قل والعاطفة عنصران جوهريان من عناصر الشخصية الفردية والجماعية
ومع ان كل واحد منهما يعمل على محور مغاير للمحور الاخر الا ان بينهما
من التداخل والتقاطع الكثير مما يجعلهما عنصري توازن واتزان واستقرار
في حياتنا الخاصة والعامة مهما كانت علاقتنا بطرف ما عقلانية ومصلحية
ومقننة فأننا لانستطيع ان نعزلها عن تأثير العواطف والانفعالات ومهما كانت
علاقتنا بطرف ماعاطفية وشفافة ومجردة فأن استمرارها سيظل مرتبطا
بمعطيات عقلية واحيانا مصلحية
ان الارتباط الشديد بين النسيج العقلي والنسيج العاطفي سيجعل أي محاولة للفصل
بينهما تبوء بالاخفاق التام ونلمس ذلك في الاتي :
حين نقيم علاقة اسرية او علاقة زمالة اختيارية ويطغى عليها الجانب العاطفي
فأن المتوقع لتلك العلاقة ان تتسم بسمة التذبذب والمد والجزر مادامنا قد
اخضعناها لشئ سمته الجوهرية كذلك العلاقة التي تقوم على الحب والاعجاب
الشديد والحماسة الزائدة ققد تحمل الانسان على ان يضحي بتضحيات كثيرة في سبيل من يحبه وقد تحمله على
المبالغة والكذب ومخالفة النظم والقوانين من اجله
وقد تحملة على ان يهمل علاقاته الاجتماعية الاخرى وربما يفاجأ في النهاية ان من
فعل كل ذلك من اجله لايستحق كل ذلك حيث انه يتوقع المقابلة بالمثل
فاذا لم يحصل عليه فانه قد ينفض يده من تلك العلاقة ويقلصها الى الحد الادنى ثم
يلغيها وهذه الحالة شائعة جدا في مجتمعاتنا العربية ذات العاطفة الموارة
في المقابل فأن العلاقات التي تقوم على اساس التعاقد والحقوق والواجبات والقيام
بخطوة امام كل خطوة ولفته ازاء لفته تظل علاقات سطحية وباردة واحيانا
مؤقتة ان ضعف العاطفة في العلاقات الاسرية والاجتماعية لايسمح بالاندماج
الذهني والشعوري بين اصحاب تلك العلاقات كما لايسمح بملامسة آفاق الخبرة
الانسانية ذات الاهمية لكل طرف من اطرافها وهذا يجعل مانتوقعة من وراء تلك
العلاقات من أمن ودعم واحساس بالتأنق ضعيفا جدا وبذلك تفقد اهم معانيها
ليس من السهل اقامة التوازن بين العقل والعاطفة ولكن يمكن في كل الاحوال

احراز شئ من التقدم في ذلك ومما يساعد في هذا الشان ان نعي
درجة عاطفتنا في العلاقة التي نقيمها هل هي قوية ؟ او ضعيفة ؟ وهل تمثل
لنا هاجسا مستمرا ؟ وهل تحملنا في بعض الاحيان على تقديم تضحيات كبيره
او تدفعنا الى تجاوز الحق والممالأة على الباطل اذا كان ذلك فهذا يعني ان
الجرعة العاطفية في تلك العلاقة قد تجاوزت الحد الطبيعي البناء ويجب ان نعيدها
الى نصابها الصحيح