كم تدفع لتصبح مختل عقليا ؟! دراسة عن تجارة الموت : الحبوب المخدرة والتقارير الطبية المشبوه


تدفع لتصبح مختل عقليا دراسة تجارة الموت الحبوب المخدرة والتقارير الطبية المشبوه


انتشرت في الآونة الأخيرة إشكال من العنف والجرائم البشعة الغريبة التي تخترق حياتنا كل يوم, تلك النوعيات من الجرائم لم تشهدها اغلب المجتمعات العربية من قبل, فهناك جرائم قتل الأزواج والتمثيل بجثثهم وقتل الآباء والأبناء.. وجرائم هتك الأعراض والخيانة الزوجية والاغتصاب ..


والاعتداء الجنسي على المحارم ..وتفجير الأبرياء بالجملة والتشويه والحرق والقتل بدون دافع .. وغيرها .


وتشير أصابع الاتهام إلى ظهور أسباب وعوامل جديدة تختلف عن العوامل التقليدية التي اعتادت الدراسات والتحليلات أن تحصرها في الأسباب البيولوجية والاجتماعية والنفسية .


وقد أجريت هذه الدراسة في 5 دول عربية على مدار أكثر من 15 عاما وبسبب عدم توافر قواعد بيانات إحصائية وتعمد إخفاء المعلومات تهربا من المسئولية و خوفا من الوصمة ونظرا لشدة حساسية الموضوع يمكن اعتبار هذه الدراسة رؤية تحليلية تهدف إلى التنبيه من خطر عاصف يهدد الاستقرار والأمن الاجتماعي ومستقبل جيل كامل من الشباب .


وهذه الدراسة تلقى الضوء على تلك الأسباب والعوامل الجديدة والتي تعتبر أحد حلقات مسلسل الإهمال والأخطاء الطبية التي انتشرت مؤخرا وما يترتب عليها من نتائج وتداعيات كثيرة , وهذه الأسباب الجديدة والتي تصنف ( مجازا ) تحت اسم تجارة الموت هي :


اولا : انتشار تجارة المؤثرات العقلية ( المعروفة بالحبوب المخدرة ) وسهولة الحصول عليها وتورط بعض العاملين في المؤسسات الصحية والطبية في ترويجها تحت مبررات تبدو – على غير الحقيقة - قانونية ومشروعة


ومن أكثر المؤثرات العقلية شيوعا : المهدئات والمنومات التي تسبب الإدمان والتي يساء استخدامها مثل مجموعة البنزوديازبين وعلى رأسها الروهيبنول (المشهور بين المدمنين بأبو صليبة) , الفاليوم , الموجادون , الاتيفان .. الخ , ومن مجموعة المبروبامات : الترانكيلان والكويتان , وهناك أيضا مجموعة أخرى تشمل البارالدهيد , الكورال , سيكونال , وفسبراكس.. الخ.


وتخفض هذه العقاقير من نشاط قشرة المخ , وتثبط أيضا من نشاط المراكز العصبية المختلفة , مع ارتخاء في العضلات وضعف الذاكرة للأحداث القريبة .


وقد أكدت دراسة أكاديمية حديثة أن نسبة تناول المؤثرات العقلية قد بلغت 60 % بين طالبات إحدى الجامعات العربية وأنها تتزايد بصورة كبيرة بين فئات الشباب .. وأنها تمثل مؤشرا خطيرا للإدمان المرتبط بالانحرافات الشاذة والجرائم العدوانية وحوادث المرور المتزايدة ، بل والى الانزلاق إلى إدمان الأنواع الأخطر مثل الروهيبنول الذي يساء استعماله و يرتبط بارتكاب جرائم العنف والاغتصاب لذلك فقد عرف باسم إل "date rape drug" أي حبوب الاغتصاب مما دفع العديد من جماعات حقوق الإنسان إلى إصدار نشرات تحذيرية للفتيات والنساء عن كيفية التعرف علية إذا وضع في الطعام أو في مشروبات معينة وكيف يتصرفن لأنه يفقدهن القدرة على مقاومة المغتصب , وهذه النسبة العالية تدق أجراس الخطر وتدفعنا للمسارعة بإنقاذ شبابنا .


و الجدير بالذكر أن الروهيبنول أقوى من الفاليوم 10 مرات ويصرف للمصابين باضطرابات شديدة في النوم , وتمنع عدد من الدول بما فيها الولايات المتحدة هذا الدواء وتحظر تهريبه للداخل من الحدود , كما تم ربط هذا الدواء بجريمة اغتيال وزيرة خارجية السويد آنا ليند حيث ذكرت الصحف السويدية أن الروهيبنول كان من بين الأدوية التي عثرت عليها الشرطة في منزل المتهم ميخالوفيتش ( ويمكن مراجعة ما نشرته العديد من مواقع الانترنت عن هذه الموضوعات ) . والغريب أن هذا الدواء يسمح بتداوله في بعض الدول العربية بدون رقابة كما يصرف بكميات كبيرة مما يشكل خطرا على حياة المواطنين بل والمسئولين أيضا .


ورغم أن جرعة الروهيبنول هي قرص واحد مساء ولمدة أيام قليلة إلا أن الكثير من المتخصصين يفضلون استخدام عقاقير اقل خطورة , ومع ذلك فإننا كثيرا ما نرى روشتات مشبوهة يتضح فيها إساءة استخدام هذا الدواء حيث تتكرر فيها الجرعة مرتين أو ثلاث يوميا مع إضافة أقراص فاليوم من فئة ال10 مجم عدد 4 أو 5 أقراص صباحا ومثلهم ظهرا ومساء ومضاف إلى ذلك جرعات إضعاف المسموح بها من الموجادون والاتيفان أو غيرها .. الخ وجميعها من نفس المجموعة مع اختلاف القوة والتأثير.. كل ذلك في روشته ( وصفة ) واحدة والمفروض أنها لمريض واحد !!! و لمدة شهرين ثم يعاد تكرارها لشهور أو حتى سنوات .. وأحيانا نجد أن مثل تلك الوصفات يصرفها شخص آخر يختلف اسمه عن اسم المريض !! وكل ذلك يمر – في اغلب الحالات – دون رقيب أو حسيب وفى حماية ومباركة بعض صغار المسئولين وشلل المنتفعين , كذلك تحولت بعض الصيدليات سيئة السمعة إلى دكاكين وأوكار لهذه التجارة الآثمة .. و تنشر الصحف أخبار ضبط بعضها من حين لأخر .


وهناك نماذج من وصفات طبية ( روشتات ) فاضحة تسهل الحصول على ثلاث وأربعة مؤثرات عقلية معا .. و بجرعات ضخمة بل قاتلة ويستطيع حامل مثل تلك الروشتة أن يحصل على مئات الحبوب المخدرة بوصفة واحدة وهو يتمتع في الوقت نفسه بالحماية من المساءلة القانونية بحجة انه مريض نفسي !!, وقد رصدت هذه الدراسة استمرار هذا الوضع لسنوات طويلة في بعض المؤسسات الطبية مما أدى بالطبع إلى تحويل آلاف الشباب إلى مدمنين وتورط بعضهم في السلوكيات العدوانية المشار إليها .


ثانيا : تجارة التقارير الطبية النفسية المشبوهة :


والتي تتورط فيها بعض الشلل والمجموعات المنظمة ( مافيا التقارير النفسية ) التي تمنح تقارير وشهادات مثل ( غير كامل الأهلية و مضطرب عقليا ) والتي تعفى حاملها من المسئولية وتحميه من الوقوع تحت طائلة القانون , ولقد أصبح من الشائع اليوم استخدام لقب " مختل عقليا " في كثير من الجرائم العنيفة أو التي تحدث بدون دافع كما أصبح أيضا مخرج للهروب من تبعات ومسئوليات المخالفة القانونية .. وأصبح ذلك اللقب أغلى من لقب " باشا " في العهود السابقة مع الأخذ في الاعتبار لكافة الفروق والاعتبارات .


وتتراوح متوسط تكلفة الحصول على مثل ذلك التقرير في المجتمعات العربية الأخرى ما يعادل 10 آلاف دولار للتقاعد الطبي أو الإعفاء من التجنيد أو عدم المسئولية عن ارتكاب جرائم العنف والتشويه والاعتداء على الأنفس والحرق والتخريب للممتلكات , وتصل التكلفة ( أو الرشوة ) إلى ما يعادل 20 ألف دولار أو أكثر في جرائم الاتجار في المخدرات ( لكي يتحول من تاجر إلى مدمن أو مريض عقلي غير مسئول ) وكذلك جرائم القتل والاغتصاب والجرائم المالية وقد يتضاعف هذا الرقم في جرائم الحجر على بعض الأثرياء , وتمارس هذه المافيا العديد من أساليب الإغراء أو التهديد لتجنيد أعضائها , كما تمارس كافة الضغوط وتحريض العاملين ضد من يعارض هذا الفساد بل ويصل الأمر إلى حد الترويع وتلفيق الاتهامات ضد من تتوقع أن يفشى أسرارهم أو يفضح أمرهم .!!


إن الخسائر التي يتسبب فيها تجار الموت من خلال نشر الحبوب المخدرة أو التقارير النفسية المشبوهة لا يمكن إن تحسب بلغة الخسائر المالية والاقتصادية لان الخسائر البشرية وضياع ملايين الشباب لا يقدر ولا يحسب بالأرقام .. وإذا كان زلزال الإدمان قد يبدو عاصفا ومدمرا فان توابعه من ألوان وأشكال السلوك الاجرامى هي النزيف القاتل للقيم والمبادئ والسلام الاجتماعي , أما التقارير الطبية المشبوهة فهي الستار الذي يحجب الرؤية ويضلل العدالة ليستمر ذلك النزيف والقتل البطيء وضياع الحقوق في طريق مظلم وواقع مخيف .


وتوصى هذه الدراسة بما يلى :


1- إصدار قوانين حديثة تنظم مهنة الطب النفسي ومكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها ومعاقبة مروجيها من الموظفين المنوط بهم علاج الإدمان وكل من يسهل أو يقدم مؤثرات عقلية متعددة بجرعات وكميات كبيرة ولفترات طويلة تؤدى إلى الإدمان.. وكذلك كل من يساعد على تهريبها من الصيدليات والمستوصفان والمستشفيات والعيادات المعترف بها.


2- تشديد الرقابة على وصف وصرف المؤثرات العقلية ( الحبوب المخدرة ) وتنظيم صرفها بوصفات معتمدة تتضمن بيانات المريض والتشخيص والاسم العلمي للدواء وكميتة وجرعاته واسم مستلم الدواء واسم الطبيب المعالج وتوقيعه .











3- وضع قواعد وقوانين صارمة وتشديد العقوبة على من يصدر أو يساعد أو يتستر على إصدار تقرير طبي يساعد اى شخص على الإفلات من العقوبة على جرم ارتكبه بمنحه تقريرا كاذبا بإصابته بعاهة عقلية تعفيه من المسئولية وتساعده على الإفلات من العقوبة .


4- اعتبار ذلك العمل إخلالا بأمن الدولة وسلامة المجتمع , حيث ثبت أن بعض من قاموا بأعمال إرهابية أو جرائم عنيفة متقنة التخطيط والتنفيذ راح ضحيتها العشرات من الأبرياء أنهم اشتروا التقرير الطبي النفسي قبل ارتكابهم الجريمة أو بعدها مباشرة للهرب من طائلة القانون , وتوجد نماذج لعشرات الحالات المماثلة .


5- إتباع وضع المريض تحت الملاحظة بدون أدوية - تغير صورة الأعراض الذهنية - ولفترة كافية مع تغيير أطقم العمل بأجنحة السجن والطب النفسي الشرعي باستمرار حتى لا يقوم احدهم بإملاء الأعراض أو دس ملاحظات زائفة تضلل اللجنة الطبية , مع ضرورة العرض على أكثر من لجنة طبية في الحالات غير المؤكدة على أن يتم اختيار احد المتخصصين ممن لا صلة لهم بالمستشفى المحجوز بها المريض .


6- حماية المرضى النفسيين من أساليب الابتزاز المختلفة والمتعددة . .. ومن تحويلهم إلى فئران تجارب وإجراء الأبحاث عليهم أو إكراههم على التوقيع على أي أوراق أو مستندات من اى نوع منفردين أثناء احتجازهم بالمصحة أو المستشفى ومحاسبة الإدارات التي تعلم بهذه التجاوزات الخطيرة وتتستر عليها .


7- المعاقبة على ضرب المرضى أو التحرش بهم ووضع القوانين المنظمة لذلك .


8- تفعيل دور المنظمات المدنية وجماعات حقوق الإنسان لحماية المريض النفسي .


إن حماية امن المجتمع من طوفان الجرائم العنيفة والسلوكيات الشاذة الغريبة وجرائم هتك العرض واغتصاب المحارم وغيرها .. تتطلب إعلان الحرب على تجارة الحبوب المخدرة التي تطلق الدفعات العدوانية العنيفة وتجارة التقارير الطبية المشبوهة التي تمكن الجاني من الفرار من العقوبة , والتي تمثل أقصى أشكال خيانة الأمانة وإهدار آداب وأخلاق المهنة وتهديد أمن الدولة وإشاعة الفوضى والفاحشة في المجتمع