حاولت أن أغير رأيه في تطليق زوجته، لم أستطع ، وقلت في نفسي لعله يفكر فيما قلت له ثم يرجع وقد تنازل عن رأيه وقرر الاستمرار مع زوجته
وعنده منها أربعة أطفال، وقد استمرت حياتهما الزوجية خمسة عشر عاماً، ولكنه عاد مرة أخرى وهو أكثر تمسكاً برأيه، فحصل الطلاق وكم كان سعيداً وهو يطلق زوجته




[أعتقد أن القارئ يهمه أن يعرف ما هو سبب الطلاق؟






وسأذكر الآن السبب وأعتقد أن القارئ سيقول انه سبب بسيط كما قلت أنا في نفسي في بداية التعرف على المشكلة، ولكن قناعتي ازدادت يوما بعد يوم بأنه سبب جوهري يهدد الثقة والأمان في العلاقة الزوجية، وهما أصل الرابطة الزوجية وهدفها.


انه (إفشاء أسرار الحياة الزوجية)، يقول هذا المطلق: إنني لا أعمل عملاً إلا وزوجتي تشيع ما فعلت بين أخواتها وأمها وصديقاتها، سواء أكان هذا العمل في بيتي أم في وظيفتي، وحتى فيما يتعلق بمالي ودخلي، الكل يعرف حياتي وأسرارها، وقد حاولت نصح زوجتي ولكن دون فائدة، فأصبحت حياتي معها مهددة وغير آمنة، حتى أسرار الفراش وعلاقتي الخاصة معها تتحدث بها عند صديقاتها... انتهى كلامه.






أقول معلقاً على هذه الحادثة:




أن النبي عليه الصلاة والسلام، حذر الزوجين من أن يفشي الواحد منهما سر الآخر، كأسرار البيت أسرار العلاقة بالآخرين، والأسرار المالية، وأشدها أسرار الفراش، فقال عليه الصلاة والسلام: (((إن من أشر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم يفشي سرها)))، (رواه مسلم).


فيعتبر إفشاء المرء لسر غيره خيانة إن كان مؤتمناً، ونميمة إن كان مستودعاً، وكلاهما حرام ومذموم، بل إن الميت يكره لمن يغسله أن يتحدث بما يراه من سوء عليه، فحفظ السر للحي والميت، وكذلك الأسرار الزوجية تحفظ أثناء بقاء العلاقة الزوجية وبعد وفاة أحد الطرفين أو حصول الطلاق.


واني أعرف عائلة كويتية حصل فيها الطلاق منذ عشر سنوات، والى الآن لا يعرف أحد سبب الطلاق.


وقد نقل الغزالي رحمه الله رواية عن بعض الصالحين أنه أراد طلاق زوجته، فقيل له: ما الذي يريبك فيها؟


فقال: العاقل لا يهتك سر امرأته، فلما طلقها قيل له: لم طلقته ؟ فقال: مالي وامرأة غيري.


فالواجب ستر المسلم، ومن باب أولى ستر أسرار العلاقة الزوجية، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (((من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)))، ولعل البعض يستغرب مما سأذكره الآن من إفشاء السر حصل مع إحدى زوجات النبي عليه الصلاة والسلام وهي السيدة (حفصة) عندما حرم النبي عليه الصلاة والسلام السيدة مارية على نفسه، فأوصى حفصة بعدم إخبار أحد فكشفت هذا السر، فغضب النبي عليه الصلاة والسلام منها فطلقها، ثم ردها جبريل عليه السلام، ولكن المشكلة تحصل عندما يكون أحد الطرفين ثرثاراً بالأسرار الزوجية، ولهذا فان الشريعة أجازت لأحد الطرفين أن يرفع دعوى على الآخر إذا كان يفشي الأسرار الزوجية دائماً، وللقاضي أن يعزر من يفشي السر، إلا أن هناك بعض الأسرار يمكن لأحد الزوجين أن يتحدث بها ويفشيها للمصلحة، كأن يستشير أحد الزوجين مختصا لإرشادهما في علاج مشاكلهما الزوجية أو إذا أصيب أحد الزوجين بمرض معد كالكوليرا والطاعون والإيدز وغيرها، وهذا ما قرره مجلس مجامع الفقه الإسلامي المنعقد في بروناي (1993 م).


فإفشاء الأسرار في العلاقة الزوجية يهدد كيان الأسرة ويفتك بها، وحفظ الأسرار يساهم في استقرار الأسرة وسعادتها، فهذه رسالة موجهة إلى كل زوجين مخلصين... والله الموفق.