لأطفال …البراءة …السعادة …كلها مرادفات لبعضها ، إذا ذَكرت إحداها يتبادر إلى الذهن تلقائياً الأخرتين ، وعالم الأطفال ليس كما يظن الكثيرون أنه عالم الألعاب و الشخصيات الكرتونية و الحلوى، صحيح أن هذه الأشياء هي المفردات الأساسية لهذا العالم الطاهر إلا أنها لا تمثل سوى اهتمامات الطفل و ليس طريقة تفكيره أو مشاعره، بل و لا تشكل كل الاهتمامات و إنما جزءاً يسيراً منها ، و أنت حينما تتعامل مع طفلٍ صغيرٍ – بعد عامه الأول – فلا تظن أن الأمر سهل و أنك تستطيع خداعه و إقناعه بما تريد،لا سيما ابنك،بل اعلم أنك ما إن تبدأ التعامل معه فأنت تخطو إلى عالم آخر معقد و متشابك يختلف تماماً عن عالم الكبار الناضج الواعي الذي تفهمه جيداً .




دعني أوضح لك المعنى بشكل مفصّل : كثيراً ما يظن الأبوان – خصوصاً الأب – أن مشاعر طفله تافهةً يجب ألا نعطيها من الاهتمام شيئاً ذلك لأنها تصدر من طفلٍ صغير لن يشكل غضبه أو حزنه مشكلة أو يتسبب في عرقلة مشاريع الأسرة مثلاً ، و الواقع أن هذا الافتراض و ما يُبنى عليه من التصرفات أمرٌ خطيرٌ جداً و له آثار سيئةٌ جداً على نفسية الطفل تزداد عمقاُ و تأثيراُ بتكرارها ، و اعلم أن مشاعر الأطفال صادقةً تماماً و قويةً جداً ، بل و أقوى بكثير من مشاعر الكبار ، فقط اهتمامات الأطفال هي التافهة ، يعني مثلاُ يمكن أن يتشاجر طفلان على زجاجة عطرٍ فارغةٍ ، أو علبة ثقابٍ ممزقةٍ أو قطعة من ورق لا فائدة منها ، نعم هذا صحيح ، لكن انظر إلى الجدية الشديدة و الغضب الجارف الذي يبدو على وجه كلٍ منهما و هما يتنازعان تلك الأشياء ، و كذلك حزن و بكاء من يفقدها منهما و فرحة الآخر . إذاً فالمشاعر صادقةً تماماً بينما الاهتمامات و الأهداف تافهةً تماماً- و إن كان ذلك ليس على إطلاقه فقد يهتم الطفل بشيءٍ تافه لأنه يعتقد جازماً أنه يخص والده أو والدته و التفصيل في ذلك يحتاج إل مقالاتٍ طوبلةٍ – فحينما تعامل الطفل و تسترضيه لا تعامله باعتبار أن غضبه أو حزنه لن يقدم أو يؤخر شيئاً ، بل اهتم بمشاعره طالما أنها في حدود المسموح بعمله أو امتلاكه و فكّر دائماً بأن طفلك شديد الذكاء و سريع التعلم و اكتساب المهارات الجديدة ، بل اجعل اهتمامك موزوناً و لا تسرف فيه ؛ لأن الطفل سيفهم ذلك ، سيفهم أن حزنه و بكاءه يمكنانه من الحصول على ما يريد فيلجأ لهما و لو زوراً – دون أن يفهم خطيئة الزور – و هذا هو ما قصدت حينما قلت (في حدود المسموح بعمله أو امتلاكه).



عالم الأطفال عالمٌ كبيرٌ يحتاج إلى القراءة فيه و تعلم كيفية معاملة الأطفال و تربيتهم قبل أن تتورط في المسئولية و يصير عندك ابناً أو ابنة دون أن تفهم كيف تتعامل معه ، و الأدهى من ذلك أن الطفل سيتعامل معك تلقائياً بسلاسة مدهشة دون ن يقرأ شيئاً عن كيفية معاملة الكبار !