تكاد حياتنا اليومية تعتمد بشكل اساسي على الذاكرة في مختلف مفرداتها سواءاكانت تلك المفردات اعمالا جسمية او فكرية, فنحن لانبدأ حياتنا من جديد كل يوم وكل ساعة وكل لحظة بل هي عبارة عن سلسلة ارتباطات الحاضر بالماضي القريب او البعيد, وكلما ضعفت حلقات هذه الروابط ضعفت شخصية الانسان وتضاءلت حتى تفقد تسميتها كشخصية ولا ينفرد الانسان بالذاكرة فقط بل نجد لها دلالات واضحة لدى الكثير من الحيوانات الراقية التي ينسب اليها نوع من الذكاء الانساني مثل ـ الكلب ـ الذي لايميز اصدقائه فقط بل يذكر تفاصيل عاداتهم كالقفز والجلوس على ارجلهم او بين ايديهم, كما اثبتت التجارب ان القرود وبعض الحيوانات المائية والطيور تمتلك نوعا من الذاكرة. ومنذ اقيمت المدرسة كنظام للتعليم كانت الذاكرة السلاح الذي ينبغي ان يمتلكه الطالب كي يرتقي سلمها بصورة صحيحة واصبحت حياته الدراسية تعتمد على مدى قدرته في استظهار هذه المواد بقدر كاف ونسبة معينة هي ما تعرف بنسب النجاح فاذا خانته الذكرة قررت المدرسة فشله ذلك الفشل الذي له ابعد الاثر في حياته ومستقبله. واهمية الذاكرة لا تنصب في جانب معين من الموضوعات المعرفية دون غيرها , فدراسة الارقان والرموز ومركباتها في مادة الكيمياء تتطلب جهدا لا يفوق دراسة اللغات الاجنبية مع اختلاف اسلوب التعلم وبعض المتغيرات كالسن والظرف النفسي والاجتماعي والبيئة .... الخ.




وتؤدي الذاكرة دورا مهما في دراسة الفنون وبالذات تلك التي تعتمد على درجة كبيرة من المهارة اليدويةو فضلا عن ان هذه المهارة هي نوع من الذاكرة العملية, فان الفنان التشكيلي يحس بان مهارته في محاكاة الطبيعة تعتمد على قدرته في الاحتفاظ بالصورة البصرية الخاصة بموضوع صورته وتعرف الذاكرة بانها تلك الميزة لدى الكائنات الحية التب بفضلها تترك الاشياء المختبرة خلفها اثارا تقوم بتعديل التجربة والسلوك في المستقبل, وتاريخ الانسان سجل بفضل ما تسجله الذاكرة بما تشمله من التذكر والاسنحضار والادراك الجيد ولكن هذا التعريف شأنه شأن التعريفات الاخرى للذاكرة يقع في مطاف العمومية برغم صحة بعض اجزائه, ومن خلال استقراء الباحث للعديد من الدراسات التي اوردت تعريفات للذاكرة يمكن ان نخلص الى تقسيمها الى اربعة اقسام او مراحل تقود كل منها الى تلك التي تليها ولا تستكمل الذاكرة عناصرها الا باستكمال هذه الخطوات جميعا وهي:




1\ التعلم
2\ الحفظ
3\ التذكر
4\ التعرف




فالتعلم هو مجموعة التجارب المكتسبة والمبنية على معرفة حقيقة تصبح مادة للذاكرة ومع ذلك ان الذاكرة ليست لها القوة لتغيير ميولنا الطبيعية واستعداداتنا النظرية فالطالب ربما ينسى جدول الضرب لكنه لا ينسى الطعام عندما يمسه الجوع , والحفظ هو الخظوة التالية في عملية الذاكرة وهو يشكل حالة استقرار لاننا لانكرر ما تعلمناه كل دقيقة حرصا عليه من الضياع بل ان نظرو واحدة تكفي في بعض الاحيان لنتذكر حادثا من دون ان نحاول الاحتفاظ به قصدا, اما التذكر فهو عملية استرجاع تجربة من تجاربنا السابقة ويكون ذلك عادة بربط هذه التجربة مع تجاربنا السابقة المعروفة وعندما يكتشف المتعلم ان ما نذكره لايطابق الواقع وان كان يشبهه نحو الاجلبة عن سؤال تاءيخي مثل سنة سقوط بغداد 1528 م بدلا من 1285 م فذلك دليل على ان الخطأ يرجع الى عدم استكمال الذاكرة احد اصولها او مرحلها وهو التعرف وهو محاولة ارجاع ما نتذكره الى زمان ومكان معين وفي هذه العملية لا نحتاج الى جهد كبير من تذكر حقيقية منسية بل يكفي ان نعرف شيئا من بين مجموعة اشياء غير معروفة وتبدو هذه الحقيقية للوهلة الاولى سهلة ولكن صعوبتها تكمن في الاجابة عن كيفية حدوثها وهذا ما سيحاول هذا الموضوع ان يقدمه.