حاجتنا إلى التعليم الواقعي

تعلمنا وحفظنا كثيراً من المعلومات خلال رحلة التعليم العام وحتى الجامعي، لكن السؤال هل استخدمنا كل ما تعلمناه في حياتنا العملية والاجتماعية؟ الجواب لا، أو في أحسن الحالات ربما قليلاً.


هذا السؤال، وغيره من التساؤلات، تبادر لأذهان كثير..


البعض يلوم الأهل.. والبعض يلوم المعلم.. وآخرون يلومون النظام التعليمي.. وهنالك من يلوم الإعلام.


قبل كل شيء يجب أن ندرس الواقع لنحدد المشكلة، واقعنا هو أننا في زمن متسارع المعرفة، منفتح على العلوم، وأصبح من السهل الحصول على المعارف وتعلم المهارات من خلال التكنولوجيا المتوافرة لدى الجميع، تجد طفلاً خبيراً في تقنية المعلومات والأمن الإلكتروني.

واقعنا اليوم نجد فيه الطلبة أكثر وعياً وانفتاحاً منا عندما كنا في أعمارهم، فهم يفكرون في الوظيفة والراتب وحياتهم المستقبلية، لكننا نتعامل معهم بمعايير زماننا وكأنهم نحن.

تعليم القراءة والكتابة والمبادئ الأساسية للدين واللغة والوطنية والموروث الثقافي، أشياء أساسية لا نفرط، ولا يجب أن نفرط، فيها، لكن يجب أن نبدأ التفكير بتعليمهم معارف ومهارات يحتاجون إليها في حياتهم التي تختلف عن حياتنا وعملهم الذي يستلزم توافر متطلبات تختلف عن متطلبات أعمالنا.

والمقصود بتعليم الواقع هو تعليم الحياة كما هي بالتطبيق العملي، نقوم بتعليم الطلبة المعارف والمهارات الأساسية لكل ما سيحتاجون إليه في حياتهم من نظافة وتغذية ونوم وتعامل مع أفراد الأسرة حتى التعامل مع الخدم في المنزل، وفي الشارع: قواعد السير والقيادة والقوانين والأخلاقيات والمحافظة على المرافق العامة والممتلكات الخاصة، وغيرها من الحقوق والواجبات.

منهج التعليم الواقعي يشمل كل ما يحتاج إليه أبناؤنا من معلومات ومهارات وخبرات في حياتهم الشخصية والاجتماعية والعلمية والعملية. ولكن كيف؟ ومن المسؤول عن تحقيق هذا المنهج؟ هل المؤسسة التعليمية؟ أم جهات العمل والمجتمع؟


التعليم الواقعي هو تعليم لحياة أفضل ولتحقيق الاستدامة، نتدرج به من مرحلة تعليم المعارف والمهارات الحياتية الأساسية لنبدأ رحلة العمل والإعمار للمستقبل، وتقوم كل الجهات والمؤسسات المجتمعية والاقتصادية بالمشاركة يداً بيد مع المؤسسة التعليمية في وضع منهج تعليمي عملي متدرج ومترابط لتعليم أبنائنا من خلال التطبيق العملي لمبادئ العمل فيها، وربط العلوم التي يتعلمها الطالب بهذه الأعمال، حيث سيكون على كل جهة عمل تقديم برنامجها التعليمي الذي يتدرج من حيث المعارف والمهارات والتحديات بتدرج المراحل الدراسية للطلبة، حيث المراحل المتقدمة من هذه البرامج تشمل تطبيقاً أكثر وحيزاً للإبداع والابتكار في مجال جهة العمل أكثر، وضع البرنامج وتنفيذه من قبل الجهات والمؤسسات المشاركة، لابد أن يتم بالتنسيق والتعاون والإشراف المباشر من قبل المؤسسة التعليمية ومتابعة تقييم وتحديث البرامج مع كل الجهات و المؤسسات.


من خلال تعليم الواقع نجذب الطلبة للتعلم وحب المعلم واحترامه، نرشد الطلبة مبكراً لمجالات الدراسة الجامعية وفرص العمل والحياة المهنية، حيث منهج التطبيق وخوض التجربة هو من أفضل وسائل الاستقطاب والإرشاد للمهن، عندها ستصبح مهنة التعليم مهنة جاذبة يستمتع من خلالها المتعلم والمعلم وتصبح معها مهنة التعليم مهنة يتطلع لها الكثيرون..


تعليم الواقع وأسلوب التطبيق العملي (يمكن أن يكونا معاً مشروعاً تعليمياً ضخماً تتبناه جهات متعددة رسمية وخاصة) مساهمة منها في الخدمة المجتمعية لرد الجميل للوطن.


عندما يصبح تعليم الواقع استراتيجية للتعليم وأسلوب التطبيق العملي جزأ من المنهج الدراسي، عندها سنقدم للعالم مدرسة حديثة تتفق مع احتياجات العصر ومتطلبات التنمية.