دور التفكير في توجيه افعال وتصرفات الفرد
هيثم البوسعيدي Saturday 17-01 -2009
الانسان هو المسئول الوحيد عن طريقة تفكيره الذي لا يبنى في يوم او ليلة بل ان عدة عوامل مهمة تساعد في تشكيل نظرة الانسان نحو الظروف والمواقف التي تجري من حوله وتترافق هذه العوامل مع الفرد منذ الصغر ، ومن ثم تظهر أساليب التفكير التي تعتمد على التفاؤل او التشاؤم .

يعرف البعض التفكير بأنه نشاط يحصل في الدماغ بعد الاحساس بواقع معين ويأتي تعليلا وتفسيرا للمواقف والاحداث التي يمر بها الانسان من اخفاق او نجاح او مرض لتتولد بعد ذلك الافكار ، لكن تعريف المختصين لمفهوم التفكير ينطلق من حسن الادراك الذي يتضمن تحليل المواقف بأسلوب موضوعي ومنطقي ودراسة المشكلة وتحديد أسبابها للوصول الى حل مع وجود بدائل ثم تأتي المراحل الآخرى مثل مرحلة التنفيذ واسلوب العمل .

لذا اهمية التفكير تتمثل في كونه عملية يمارس فيها الفرد الانخراط في إجراءات متعددة بدءًا من استدعاء المعلومات وتذكرها إلى تشغيل المعلومات والإجراءات نفسها وإلى عملية التقويم التي هي إتخاذ القرار وبناء السلوك والفعل.


التفكير نوعان : (1) التفكير الايجابي وهو الموقف الذهني الذي يتوقع حدوث نتائج طيبة لكل مشروع او فعل او عمل يقبل عليه الانسان ، كما أنه بكل تأكيد يلعب دور كبير في تقدم ونجاح الافراد حتى لو تساوى الافراد في المهارات والقدرات والخبرات ، وله فوائد عديدة منها دفع الانسان نحو الشعور بالتفاؤل والتفاؤل في حد ذاته لا يسمح للحوار السلبي من أخذ مفعوله في فكر الفرد بل يدعم الذات ويخفف من ضخامة الاخطاء ويعزز قيم الامل والايمان ، بل إنه يدفع الفرد نحو ادراك الاساليب الصحيحة في التعامل مع الآخريين في الحياة حيث ان التعامل مع الآخريين يتطلب المرونة وتقبل الافكار والتعامل مع أخطاء وزلات الناس بحكمة وموضوعية ، اضف الى ذلك بأنه يمكن الانسان من السيطرة على لحظات الفشل والتعامل معها على انها جسر العبور نحو النجاح بمعنى استشراف وتوقع النجاح .



على سبيل المثال التفكير الجيد بالاسباب الاساسية التي تؤدي الى الاخفاق في الدراسة او النجاح في العمل ومراجعتها بشكل دقيق تفيد الفرد في تجنب تكرار السلوك الخاطئ في المستقبل ومن ثم الحصول على النتيجة المرجوة . (2) التفكير التشاؤمي : على العكس تماما فإن اسلوب التفكير المعتمد على التشاؤم يشيع الإحباط في النفس ويصيب الإنسان بالسلبية واللامبالاة لأنه يظن أن كل ما يفعله لن يأتي بنتائج إيجابية مما يؤدى في النهاية الى تعاظم الضغوط النفسية عليه ، اذا التفكير السلبي هو مجموعة من الافكار والمشاعر السلبية التي توحي للفرد انه عاجز او فاشل وهذا الايحاء ياتي نتيجة لتجربة فاشلة مر بها الانسان سابقا مثل الفشل في عمل او علاقة او امتحان . وهذا التجربة المريرة تكرر ويجدها امامه عند كل تجربة او فكرة .


حتى يدرك كل منا طبيعة تفكيره وكيف نفكر ؟ اسهل الطرق هو الرجوع الى مرحلة التفكير قبل النوم ومراقبة هذا النوع من التفكير فالفرد الذي يستغرق في التفكير في هذه الفترة يعرض نفسه لمخاطر الارق ، اما إعادة بناء تفكير الفرد وامتلاك مهارة التفكير السليم ليس بالامر السهل لانه يتطلب من الفرد الكثير من الاعداد النفسي والتربوي والحسي عبر مراحل عدة والذي يشمل ما يلي : غرس مبدأ العزيمة والثقة في النفس، مقاومة الافكار السلبية من خلال الاستعداد او التجاهل ، وجود الرغبة في تغيير طريقة التفكير ، الانفتاح الذهني المرتبط بالرغبة في التغيير ، تمرين الحواس على التوجه نحو الهدف، تفعيل قدرات الحوار والنقاش مع الآخريين مما يساهم في تذكر واكتشاف المعلومات القديمة ، معاشرة الاشخاص الايجابيين ، تذكر سلبيات القلق ، الاعتماد على القيم النبيلة الواردة في القرآن والسنة النبوية ، التذكير الدائم ان النجاح او الفشل من صنع تفكير الفرد .


المثال الآتي يظهر آثار التفكير على سلوك وتصرفات الفرد عندما يكون التفكير تفكيرا سلبيا : محمد تقدم بطلب لوظيفة جديدة. وهو متأكد بان الوظيفة لن تكون من نصيبه نظرا إلى انه لا يحترم ذاته احتراما كافيا ويشعر انه غير مؤهل لنيل الوظيفة. وهو يشعر أن المتقدمين الآخرين لنيل الوظيفة أفضل منه وأكثر تأهيلا منه. وهو توصل إلى هذه الحالة بسبب خبرات سابقة كثيرة تقدم فيها لشغل وظائف ولم يوفق في طلبه. رأسه مليء بالأفكار السلبية والخوف والقلق طوال الأسبوع الذي سبق موعد المقابلة. وفي يوم المقابلة لم يكن مستعد بشكل جيد ووصل متأخرا الى مكان المقابلة حيث كان شديد التوتر وظهر القلق عليه بشأن بمظهره الخارجي ... كل ما سبق افقده التركيز على الأسئلة الموجهه اليه وأعطى انطباعا سيئا وفي آخر المطاف خسر هذه الوظيفة. فشل محمد في الحصول على الوظيفة يرجع الى تراكم مجموعة من الافكار والمواقف الذهنية السلبية في تفكيره وعدم رغبته الحقيقية في تغيير طريقة تفكيره السابقة التي ادت بشكل مباشر الى حدوث القلق وتشتته ذهنيا مما ادى في النهاية الى فقده للوظيفة وظهوره بمظهر سيئ أمام الآخريين. هذا المثال يؤكد ترابط العلاقة والتأثير ما بين التفكير وما بين السلوك والتصرف
.