التوحد هو إعاقة متعلقة بالنمو عادة ما تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وهي تنتج عن اضطراب في الجهاز العصبي مما يؤثر على وظائف المخ، ويقدر انتشار هذا الاضطراب مع الأعراض السلوكية المصاحبة له بنسبة 20 طفل من كل 10.000 تقريباً.
وتزداد نسبة الإصابة بين الذكور أربع مرات عن الإناث، ولا يرتبط هذا الاضطراب بأية عوامل عرقية أو اجتماعية أو ثقافية أو مالية.
أسباب التوحد:
لم يتم بعد اكتشاف أسباب قاطعة ومحددة للتوحد، ولكن هناك بعض الأبحاث والدراسات التي أجريت وبينت بعض الأسباب منها:
- أسباب بيولوجية.
- اختلاف في تركيب الدماغ وبشكل خاص في الجزء المسؤول عن الحركات اللاإرادية للجسم.
- اضطرابات جسمية مثل ( الأمراض الجينية، إصابة الأم الحامل بفيروس الحصبة، اختلال في التمثيل الغذائي).
أنواع التوحد الإكلينيكية:
1- التوحد الكامل: إضافة إلى عدم التكيف الاجتماعي، وغرابة النمط السلوكي، يتميز أيضاً بانعدام القدرة على التواصل مع الآخرين، وتأخر في المكتسبات اللغوية وعدم القدرة على الحوار أو ممارسة النشاط الحركي، فترة ظهور الأعراض تبدأ في عمر أقل من (3) سنوات و(50%) من المصابين بهذه الأعراض يتم تصنيفهم تبعاً لاختبارات الذكاء ضمن فئة التأخر الذهني أو المتخلفين عقلياً.
2- متلازمة أسبرجر: هذه الفئة لديها صفات وسلوك أمراض التوحد، ولكنهم لا يعانون من التأخر الذهني أو التأخر اللغوي، وبالرغم من عدم تأخرهم لغوياً لكنهم يعانون من أساليب غريبة في التحاور على سبيل المثال: ( أنا ولد مهذب وأغسل أسناني بالفرشاة) جملة سليمة التركيب، أما الطفل الذي يعاني من المتلازمة فقد ينطق الجملة بوضوح ولكن بالطريقة التالية: (ولد أنا مهذب فرشاة أسناني أغسل) فهو يعبر بطريقته عن نفسه.
3- أمراض التطور العامة: قد يعاني المصاب ببعض الصفات التوحدية التي قد تظهر في سن متأخرة وبشكل ليش بشديد الوضوح مثال ذلك ارتباط شخص ما بأي شيء قديم معدوم القيمة) مع التزامه بتكرار بعض العادات السلوكية الغريبة، أو ترديد بعض الكلمات الغير مفهومة، أما باقي سلوكياته فقد تكون طبيعية، فيبدوا في بعض الأحيان شخص طبيعي وبعضها الآخر يبدو كشخص غريب الأطوار.
التشخيص:
لعل هذا الأمر يعد من أصعب الأمور وأكثرها تعقيداً، حيث يقل عدد الأشخاص المهيئين بطريقة علمية لتشخيص التوحد، مما يؤدي إلى وجود خطأ في التشخيص، أو إلى تجاهل التوحد في المراحل المبكرة من حياة الطفل، مما يؤدي إلى صعوبة التدخل في أوقات لاحقة. حيث لا يمكن تشخيص الطفل دون وجود ملاحظة دقيقة لسلوكه، ولمهارات التواصل لديه، ومقارنة ذلك بالمستويات المعتادة من النمو والتطور.
ولكن مما يزيد من صعوبة التشخيص أن كثيراً من السلوك التوحدي يوجد كذلك في اضطرابات أخرى، ولذلك فإنه في الظروف المثالية يجب أن يتم تقييم حالة الطفل من قبل فريق كامل من تخصصات مختلفة، حيث يمكن أن يضم هذا الفريق: أخصائي أعصاب، أخصائي نفسي أو طبيب نفسي، طبيب أطفال متخصص في النمو، أخصائي علاج لغة وأمراض نطق، أخصائي علاج مهني وأخصائي تعليمي، والمختصين الآخرين ممن لديهم معرفة جيدة بالتوحد.
هذا وقد تم تطوير بعض الاختبارات التي يمكن استخدامها للوصول إلى تشخيص صحيح للتوحد.
أعراض مرض التوحد :
غالباً ما يظهر نمو الطفل التوحدي عادي بشكل نسبي، فالتوحد لا يمكن ملاحظته بشكل واضح حتى سن 24-30 شهراً بعد أن يلاحظ الوالدان تأخراً في اللغة أو اللعب أو التفاعل الاجتماعي، وقد تختلف أعراض الأشخاص المصابين بالتوحد، وبدرجات متفاوتة، وعادة ما تكون الأعراض واضحة من الجوانب التالية:
التواصل:
بحيث يكون تطور اللغة بطيئاً، وقد لا تتطور بتاتاً، يتم استخدام الكلمات بشكل مختلف عن الأطفال الآخرين، ويظهر اهتماماً أقل بتكوين صداقات مع الآخرين، كما أن استجابته أقل للإشارات الاجتماعية مثل الابتسامة أو النظر للعيون.
المشكلات الحسية:
استجابة غير طبيعية للأحاسيس الجسدية كأن يكون حساساً أكثر من المعتاد للمس، وأن يكون أقل حساسية من المعتاد للألم، أو النظر، أو السمع أو الشم.
اللعب:
يظهر قصور في اللعب التلقائي أو الابتكاري، كما أنه لا يقلد حركات الآخرين، ولا يحاول أن يبدأ في عمل ألعاب خيالية أو مبتكرة.
السلوك:
قد يكون مفرط النشاط أو الحركة أكثر من المعتاد أو تكون حركته أقل من المعتاد دون سبب واضح، وقد يصر على الاحتفاظ بشيء ما، أو التفكير في فكرة بعينها، أو الارتباط بشخص واحد بعينه، كما أن هناك نقص واضح في تقدير الأمور المعتادة، وقد يظهر سلوكاً عنيفاً أو عدوانياً أو مؤذياً للذات.
كما تظهر لدى الحالات المصابة بالتوحد على الغالب بعض الأعراض وليس بالضرورة وجودها مجتمعة، والتي تتراوح بين الحادة والطفيفة، ولكل عرض تنوع في شدته، وتلك الأعراض تكون عادة على النحو التاالي:
- لا يرغب بأن يحضنه أحد.
- يعمل على لف الأشياء ويستمتع بها.
- يضحك ويتحرك بشكل غير مألوف.
- صعوبة بالاختلاط بالأطفال الآخرين.
- لا يخاف من الخطر الحقيقي وانعدامه لديه.
- ضعف التواصل البصري أو انعدامه مع من يكلمه.
- زيادة في النشاط الزائد الملحوظ أو خمول مبالغ فيه.
- يردد العبارات التي ينطقها المتحدث.
- لا يجيد التغيير في الحياة ويقاوم التغيير فيها.
- لا يبالي يمن حوله، ولا يهتم بهم.
- يفضل الوحدة والانعزال عن الآخرين.
- قد لا يظهر إحساسه بالألم وقت الإصابة.
- يلعب بشكل مستمر، وبطريقة غير مألوفة وغريبة.
- لا يشارك الآخرين إلا عند إصرارهم على إشراكه ومساعدته.
- لا يبدي تجاوب مع طرق التدريس التقليدية.
- ارتباط وتعلق غير طبيعي بالأشياء.
- يستخدم يد الشخص البالغ بالإشارة لما يحتاجه.
- يتحدث بدون توقف عن الشيء نفسه.
- يظهر انفعالات مفاجئة ، فقد يظهر نوبات غضب شديدة أو تضايق غير معروف سببها.
- يظهر وكأنه أصم، حيث لا يستجيب للتعبيرات اللفظية.
- يجد صعوبة في التعبير عن احتياجاته، مستخدماً الإشارات أو الإيماءات بدلاً من الكلمات.
- المهارات الحركية الكبيرة والدقيقة متفاوتة لديه، فقد تجده لا يجيد اللعب بركل الكرة بينما لديه مهارة عالية في ترتيب المكعبات وتجميعها.
العلاج :
العلاج الدوائي:
مازالت تحت التجارب، فلم يتوفر حتى الآن علاج للإضطرابات التي تحدث في الدماغ وينتج عنها الإصابة بالتوحد، وقد يفيد العلاج الدوائي في علاج الأمراض المصاحبة كعلاج الصرع المصاحب.
التعليم الخاص (التأهيل) والعلاج التربوي:
يقوم عليه متخصصون في التربية الخاصة، بحيث يصمم برنامج تعليمي خاص بكل طفل متوحد يلائم ويفي بجميع احتياجاته المركبة مع ضرورة التأكيد على برامج التواصل( عن طريق التخاطب) والمشاركة في برامج التعامل الاجتماعي المناسبة لهذه الفئة.
العلاج النفسي والسلوكي والطبي:
ويقدم للآباء والأمهات القائمين على تربية طفل توحدي، لما لهذه الفئة من تأثير نفسي محبط على عائلته، كما يمكن تنظيم اجتماعات وحلقات تعارف بين تلك العائلات لتبادل الخبرات ولتوفير الدعم المعنوي من خلال متخصصون في مجال علم النفس والاجتماع والطب.
المفضلات