"



روي أن عيسى عليه السلام قال: 'ماذا يكسب الإنسان إذا فاز بكل شيء وخسر نفسه'.

ولئن اختلف الأطباء في كيفية ثبوت موت الإنسان طبيًا، فقال بعضهم: إن موت الإنسان يثبت عند توقف القلب، وقال الآخرون: بل يثبت موت الإنسان عند توقف المخ؛ لأنه ثبت أن في بعض الحالات يتوقف القلب ويظل المخ يعمل، فبعيدًا عن قول الأطباء فإننا نقول لك: احذر أن تموت وأنت على قيد الحياة بأن تفقد مصدر الطاقة في رحلة حياتك وهو:






الثقة بالنفس:


إن الثقة بالنفس هي طريق النجاح في الحياة، وإن الوقوع تحت وطأة الشعور بالسلبية والتردد وعدم الاطمئنان للإمكانات هو بداية الفشل، وكثير من الطاقات أهدرت وضاعت بسبب عدم إدراك أصحابها لما يتمتعون به من إمكانات أنعم الله بها عليهم لو استغلوها لاستطاعوا أن يفعلوا الكثير، والناس لا تحترم ولا تنقاد إلى من لا يثق بنفسه وبما عنده من مبادئ وقيم وحق، كما أن الهزيمة النفسية هي بداية الفشل، بل هي سهم مسموم إن أصابت الإنسان أردته قتيلاً.

يقول مونتغمري في كتابه 'الحرب عبر التاريخ': 'أهم مميزات الجيوش الإسلامية لم تكن في المعدات أو التسليح أو التنظيم, بل كانت في الروح المعنوية العالية'.






ما هي الثقة بالنفس؟


يقول جرودون بايرون: 'إن الثقة بالنفس هي الاعتقاد في النفس والركون إليها والإيمان بها'.

وأوضح من هذا تعريف الدكتور أكرم رضا: 'هي إيمان الإنسان بأهدافه وقراراته وبقدراته وإمكاناته, أي الإيمان بذاته'.

والثقة بالنفس لا تعني الغرور أو الغطرسة، وإنما هي نوع من الاطمئنان المدروس إلى إمكانية تحقيق النجاح والحصول على ما يريده الإنسان من أهداف.

فالمقصد من الثقة بالنفس هو الثقة بوجود الإمكانات والأسباب التي أعطاها الله للإنسان، فهذه ثقة محمودة وينبغي أن يتربى عليها الفرد ليصبح قوي الشخصية، أما عدم تعرفه على ما معه من إمكانات, ومن ثم عدم ثقته في وجودها, فإن ذلك من شأنه أن ينشأ فردًا مهزوز الشخصية لا يقدر على اتخاذ قرار، فشخص حباه الله ذكاءً لكنه لا يثق في وجوده لديه, فلا شك أنه لن يحاول استخدامه، ولكن ينبغي مع ذلك أن يعتقد الواثق بنفسه أن هذه الإمكانات إنما هي من نعم الله تعالى عليهم, وإن فاعليتها إنما هي مرهونة بعون الله تعالى وتوفيه للعبد، وبذلك ينجو الإنسان الواثق بنفسه من شرك الغطرسة والغرور، وها هو سليمان عليه السلام ـ الذي أتاه الله تعالى ملكًا لم يؤته أحدًا من العالمين، لما مر بجيشه على واد النمل وسمع النملة, فماذا كان رده فيه عليه الصلاة والسلام: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل:19].

فمع ثقته بنفسه وبما حباه الله عز وجل من ملك وإمكانات وقدرة على فهم لغة الحيوانات إلا أنه عليه الصلاة والسلام لم ينس أن ينسب كل ذلك إلى محض فضل الله ومنته.




أنواع الثقة بالنفس:


أوفق نوعين من أنواع الثقة بالنفس هما هذان النوعان اللذان وصفهما د: بتكين، وهما:




1/ الثقة المطلقة بالنفس



وهي التي تسند إلى مبررات قوية لا يأتيها الشك من أمام أو خلف, فهذه ثقة تنفع صاحبها وتجزيه، إنك ترى الشخص الذي له مثل هذه الثقة في نفسه يواجه الحياة غير هياب ولا يهرب من شيء من منغصاتها، يتقبلها لا صاغرًا، ولكن حازمًا قبضته, مصممًا على جولة أخرى، أو يقدم مرة أخرى دون أن يفقد شيئًا من ثقته بنفسه، مثل هذا الشخص لا يؤذيه أن يسلِّم بأنه أخطأ وبأنه فشل وبأنه ليس ندًا كفؤًا في بعض الأحيان.





ثانيًا: الثقة المحددة بالنفس:
في مواقف معينة، وضآلة هذه الثقة أو تلاشيها في مواقف أخرى، فهذا اتجاه سليم يتخذه الرجل الحصيف الذي يقدر العراقيل التي تعترض سبيله حق قدرها، ومثل هذا الرجل أدنى إلى التعرف على قوته الحقيقية من كثيرين غيره، وقد يفيده خداع النفس ولكنه لا يرتضيه, بل على العكس يحاول أن يقدر إمكاناته حق قدرها، فمتى وثق بها، عمد إلى تجربتها واثقًا مطمئنًا. ولا شك أن لك من معارفك من يمثلون هذين النوعين من الواثقين بأنفسهم مما يعطيك الدليل الدافع على وجودهما فعلاً في واقع الحياة، ومع ذلك هل تعلم أن:





أكثر الناس لا يثقون بأنفسهم:


فعدد الخارجين على هذين النوعين المثاليين في الثقة بالنفس يفوق كل تقدير، وأكثرهم يطبعهم افتقاد الثقة بالنفس، فلماذا كان أكثر الناس ضعاف الثقة بأنفسهم؟ يقول عالم النفس الشهير ألفريد أدلر:



'إن البشر جميعًا خرجوا إلى الحياة ضعافًا عراة عاجزين، وقد ترك هذا أثرًا باقيًا في التصرف الإنساني ويظل كل شيء حولنا أقوى منا زمنًا يطول أو يقصر, حتى إذا نضجنا ألفينا أنفسنا كذلك، تواجهنا قوى لا حول لنا أمامها ولا قوة، ويقفل علينا شرك الحياة العصرية المتشعبة كما يقف الشَّرَك على الفأر، فهذه الظروف القاهرة التي نخلق ونعيش فيها تترك في الإنسان إحساسًا بالنقص باقي الأثر، ومن ثم تنشأ أهداف القوة والسيطرة التي توجه تصرفات البشر'.



ولعل في هذا الكلام شيئًا من الصحة يتوافق مع قول الله تبارك وتعالى: {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:28] وقوله عز وجل: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً} [النحل:78].



وإذا سلك الإنسان طريقه في الحياة آخذًا بأسباب القوة والنجاح فإنه يزداد قوة وثقة بنفسه مع الوقت، ومع ذلك فواحدة من أجدى الخطوات في اكتساب الثقة بالنفس أن يدرك الفرد مدى شيوع الإحساس بالنقص بين الناس, فإذا جعلت هذه الحقيقة ماثلة في ذهنك زايلك شعور انفرادك دون سائر الخلق بما تحسه من نقص، ولأن الإحساس بالنقص من الشيوع بمثل ما ذكرنا، لذلك يجاهد الناس لاكتساب الثقة بالنقص حتى يرتفعوا إلى مستوى عال مرموق.





ثمرات الثقة بالنفس:


إن معرفة قدر نفسك والإيمان بها تعطيك ثمرات كثيرة تعينك على الحياة الناجحة ومنها:



1ـ تشعرك أن حياة كل شخص متميزة عن سواها: ذات خصائص فردية فذة، وتساعدك على اكتشاف خصائصك.



2ـ تجعلك مدركًا تمامًا لإمكاناتك وقدراتك: وتبين لك نقاط الضعف والقوة فيك فتدفعك إلى الانطلاق.



3ـ تعطيك الاستعداد أن تتخذ قدوة: وأن تختار النموذج المناسب لك في الحياة وتقتفي الآثار دون تقليد أعمى، وهي الخطوة الضرورية لتحقيق النجاح والتميز في الحياة.





4ـ توضح لك هدفك: وتدفعك إلى الوصول إليه، فهي مصدر طاقتك.



5ـ تنتشلك من براثن العجز والسلبية والهزيمة النفسية: والتي هي السبب الأساسي في الهزيمة، حتى إن التاريخ ليدلل على أن الهزيمة النفسية كانت السبب الأساسي في انهزام الجيوش العسكرية، ولما أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ربعي بن عامر ليفاوض قائد الفرس رستم دخل ربعي بثيابه الرثة ورمحه وبغلته على رسم في إيوانه وبين حراسه وجنده، ودارت مفاوضات قذفت الرعب في قلب رستم وكان بداية لهزيمة الفرس، إذ سأل رستم ربعيًا فقال له: ما الذي جاء بكم؟



فقال ربعي بكل ثقة: 'الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة'.

وخاف رستم وأيقن أنه لن يستطيع أن يكسب الجولة مع هذا الصنف من البشر، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: 'ونُصرت بالرعب مسيرة شهر'.

ولما بعث المقوقس عظيم مصر رسله إلى جيش عمرو بن العاص رضي الله عنه أبقاهم عمرو عنده يومين ليطلعوا على حياة جند رباهم الإسلام وهيأهم لفتح أرض الكنانة، فلما عادوا إلى المقوقس قالوا له: 'رأينا قومًا الموت أحب إليهم من الحياة، والتواضع أحب إليهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد منهم، ما يُعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم'.

فقال المقوقس: 'والذي يحلف به لو أن هؤلاء الرجال استقبلوا الجبال لأزالوها وما يقوى على قتال هؤلاء أحد'.



والثقة بالنفس هي بالطبع شيء مكتسب من البيئة التي تحيط بنا والتي نشأنا بها ولا يمكن أن تولد مع أي شخص كان .

كثيرا مانسمع ومن أناس كثيرون شكاوى من انعدام الثقة بالنفس ويرددون هذه العبارة حتى أخذت نصيبها منهم !

النقطة الأولى // والتي يجب أن نتعرف عليها هي أسباب انعدام الثقة بالنفس .... فعلينا قبل كل علاج أن نضع أيدينا على موضع الداء .... ثم نشرع بالعلاج المناسب له .


بعض أسباب عدم الثقة بالنفس :


1- تهويل الأمور والمواقف بحيث تشعر بأن من حولك يركزون على ضعفك ويرقبون كل حركة غير طبيعية تقوم بها .
2- الخوف والقلق من أن يصدر منك تصرف مخالف للعادة حتى لا يواجهك الآخرون باللوم أو الإحتقار .

3- إحساسك بأنك إنسان ضعيف ولا يمكن أن تقدم شيء أمام الآخرين بل تشعر بأن ذاتك لا شيء يميزها وغالياً من يعاني من هذا التفكير الهدّام يرى نفسه إنسان حقير ويسرف في هذا التفكير حتى تستحكم هذه الفكرة في مخيلته وتصبح حقيقة للأسف .


والنقطة الثانية// هي أخطر مشكلة لأنها تدمرك وتدمر كل طاقة ابداع لديك فعليك أولاً أن تتوقف عن احتقار نفسك والتكرير عليها ببعض الألفاظ التي تدمر شخصيتك مثل " أنا غبي " أو " أنا فاشل " أو " أنا ضعيف " فهذه العبارات تشكل خطراً جسيماً على النفس وتحطمها من حيث لا يشعر الشخص بها .. فعليك أن تعلم أخي / أختي بأن هذه العبارات ما هي إلا معاول هدم وعليك من هذه اللحظة التوقف عن استخدامها لأنها تهدم نفسيتك وتحطمها من الداخل وتشل قدراتها إن استحكمت على تفكيرك.


ولا تنسى أن تحدد مصدر هذه المشكلة والإحساس بالنقص ....


مصادر هذه المشكلة :

1- قد يكون هذا الإحساس هو بسبب فشل في الدراسة أو العمل وتلقي بعض الإنتقادات الحادة من الوالدين أو المدير بشكل مؤذي أوجارح.

2- التعرض لحادث قديم كالإحراج أو التوبيخ الحاد أمام الآخرين أو المقارنة بينك وبين أقرانك والتهوين من قدراتك ومواهبك.

3- نظرة الأصدقاء أو الأهل السلبية لذاتك وعدم الإعتماد عليك في الأمور الهامة ... أو عدم اعطائك الفرصة لإثبات ذاتك .

هذه بعض أسباب عدم الثقة بالنفس ولابد أخي بعد مراجعتها وتحديد ما يخصك بينها .... عليك

بعدها مصارحة نفسك فليس كالصراحة مع النفس وعدم إغضاء الطرف أو تجاهل المشكلة بإيهام

النفس أنها لا تعاني من مشكلة ... فالتهرب لا يحل المشاكل بل يزيد النار اشتعالاً .... ونفسك هي

ذاتك .... وانت محاسب عليها أمام الله فلا تهملها ...




كيفية حل هذه المشكلة :

اجلس مع نفسك وصارحها وثق بأنك قادر على التحسن يوماً بعد يوم .... عليك أن توقف كل تفكير يقلل من شأنك ... ويجب عليك أن تعلم بأنك إنسان منتج لم تخلق عبثاً .... فالله عندما خلقنا لم يخلقنا عبثاً .... انت لك هدف وغاية يجب أن تؤديها في هذه الحياه ما دمت حياً على وجه الأرض .... الله سبحانه وتعالى عندما خاطب المؤمنين في القرآن الكريم لم يخص مؤمن دون الآخر ولم يخص مسلم دون الآخر ذلك لأن كل البشر سواسية أخي الكريم ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ... ويكفي أن تعلم بأنك مسلم فهذا أكبر ما يميزك عن ملايين البشر الغارقين في ضلالاتهم وأهوائهم .

" النقطة الأولى " والتي يجب أن تفخر بها هي كونك انسان ملتزم خالفت من اتبع الشيطان وخالفت كل إمعة خلف أعداء الإسلام يجري تاركاً عقله وراء ظهره.

" النقطة الثانية " والتي يجب أن تكون سبباً في تعزيز ثقتك بنفسك هو أن احساسك بالظلم والإحتقار من قِبل الآخرين سواء أهلك أو اقاربك أو زملائك لن يغير في الوضع شيئاً بل قد يزيد في هدم ثقتك بنفسك فعليك الخلاص من هذا التفكير الساذج واستبداله بخير منه، فحاول استبدال الكلمات السيئة التي اعتدت اطلاقها على نفسك بكلمات تشجيعية تزيد من قوتك وتحسن من نفسيتك وتزيد من راحتها ....

يجب أن تقنع نفسك أخي مع الترديد بأنك إنسان قوي ويجب أن تتعرف على قدراتك الكامنة في نفسك .... وأنك تملك ثقة عالية وعليك من اليوم أن تخرجها.

" الأمر الثالث " هو اقتناعك واعتقادك الكامل أنك حقاً إنسان ذا ثقة عالية لأنها عندما تترسخ في عقلك فإنها تتولد وتتجاوب مع أفعالك ... فإن ربيت أفكار سلبية في عقلك أصبحت انسان سلبي .... وإن ربيت أفكار ايجابية فستصبح حتماً انسان ايجابي له كيانه المستقل القادر على تكوين شخصية مميزة يفتخر بها بين الآخرين.

يجب أن تعمل على حب ذاتك وعدم كراهيتها أو الإنتقاص منها .... وعدم التفكير في الماضي أو استرجاع أحداث مزعجة قد انتهت وطواها الزمن يجب عليك أن لا تحاول استرجاع أي شيء مزعج بل حاول أن تسعد نفسك وتفرح بذاتك لأنك إنسان ناجح له مميزاته وقدراته الخاصة .

ويجب عليك أن تتسامح مع من أخطأ في حقك أو انتقدك حديثاً أو قديماً ولا تكن مرهف الحس إلى درجة الحقد أو تهويل الأمور تأقلم مع من ينتقدك وقل رحم الله امرءً أهدى إلي عيوبي .... ليس كل من انتقدك هو بالطبيعة يكرهك هذه مغالطة احذر منها أخي كل الحذر لأن التفكير بهذه الطريقة يقود للشعور بالنقص وأن كل من يوجه لي انتقاد هو عدوٌ لي ... لا .... لا تشعر نفسك بأن كل ما يقوله الأخرون هو بالضرورة حق .... لا .... عليك أولاً أن لا تجعل هذا الشيء يأثر عليك بل تقبله واشكر الطرف الآخر عليه واثبت له بأنه مخطئ إن كان مخطئ .... ولا تجعل كلام الآخرين يؤثر سلباً على نفسيتك لأنك تعلم بأن الآراء والأحكام تختلف من شخص لآخر فمن لم يعجبه تصرفي هذا لابد وأن أجد شخص يوافقني عليه .... وإن فشلت في هذا العمل فلن أفشل في غيره .... وكلام البشر ليس منزلاً كي أؤمن به وأصدقه وأجعله الفاصل.

.... لا تعطي نفسك المجال للمقارنة بين ذاتك وبين غيرك أبداً احذر من هذه النقطة لأنها تدمر كل ما بنيته ..... لا تقل لا يوجد عندي ما قد وهبه الله لفلان ... بل تذكر أن لكل شخص منا ما يميزه عن الآخر وأنه لا يوجد انسان كامل ... ولا بد أن تعي أيضاً أن الله قد وهبك شيئاً قد حرمه الله من غيرك ..... يجب أن تعيش مع ذاتك كإنسان كريم حاله حال ملايين البشر لك موقع من بينهم لا تعتقد بأنك لا شيء في هذا الكون بل أنت مخلوق قد أكرمك الله وفضلك على كثير من خلقه .


عليك التركيز على قدراتك ومهاراتك الذاتية وهواياتك وإبرازها أمام الآخرين والإفتخار بذاتك ( والإفتخار أخي لا يعني الغرور ) فهناك فرق بينهما .... فكر بعمل كل ما يعجبك ويستهويك ولا تسرف في التفكير بالآخرين وانتقاداتهم ... لا تهتم ولا تعطي الآخرين أكبر من أحجامهم ... عليك أن ترضي نفسك بعد رضى الله ... وما دمت تعمل ما لم يحرمه الله فثق بأنك تسير في الطريق المستقيم ولا تلتفت للآخرين.

ان الأشخاص الذين يعانون من فقدان الثقة بأنفسهم هم يفقدون في الحقيقة المثال والقدوة الحسنة التي يجب أن يقتدوا فيها حق الإقتداء ..... ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أسوة حسنة وأمثلة عظيمة ... عليك أخي أن تقرأ هذه السير وتدرسها وتتعمق بها وتقتفي أثرها .... حتى تكوّن شخصية إسلامية قوية ذات ثقة كبيرة بذاتها قادرة على مواجهة الظروف الصعبة القاسية.

وعليك من اللحظة أن تتذكر جميع حسناتك وترمي بجميع مساوئك البحر وحاول أن لا تعرف لها طريقاً ..... تذكر نجاحاتك وإبداعاتك ..... وتجنب تذكر كل ما من شأنه أن يحطمك ويحطم ثقتك بذاتك كالفشل أو الضعف.

اعطي نفسك فرصة أخرى للحياه بشكل أفضل .... اقبل بالتحدي .... وقلها صريحة لزميلك ... أو صديقك .... " سأنافسك وأتفوق عليك بإذن الله تعالى " ولا تعتذر أبداً عن المنافسة مهما كانت ومهما مررت بفشل سابق بها .... تجنب قول أنا لست كفءً لهذه المنافسة أو أني لست بارعاً في هذه الصنعة ... بل توكل على الله عز وجل واقتحم وحاول بكل ثقة .... حينها أضمن لك بأنك ستنجح بالتأكيد.

افعل ما تراه صعباً لك تجد كل الدروب فتحت لك .... فتش عن كل ما يخيفك واقتحمه ستجد بأن الخوف قد تلاشى ولا وجود له .....

حاول أن تكون إنسان فاعل ولك أعمال مختلفة ونشاطات واضحة أبرز ابداعاتك ولا تخفيها أبداً حتى لو واجهت انتقاداً من أحد فحتماً ستجد من يشجعك وتعجبه أعمالك .... هذه قاعدة يجب أن تتخذها " لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع " فلا تظلم نفسك بالإستماع لما يحطمك ويحطم كل ابداع تحمله .

ابدأ يومك بقراءة الأذكار والقرآن الكريم وإن استطعت كل صباح بعد صلاة الفجر قراءة سورة ياسين فافعل فلها تأثير عظيم على النفس وتبعث الهدوء والطمأنينة كما هو الحال في باقي الآيات الكريمة.

فكر بجدولك لهذا اليوم ..... وماذا ستخرج منه لما يعود على ذاتك بالنفع والحيوية.

حدث نفسك وكن صديقها وتمرن على الحديث الطيب فالنفس تألفه وتطمئن له وتركن له .... فلا تحرم نفسك من هذا الحق لأنك أحق الناس بسماعه والتدرب على قوله لذاتك ..... الكلام الإيجابي الذي من شأنه أن يبني ثقتنا بأنفسنا ويدفعنا لمزيد من التفائل بحياة أفضل بعون الله تعالى.

عند كل مجلس حاول أن يكون لك وجود وحاور وناقش مرة تلو الأخرى سوف تعتاد وسيصبح الحديث بعدها أمراً يسراً .... درب نفسك وقد تلاقي بعضاً من الصعوبة في ذلك بداية الأمر ولكن احذر من أن تثني عزيمتك التجربة الأولى بل اجعلها سلماً تصعد به إلى أهادفك وغاياتك وأبرز وجودك بين من حولك فهذا يزيد من ثقتك بنفسك ويعزز الشعور بأهمية ذاتك.

مساعدتك للأخرين تعزز ثقتك بنفسك ..... الظهور بمظهر حسن لائق يعزز من ثقتك بنفسك ..... فلا تهمل ذاتك فتهملك .