون أنابيب أخرى تملأك بدلاً من السواد، سائل فاتح جميل، وهو الأفكار الإيجابية.


وهكذا يمكنك التخيل في كل ما يعترضك من مشكلات، أو تريد تحقيقه من أهداف، والمهم هو التركيز الذي تدفعه الرغبة في تحقيق النجاح، والإرادة في تحدي الصعاب .. فنحن جميعاً نمتلك قدراً كبيراً من الطاقة الكامنة التي لا نستخدمها، وتشكل قوة الذاكرة واحدة منها، والتخيل يساعد هذه القوة أن تبرز إلى الوجود، وتمارس دورها اللائق بها، مما يعطي الانسان قوة دفع كبيرة، في خوض مجالات الحياة بكفاءة وفاعلية.