إذا تم العقل نقص الكلام ، ويقصد بنقص الكلام أن القائل الكيِّسَ العاقل يعرف موطن الكلمة فلا يتكلم قبلها ، ويعرف عدد كلماته فلا يتجاوزه ، إذ إن كل كلمة لم تفد المعنى وضوحاً ولم تعطه إجادة كانت زائدة ، وكل كلمة إذا ما حذفت من الكلام وظل الكلام مفهوماً والمعنى المراد واضحاً كانت تلك الكلمة زائدة وعبئاً على الجملة والكلام ، وإذا أردت السلامة والصيت الحسن فعليك بأربعة أشياء : احفظ لسانك ، وصن عينك عن تتبع غيرك ، وعاشر بما يحمد ، ودافع بالتي أحسن يكن لك الفوز ؛ فقد قيل :







إِذا رُمتَ أَن تَحيا سَليماً مِنَ الرَدى


وَدينُكَ مَوفورٌ وَعِرضُكَ صَيِّنُ


فَلا يَنطِقَن مِنكَ اللِسانُ بِسَوأَةٍ


فَكُلُّكَ سَوءاتٌ وَلِلناسِ أَلسُنُ


وَعَيناكَ إِن أَبدَت إِلَيكَ مَعائِباً


فَدَعها وَقُل يا عَينُ لِلناسِ أَعيُنُ


وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى


وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ


وإياك أخي القارئ وسوء الظن فإنه دليل على سوء فعالك ونيتك ، وما حملك على مثل هذا الظن إلا أنه بنفسك ما يوافق هذا الظن ، ثم إنك به تفقد صحابك ومن تخالطهم فقد قيل :


إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ


وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ


وَعادى مُحِبّيهِ بِقَولِ عُداتِهِ


وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ


،وانظر أخي إلى الأمور والشدائد بعين المترقب الذي ينظر تبدلاً وتغيراً ، فلا الشدائد تدوم ولا النعيم يبقى ، ولا يستمر أمر بحال ، إِذا تَمَّ أَمرٌ بَدا نَقصُهُ تَوَقَّ زَوالاً اِذا قيلَ تَمّ