أثناء زيارة الأم لصديقتها، تذهب طفلتها للعب مع أقرانها في الغرفة، ولكن بعد خمس دقائق تسمع الأم صراخ الأبناء طالبين النجدة لتكون المشكلة في أن أحدا أخذ اللعبة من الآخر.


ويكاد يكون هذا المشهد متكررا للأمهات والسبب يكمن في أن الطفل لا يعي معنى المشاركة، فيكفي أن يرغب في لعبة طفل اخر لم تكن مهمة لكنها تغدو فجأة غاية الاهمية.


وتقول اختصاصية التربية ناهد فريد إن الطفل لا يمكن وصفه بالأناني في هذه المرحلة بل يمكن وصفه بالراغب في التملك، ورفض الإعارة يعني ان الطفل متمسك بما يعتقد انه له.


وتشير الخبيرة النفسية باتريشا ليون الى أن رفض الإعارة تعتبر مرحلة ضرورية في نمو شخصية الطفل وهو دليل على أن الطفل تطور في الفهم. فعندما يبلغ الطفل 6 - 8 أشهر من عمره يدرك أن هنالك اشياء تخصه وهنالك اشياء ليست له، ويجد الطفل ممتلكاته الأولى مهمة بالنسبة له لأنه يدرك أنه يملك حق التصرف فيها.


ويبدأ الطفل في عمر 3 اعوام بإدراك أهمية الإعارة إلى الآخرين، ويستوعب أيضاً أهمية إرضاء الأهل، لهذا، تجد الأم سعادة كبيرة حين يبدأ طفلها بإعارة أغراضه إلى الآخرين.


ولكن في حال رفض الاعارة في هذا العمر بحسب فريد فإنه بالتالي يخاف من النقص فيعتقد انه اذا أعار طفلا اخر لعبته فسيكون لدى الآخر اغراض اكثر منه، فيقرر الطفل المحافظة على أغراضه، إذ يساعده ذلك على الإحساس بالاطمئنان وإثبات شخصيته والمحافظة على ممتلكاته.
وتقول ليون إن الألعاب بالنسبة للطفل بمثابة علامة قوة وحنان، فهنالك العاب لها قيمة عاطفية لا يمكن له اعارتها كاللعبة التي تنام برفقته، لذا يجب احترام هذه العاطفة، وما يمكن ان تفعله الأم هو الطلب من صغيرها إخفاء هذه الالعاب الخاصة اثناء زيارة الاطفال له وإظهار الالعاب التي لا اهمية لها بالنسبة له.


وقد يرفض الطفل الاعارة لتجارب مسبقة أليمة تكمن في انه اعار لعبة من قبل ولكنها كسرت، وهنا يأتي دور الام في طمأنة الطفل واخباره ان لعبته ستعاد له من دون اي عطل.


ولكي يتعلم الطفل المشاركة لا بد أن يتعلم اللعب الجماعي بالتواصل مع الاخرين، لهذا نرى ان الاطفال في الحضانة يعيشون هذه التجربة اكثر من الذين لا يذهبون الى الحضانة بحسب فريد.


وعلى الأم أن تعزز هذه التجربة بحيث تدعو صديقاتها مع اطفالهن وتطلب منهن ان يحضرن الألعاب الخاصة بهم لكي تتم عملية التبادل بصورة طبيعية، كما يجب أن تتجنب الأم ترتيب الزيارات في الأوقات التي يكون الطفل فيها متعبا لأنه يكون أكثر عدائية ولا يحب التعاطي مع الآخرين.