الــقــصــة كنت ادرس في ثالث ثانوي و للأسف جبت وقتها النصف الأول نسبة سيئة ، اعتقد كانت 79 % ، يوم كانت الأسئلة بالنصف الثاني تجي من الوزارة ، و هذا يعني وقتها اخفاق و نسبة أقل من 79% في النصف الثاني ، لذلك كان القرار بالإنسحاب من ثالث ثانوي على أن اعود في بداية السنة للدراسة من جديد كنت وقتها اروح بالسيارة من هنا و من هنا ، و فاضي و لا شغل و لا مشغلة .
بداية الهلاك .. بتجربة واحد من الشباب كانت علاقتي به جيدة و كنت دايم اشوفه يدخن ، كنت استغارب وش الفايدة اللي يستفيده من التدخين ؟

المهم سألته مرة وش فايدة الدخان ؟ قال تبي تجربه ؟ !
قلت هات << طبعاً كان اصغر مني و مستحقره ، قلت خير ان شاء الله مهب صاير ارجل مني بديت اشفط ، و مع اول شفطة كح كح كح ، و كانت هذه بدايتي بالتدخين في اواخرالمرحلة الثانوية و بالتحديد في عام 1421هـ ، كانت أول زقارة اخذتها بسبب حب التجربة .

و بعدها قال لي جرب الشيشة و رحنا لمقهى بحكم إن معي سيارة و هو لا ، و من الدجة طلبنا شيشة وحدة و قمنا نمزمز عليها احنا الإثنين ، و ما اعجبتني سالفة المشوار لأن اقرب مقهى منا كان و لازال يبعد أكثر من 40 كيلو هذا غير إن الشيشة مكلفة حبتين .

الإدمــان !!

بعدها بفترة طحت بالتدخين ، و صرت ادخن بخفية عن اهلي ، اتعطر و اكل علك و لازم قبل ما اروح لأهلي أوقف الدخان من نص ساعة على الأقل ، و كنت اعاني كثير من التدخين ، انواع الاحراجات في العزايم ، و انواع الاحراجات قدام اخوياي العاقلين ، و انواع الاحراجات اللي لو قلت نصها كان انهد حيلي ما كملت الموضوع ، فيه مقولة تقول ( الدخان أوله دلع ، و آخره ولع ) ، يعني إن التدخين بالبداية يكون استهبال و فضاوة و اكبر دافع له حب الفضول ، و لكن بعد فترة ، يكون مصيبة و هم و بلاء لا يمكن التخلص منه بسهولة .

مرت سنين علي و انا ادخن و لا كنت وقتها اعاني من أي مشكلة - صحية على الأقل - بل صرت أدخن في محاولة لاثبات الرجولة ! و كأن التدخين هو مفتاح الرجولة ! و احرق الروح قبل ما تروح ! بعد ما خلصت الصيفية و رجعت لمقاعد الدراسة كنت اعاني بشدة من التدخين ، صرت ابي ادخن ، و احاول ادور لي أي عذر علشان استأذن من المدرسة و اطلع ادخن ، و كنت في مرات كثيرة انجح كوني كنت طالب مهتم بالحضور و مجتهد قدر المستطاع و الفضل لله ثم للوالدين أطال الله بأعمارهم .

مــحــاولــة ..
حاولت أترك التدخين في كذا مرة من نفسي عجزت ! ، يمين يسار ماش عجزت ! جاء مجموعة من الشباب لمحافظتي و كان تبع جمعية مكافحة التدخين ، كانوا جايبين معاهم اختراع جديد على ما اعتقد شرق آسيوي ، و الاختراع كان كالتالي :

جهاز يطلع منه سلكين و يخلونك تسترخي على سرير او كرسي ، و يجيب قطعتين من فضة على ما اعتقد و يلصقهم بالقرب من الأذن على كل جهة من جهات الوجه، و كان الجهاز يعطي نبضات كهربائية خفيفة ، و الفائدة منها حسب ما يقولون هو افراز مادة (الاندروفين والانكفالين ) و هي مواد كفيلة بأن تنسيك الزقارة على الأقل لمدة ساعة ، مدة العلاج كانت ستة أيام ، سجلت معهم و دفعت لهم رسوم الاشتراك يوم أن كانت رمزية بـ 50 ريال ، انتظمت معهم بالجلسات ، و استطعت التوقف عن التدخين لمدة وصلت إلى أسبوعين كاملين ، و رجعت للتدخين بعدها بسبب مخالطة المدخنين ، و كانت تلك أول محاولة رسمية لترك التدخين .

نــكــســة !!
بعدما رجعت للتدخين رجعت بشكل مأساوي خطير ، صرت ادخن بشراهة غير منطقية ، بل أن زملائي المدخنين قالوا يا ليتك ما فكرت تتعالج ! حشرتنا الحين زيادة يا ليتك ما فكرت توقف استمريت على التدخين ، و حولت لأسوء نوع بنظري اللي هو الملبورو الأحمر ، و صرت ادخن بشراهة غير منطقية ، بكتين في اليوم أمر طبيعي ، ثم زادت بالتدريج إلى بكتين ونص إلى ما وصلت إلى ثلاثة بكتات باليوم ! و حاولوا تتخيلون كمية النـيكوتين اليومية ! !

أولى الأعراض ..
بعدها بفترة مرضت و تعب صدري ، و صرت اكح بشكل قوي ، حتى زهقت و مليت من التدخين و بقدرة قادر استطعت التوقف عن التدخين لمدة أعتبرها انجاز ، حيث أني توقفت عن التدخين لمدة 45 يوم متواصلة !! و يا ليتني واصلت ، للأسف في لحظة ضعف رجعت للتدخين . رجعت مثل ما كنت ادخن بشكل مجنون ، و لا يردعني شيء ، ادخن بحاجة و بدون حاجة ، صرت اطفي زقارة و اولع جديدة ، و على هالحال ، حشرت اخوياي بشكل مش طبيعي ، حتى المدخنين منهم يقولون يا اخي اترك التدخين و فكنا ، هذا و هم مدخنين ، وشلون عاد المساكين الغلابا الغير مدخنين؟ مع التدخين بشراهة ، بدء جسمي ما يتحمل اللي صاير ، و بدء صدري يحشرج ، و تطلع انواع الأصوات منه ، و انواع الصفير ، و الكحة صارت امر طبيعي مرة معي ، صرت عادي اكح بالدقيقة عشر مرات ، خلاص تأقلمت على الوضع ، و لا اهتميت ، وقتها كنت اشتغل في مستشفى لي أكثر من ثلاث سنوات ، و للأسف و اقولها بالفم المليان أن قطاع الصحة اعتقد و الله أعلم أنه ثاني قطاع في التدخين بعد القطاع العسكري ، منتشر فيه التدخين بشكل مخيف ، يعني ، اذكر كنا في المكتب عددنا 7 و المدخنين منا 5 !!

عشرين يوم !!
زادت الكحة عندي ، و اصبحت شديدة مرة ، بل وصل الحال بي إلى أني صرت من شد الكحة امسك بالجدار لا اطيح ! ، صرت أحس راسي يبي ينفجر من الكحة ، استمرت معي الكحة الشديدة إلى 20 يوم ! انهبلت ما قدرت اتحمل ، رحت مباشرة للطوارئ في المستشفى ، و قابلت دكتور من أعز الدكاترة علي ، و شرحت له وضعي ، بالكامل و أني اكح بشكل مش طبيعي ، قال طيب ، نكشف عليك و نشوف ، حط السماعة و الله و يسمع بصدري أنواع الأصوات ، حشرجات ، تصفير ، اشياء ما توصف ! ، حتى يقول لي خذ نفس عميق ، احاول ما اقدر ، قال يالله قوم سوي اشعة ، و اروح للأشعة ، و بعد ما خلصت رحت للدكتور و شفت الأشعة ، وقف الدكتور شوي ، و قال انتظر ، قلت وش فيه ؟ قال لا ما فيه إلا كل خير ، انتظرت جاء المدير الطبي بكبره ، و اسمعه يتناقش هو و الدكتور حول الأشعة !

الــنــتــيــجــة ..
جاء الدكتور و قال شوف ، الصراحة راحة ، و انا رجل بكلمك بصراحة ، و انت رجل عاقل منت صغير علشان اخبي عليك ، انت عندك بداية تليف بالرئة اليمنى !!

انا طارت عيوني وش تقول يا دكتور !! قال تعال شوف الأشعة ، و يقعد يشرح لي و يبين لي ، بصراحة ما اكذب عليكم و الله ضاقت بي الدنيا و كرهت نفسي ، و طلعت و من شدة الصدمة نسيت آخذ العلاج ، لا و طلعت و ولعت زقارة علشان افكر مضبوط !

انــتــقـلت بعدها بفترة و تحديداً بتاريخ 1429/7/20هـ جاني خبر تعييني في الرياض ، و قررت مع هذي الوظيفة أن اغير ما كنت عليه و أن احاول اغير حياتي و ابتعد عن التدخين ، و دورت لي شباب اسكن معهم و اهم شرط لي كان أنهم ما يكونون مدخنين علشان اقدر اترك التدخين ، دورت و دورت و دورت و للأسف ما حصلت إلا شقة وحدة و فيها اقارب لي و عددهم 3 و واحد منهم مدخن ، بس كان يعد مدخن مبتدأ جداً مقارنة بالتدخين اللي ادخنه انا ، صحيح وقتها خفيت و صرت ادخن من بكت إلى بكتين بالكثير .

حاولت من ثاني اسبوع لي في الرياض أن اتوقف عن التدخين من نفسي ما قدرت ، رحت لأقرب فرع لعيادة مكافحة التدخين ، باستخدام جهاز الملامس الفضي ، و جلست معاهم فترة اسبوع ، بس ماش ما قدرت و لا استفتد و لا وقفت أكثر من 4 ايام فقط .

بعدها وصلت لمرحلة يأس ، لأني في مرة من المرات استطعت الوقوف لمدة 45 يوم !! تسلل الإحباط و اليأس لداخلي ، و استسلمت وقتها ، و رضخت للمر اللي كنت عايش فيه ، كنت اتردد بشكل أسبوعي من الرياض للقصيم و العكس ، و فيني طبع و هو أني مستحيل المستحيلات أروح مع أحد ، يعني اللي يبي يجي معي حياه الله ، بس اروح مع أحد و في سيارته ، ماش ما اقدر ، و السبب لأني ما ابي ينتقدني و انا ادخن ، ابي اخذ راحتي في سيارتي .

في أحد الأسابيع و انا راجع من القصيم للرياض ، كنت ادخن كالعادة و كاس الشاهي ما يفارقني ، في ذاك اليوم انحشر صدري بقوة ، و حسيت إني ما اقدر اتنفس من التدخين ، و كرهت العيشة كره ، يوم وصلت الرياض على طول على الصيدلية ، كلمت المصري قلت عطني لصقات نيكوتين ، قال انت مدخن بشراهة و الا يعني ، قلت لا بشراهة و نص ! قال ما راح تفيدك لصقات الـنيكوتين ، قالت و الحل يعني ؟ استمر ادخن إلى ما اموت !؟ الــعــلاج قال لا فيه علاج ألماني جديد ، على شكل حبوب ، العلاج ما صار له شهر تقريباً داخل السعودية ، و لكن نجاحه جداً قوي ، و سبق و جرب في الإمارات العربية المتحدة من عام 2007 و جاب نتائج مذهلة ! بصراحة انبسطت من كلام الصيدلي ، و قلت هات ابي ارتاح و افتك ، العلاج اسمه champix صناعته المانية و سعره 177 ريال ، و والله لو كان بـ 1000 ريال اشتريته .

اخذت العلاج ، بعد ما سألته عن طريقة الاستخدام ، و بعد ما قريت النشرة المرفقة معه و كانت طريقته : في الثلاثة أيام الأولى نصف حبة كل يوم ، و في الأربعة أيام التالية نصف حبة في الصباح و نصف حبة في المساء ، و باقي فترة العلاج حبة في الصباح و حبة في المساء إلى نهاية فترة العلاج اللي هي 12 أسبوع .

اخذت أول حبة بالليل قبل ما انام << مستعجل و صحيت للدوام ، و معروفة زقارة الصبح و مزاجها عند المدخنين ، بصراحة ما دخنتها كنت في الأيام العادية ادخن اذا صرت في الدوام من 5 إلى 7 زقاير اذا كان الوضع عادي و مستقر ، و ترتفع الزقاير إلى 12 زقارة اذا كنت مضغوط من العمل .

المهم في أول يوم لي بعد ما اكلت العلاج نزلت ادخن بعد ما افطرت ، اخذت وحدة ، و كفتني ، و انا بالعادة ادخن ثنتين عادي ، بعدها بساعتين نزلت مرة ثانية بدخن الثانية ، و دخنتها ، و رجعت مرة ثانية لمكتبي ، بعدها بساعة نزلت ، و ولعت الثالثة ، و والله العظيم طفيتها ما كملتها !

مو كرهت طعمها ! لا بس احس إني خلاص ، ماني خرمان ، احس إني اخذت كفايتي من الدخان !
شعور اكتفاء و انتهاء للخرمة .

استمريت على العلاج و انا مبسوط ، و كان من ضمن شروط نجاح العلاج هو أن تحدد فترة اسبوع إلى اسبوعين توقف بعدها التدخين ، بعد أول حبة من العلاج ، بصراحة و لأني كنت طفشان بقوة من التدخين خليتها اسبوع ، و و الله العظيم يا اخوان إني قبل كنت ادخن بكت و نص إلى بكتين ما فيه مشكلة ، بس بعد العلاج صار يروح كم يوم و البكت ما خلص ! صار يجلس البكت يومين عاااااادي انبسطت ، و اعجبني الوضع ، راح شهر و انا تارك التدخين ، و انا ماني مصدق أبد ! راحت الخرمة و طارت ، خلاص ما عاد فيه شيء اسمه خرمه ، صرت اذا شميت دخان اتصدد ، و كأني ما سبق و دخنت ، راح شهرين و انا على العلاج ، صحتي تحسنت صدري تحسن كثيييييير ، التنفس ما يمكن اوصفه لكم ، شعور ما يوصف أبد ، كنت اصعد الدرج بالدوام و ما اوصل آخره إلا و انا منتهي ما اقدر اتكلم ! اتنفس بقوة و حالتي حالة .

اما الآن لا ، صرت اطلع الدرج و انا اركض ركض ، و اللي يبي يسابق حياه حــيــاة جــديــدة راح الشهر الثالث و الوضع من أحلى ما يكون و لا اروع و لا أجمل ، و انتهت فترة العلاج ، بدء وقت الجد الآن ، الآن تثبت فاعلية العلاج ، و هل فعلاً هو ناجح أو مجرد مسكن وقتي ، مضى ، اسبوع ، و اسبوعين و ثلاثة و تميت الشهر الخامس من التوقف عن التدخين و لله الحمد و المنة

ملاحظات :

1- راح تحس بشعور لا يمكن وصفه بعد التوقف عن التدخين ، و راح تحس بالإنتصار العظيم على نفسك .
2- العلاج لا يحتاج قوة ارادة ، فهو مخصص لضعيفي الارادة ، فقط اوعدني بالإلتزام بالعلاج فترة 12 اسبوع و انا اوعدك ما تدخن بحياتك مرة ثانية .
3- العلاج ماله أي اثار و لا اضرار جانبية ، و اهم ميزة فريدة فيه هو إنك تنسى سالفة الأعراض الانسحابية مثل الصداع الشديد و إلا الرغبة الشديدة للتدخين عند شم الدخان و إلا عدم التركيز .
4- خمسة من الزملاء نصحتهم بإستخدام العلاج ، منهم ثلاثة مدخنين و اثنين يشيشون ، المدخنين توقفوا توقف تام و الحمد لله ,اما اهل الشيشة فواحد قلل و الثاني لم يلتزم بالعلاج .

اسألكم بالله أن تنشروه و أن تدعوا لي بالصلاح و التوفيق و الزواج و الستر بالدنيا و الآخرة