من وسائل إمتلاك أية صفة من الصفات الحميدة أن يتخيل ويتصرف الإنسان وكأنه يمتلكها بالفعل.

من كان غير شجاع، إذا تخيل وتصرّف وكأنه شجاع بالفعل، فسرعان ما يمتلك صفة الشجاعة فعلاً، و هكذا الأمر مع أية صفة ايجابية أخرى، وهذا ما يسمى التخيل الابتكاري.



فإذا كنت تشعر بالضعف و الدونية- لأي سبب من الأسباب- فحاول أن تتخيل و تتصرف و كأنك على العكس من ذلك تماماً، و ذلك كفيل بأن يغيّرك فعلا.

يقول مثل قديم: إذا أردت أن تكون قوياً في روحك، فتظاهر و كأنك قوي فيها. و فلسفة ذلك أن هنالك تأثيراً متبادلاً بين كل من الجسم والروح، فإذا كان أحدهماضعيفاً أمكن تقويته بالثاني.


فأحياناً يشعر المرء بضعف في معنوياته، فيكون الحلّ في الاعتماد على الجسم لتغيير ذلك عبر التصرف و كأن معنوياته عالية. و أحياناً يعاني الجسم من التعب، وهنا يمكن الحل في الاعتماد على الروح لإزالة التعب منه.
ألا ترى كيف أن خبراً ساراً كفيل ببعث النشاط في جسمك مهما كان جسمك ضعيفاً و يعاني من التعب، و بالعكس فإن خبراً مؤسفاً يجعلك تشعر بتعب شديد، مهما كان جسمك نشيطاً !!

إن البؤس قد ينبع من إظهار البؤس. بينما السعادة قد تولد من التظاهر بها.
فإذا كنت تريد تنشيط شخصيتك فعليك أن تغيّر من تصرفاتك، اي تغيّر طريقة تنفسك، و طريقة مشيتك و نبرات صوتك، فسرعان ما تشعر بالقوة تسري في أوصالك.

إن من لايفتأ يوحي إلى نفسه بالشقاء، والتعاسة، وضعف الشخصية فإنه يرسل إلى دماغه رسالةبالتصرف وكأنّه تعيس وضعيف حقاً.
و ليس على الدماغ حينئذٍ إلاّ أن ينفذ محتوى الرسالة ويطلب من الأعضاء التصرف حسب ذلك.

و بالعكس فإن من يوحي إلى نفسه بالقوة، و النشاط، و الابتهاج و التحدي فإنه ينفخ القوة في شخصيته. فمع الإيمان بالذات لا مجال للحزن، و الخوف، و الشعور بــالهوان. بل المجال كلّه هو لـــلاطمئنان، والشعوربالكرامة والعزّة.

وتوجد مقولة تؤكد أن «الفعل» و «الشعور» يسيران معاً،و انه تبعاً لذلك فإنه من خلال تعديل الفعل، الذي هو ضمن سيطرة الإرادة أكثر من الشعور، نستطيع أن نعدّل الشعور أيضاً بشكل غير مباشر.

و هكذا، فإن الممر الطوعي إلى قوة الشخصية، إذا ما فُقدت قوتها التلقائية هو أن نتصرف وكأنّنا أقوياء مسبقاً. فإن لم يستطع هذا التصرف أن يجعلنا نشعر بذلك، فلن يستطيع أي شيء آخر أن يجعلنا كذلك حينئذٍ.

و هكذا، لكي تشعر بالقوة، تصرّف وكأنك قوي، و استخدم إرادتك كلها في سبيل ذلك، و هي كفيلة بأن تحل موجة الشجاعة محل موجة الضعف.

إن الناس يعجبون بالأقوياء في كل زمان و مكان، فمهما يغُص قلبك إلى الأعماق،تقدّم بشجاعة، وتصرّف كأنك قوي و مقدام فعلاً.

وانت بإمكانك أن تقوم بتطبيق تقنية التخيل الابتكاري ، و تذكّر دائماً أن ما تؤمن به تستطيع أن تحقّقه بشرط أن تحاول تحقيقه، و تفرض ذلك على نفسك .